أحكام النون الساكنة والتنوين

أحكام النون الساكنة والتنوين
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

علم التجويد

التجويد لغةً: التحسين، يُقال جوّدت الشيء أي حسّنته، أمَّا اصطلاحاً: فهو إعطاء كل حرفٍ حقّه ومستحقّه، وحق الحرف: هي الصفات الذاتية اللازمة التي يتميّز بها عن غيره من الحروف؛ كالجهر، والإطباق، والإصمات، ومستحقّ الحرف: هي الصفات العارضة التي تلازم الحرف حيناً وتفارقه حيناً آخر؛ كالإظهار، والإدغام، والإقلاب، والإخفاء، وأمَّاغاية علم التجويد فهي صيانة اللسان عن الخطأ عند تلاوة كتاب الله تعالى، وحكم تعلّمه فرض كفاية؛ أي إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، ولكن تطبيق أحكامه عند قراءة القرآن فرض عين على كل مسلمٍ، واختلف في أوّل واضعٍ لقواعد علم التجويد، فقيل: أبو الأسود الدؤلي، وقيل: الخليل بن أحمد الفراهيدي، وقيل: أبو القاسم عبيد بن سلام.[1]

أحكام النون الساكنة والتنوين

النون الساكنة: هي نونٌ ساكنة تثبت لفظاً وخطّاً، وصلاً ووقفاً، وتكون في الأسماء، والأفعال، والحروف، أمَّا التنوين: فهو نونٌ ساكنة زائدة تلحق آخر الأسماء لفظاً، وتفارقه خطاً لغير التوكيد، وتنقسم أحكام النون الساكنة والتنوين إلى أربعة أقسام، وتفصيلها على النحو الآتي:[2]

  • الإظهار: وهو عبارة عن إظهار النون الساكنة أو التنوين عند النطق بأحد حروف الحلق، وحروف الحلق هي: الهمزة، والهاء، والعين، والحاء، والغين، والخاء، ويجمعها أوائل قول القائل: "أخي هاك علماً حازه غير خاسر"، ويكون عند النون في كلمةٍ واحدة، كقوله -تعالى- في سورة الفاتحة: (أَنْعَمْتَ)،[3] ويكون الإظهار عند النون في كلمتين، كقوله تعالى: (مِن هادٍ)،[4] ولا يكون الإظهار عند التنوين إلا في كلمتين، كقوله تعالى: (عَذَابٌ عَظِيمٌ).[5][2]
  • الإدغام: الإدغام لغةً: إدخال شيءٍ في شيء، أمَّا اصطلاحاً: فهو إدخال حرف ساكن في حرفٍ متحرّكٍ بحيث يصيران حرفاً واحداً مشدّداً، وحروف الإدغام ستة، وهي: الياء، والراء، والميم، واللام، والواو، والنون، وجُمعت في كلمة (يرملون)، وينقسم الإدغام إلى قسمين، وهما على النحو الآتي:[6]
  • الإقلاب: يُعرّف الإقلاب في اللغة: بأنه تحويل الشيء عن وجهه، أمَّا اصطلاحاً: فهو قلب النون الساكنة أو التنوين إلى ميمٍ مُخفاةٍ مع غنّةٍ إذا أتى بعدها حرف الباء، والإقلاب له حرفٌ واحدٌ وهو: الباء، وتوضع إشارة ميمٍ عُكَّازيَّة (م) على النون للدلالة على الإقلاب في رسم المصحف الشريف، كقوله تعالى: (سَمِيعًا بَصِيرًا)،[11] وقول الله سبحانه: (مِن بَعْدِ).[12][13]
  • الإخفاء: الإخفاء لغةً: الستر، أمَّا اصطلاحاً: فهو النطق بالحرف بصفةٍ بين الإظهار والإدغام، من غير تشديدٍ مع ملاحظة حدوث الغنّة، إذا أتت النون الساكنة أو التنوين وأتى بعدها أحد حروف الإخفاء، وحروف الإخفاء خمسة عشر، وهي: الصاد، الذال، الثاء، الكاف، الجيم، الشين، القاف، السين، الدال، الطاء، الزاي، الفاء، التاء، الضاد، الظاء، قال الله -تعالى- في سورة آل عمران: (يَنصُرْكُمُ)،[14] وقول الله تعالى: (سَمِيعٌ قَرِيبٌ)،[15] وللإخفاء ثلاثة مراتب، وهي كالآتي:[16]
  • الإدغام بغنّة: حروف الإدغام بغنّةٍ أربعة، وهي: الياء، والنون، والميم، والواو، وجُمعت في كلمة (ينمو)، وشرطه أن تكون النون الساكنة أو التنوين في نهاية الكلمة الأولى، ويكون حرف الإدغام بغنّةٍ في بداية الكلمة الثانية، كقول الله جل جلاله في سورة الزلزلة: (وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ)،[7] وقوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ)،[8] أمَّا إن اجتمعت النون الساكنة مع حرف الإدغام في نفس الكلمة وجب الإظهار، ويكون عند حرفي الواو والياء، ويُسمى إظهاراً مطلقاً، وجاء في القرآن الكريم في أربعة كلماتٍ فقط، وهذه الكلمات هي: صنوان، وقنوان، والدنيا، بنيان.
  • الإدغام بغير غنة: للإدغام بغير غنّةٍ حرفان، وهما: اللام والراء، ووجه الإدغام فيه حذف الغنّة للمبالغة في التخفيف؛ لأن في بقاء الغنّة ثقلاً عند النطق به، كقوله تعالى: (وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ)،[9] وقوله تعالى: (أن لَّن يَنقَلِبَ).[10]
  • أعلى مرتبة: وهي التي تكون مع الطاء، والدال، والتاء، ويكون الإخفاء في هذه المرتبة أقرب إلى الإدغام.
  • أدنى مرتبة: وهي مع القاف، والكاف، ويكون الإحفاء في هذه المرتبة أقرب إلى الإظهار.
  • مرتبة متوسطة: وهي التي تكون مع باقي حروف الإخفاء، وتكون وسطاً بين المرتبة العُليا، والمرتبة الدُنيا.

والفرق بين الإخفاء والإدغام؛ أن الإخفاء لا يكون معه تشديد عند النطق به مطلقاً، وكذلك يكون إخفاء الحرف عند غيره لا في غيره، وأمَّا إدغام الحرف فيكون في غيره لا عند غيره، يُقال: أُخفيت النون عند السين لا في السين، ويُقال: أُدغمت النون في اللام لا عند اللام.[16]

أحكام الميم الساكنة

الميم الساكنة: هي الميم التي لا حركة لها، وتقع الميم الساكنة قبل أحرف الهجاء جميعاً ما عدا حروف المد الثلاثة؛ وذلك خشية التقاء الساكنين، وهو ما لا يمكن النطق به، وللميم الساكنة مع ما بعدها ثلاثة أحكام، وهي على النحو الآتي:[17]

  • الإخفاء الشفوي: للإخفاء الشفوي حرفٌ واحدٌ وهو الباء، فإذا أتت الميم الساكنة في آخر الكلمة، وأتى بعدها حرف الباء في بداية الكلمة، جاز الإخفاء في هذه الحالة، ويُسمّى إخفاءً شفوياً، ولا يكون الإخفاء الشفوي إلا في كلمتين، كقوله تعالى: (يَعْتَصِم بِاللَّـهِ)،[18] أمَّا وجه تسميته بالإخفاء؛ فلإخفاء الميم الساكنة عند التقائها بالباء، بحيث يتّحدان في المخرج، ويشتركان في أغلب الصفات، ويؤدّي الإخفاء في هذه الحالة إلى سهولة النطق، أمَّا وجه تسميته بالشفويّ؛ فلأن الميم والباء يخرجان من الشفة.
  • إدغام المتماثلين الصغير: لإدغام المتماثلين الصغير حرفٌ واحد وهو الميم، فإذا وقعت الميم الساكنة في كلمة، وأتى بعدها ميمٌ متحرّكة وجب الإدغام، ولا بد معه من الغنّة، كقوله تعالى: (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)،[19] ووجه تسميته إدغاماً؛ فلإدغام الميم الساكنة في الميم المتحركة، أمَّا وجه تسميته بالمتماثلين؛ فلأنه مكوّنٌ من حرفين متّحدين في المخرج والصفة، وأُدغم الأوّل منهما في الثاني، أمَّا تسميته بالصغير؛ فلأن الحرف الأول منهما ساكنٌ، والثاني متحرّك، وهذا هو سبب الإدغام.
  • الإظهار الشفوي: وحروف الإظهار الشفويّ ستٌ وعشرون حرفاً، وهي جميع أحرف الهجاء عدا الباء والميم، فإذا وقع أحد حروف الإظهار الشفوي بعد الميم الساكنة في كلمةٍ أو كلمتين وجب الإظهار، كقول الله -تعالى- في سورة نوح: (وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا)،[20] ووجه تسميته إظهاراً؛ فلإظهار الميم الساكنة عند ملاقاتها أحد حروف الإظهار الشفويّ، أمَّا سبب تسميته بالشفويّ؛ فلأن الميم الساكنة وهي الحرف المظهر تخرج من الشفتين، ويُنسب الإظهار إلى مخرج الميم، ولا يُنسب إلى مخارج الحروف الستة والعشرين التي تظهر الميم عندها؛ لأن حروف الإظهار الشفويّ لا تنحصر في مخرجٍ معيّنٍ حتى يُنسب الإظهار إليها، وإنما نُسب إلى مخرج الحرف المُظهر لضبطه وانحصاره، وسبب الإظهار الشفويّ هو بُعد مخرج الميم عن مخارج الحروف الستة والعشرين، ويكون الإظهار الشفويّ أشدّ إذا وقع بعد الميم حرف الواو أو الفاء؛ حتى لا يُتوهّم إخفاء الميم عندهما.

المراجع

  1. ↑ فريال العبد، الميزان في أحكام تجويد القرآن، القاهرة: دار الإيمان، صفحة 29-30. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمد ابن بلبان (2001)، بغية المستفيد في علم التجويد (الطبعة الأولى)، بيروت: دار البشائر الإسلامية، صفحة 34-35. بتصرّف.
  3. ↑ سورة الفاتحة، آية: 7.
  4. ↑ سورة الرعد، آية: 33.
  5. ↑ سورة البقرة، آية: 7.
  6. ↑ على الله أبو الوفا (2003)، القول السديد في علم التجويد (الطبعة الثالثة)، المنصورة: دار الوفاء، صفحة 58-61. بتصرّف.
  7. ↑ سورة الزلزلة، آية: 8.
  8. ↑ سورة القيامة، آية: 22.
  9. ↑ سورة المطففين، آية: 1.
  10. ↑ سورة الفتح، آية: 12.
  11. ↑ سورة النساء، آية: 58.
  12. ↑ سورة البقرة، آية: 27.
  13. ↑ صفوت سالم (2003)، فتح رب البرية شرح المقدمة الجزرية في علم التجويد (الطبعة الثانية)، جدة: دار نور المكتبات، صفحة 73. بتصرّف.
  14. ↑ سورة آل عمران، آية: 160.
  15. ↑ سورة سبأ، آية: 50.
  16. ^ أ ب محمود العبد (2001)، الروضة الندية شرح متن الجزرية (الطبعة الأولى)، القاهرة: المكتبة الأزهرية للتراث، صفحة 78-79. بتصرّف.
  17. ↑ عطية نصر، غاية المريد في علم التجويد (الطبعة السابعة)، القاهرة: القاهرة، صفحة 74-77. بتصرّف.
  18. ↑ سورة آل عمران، آية: 101.
  19. ↑ سورة البقرة، آية: 91.
  20. ↑ سورة نوح، آية: 12.