بحث عن غزوة بدر الكبرى

بحث عن غزوة بدر الكبرى
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

غزوة بدر الكبرى

الغزوة مصدر مرةٍ من الغزو، ويُعرف الغزو على أنه السير لقتال العدو، ومهاجمته في أرضه،[1] وتجدر الإشارة إلى أن غزوة بدر من الغزوات العظيمة التي خاضها المسلمون في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وردت الإشارة إلى غزوة بدر في العديد من سور القرآن الكريم، ومنها: سورة الأنفال، والدخان، وآل عمران، والحج، ويمكن القول أن أكثر السور ذكراً لغزوة بدر هي سورة الأنفال، حتى إن بعض الصحابة -رضي الله عنهم- أطلق عليه اسم سورة بدر، مصداقاً لما رُوي عن سعيد بن جبير أنه قال: (قُلتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: سُورَةُ الأنْفَالِ، قالَ: نَزَلَتْ في بَدْرٍ)،[2] وقد أشارت السورة الكريمة إلى أن غزوة بدر كانت الجولة الأولى بين الحق والباطل، حيث تم فيها ردّ الظلم والبغي، ونصرة المستضعفين من النساء، والولدان، والرجال، الذين لم يتمكّنوا من الهجرة إلى المدينة، وبعد أن استجاب الله -تعالى- دعاءهم هيّأ لهم هذه الغزوة العظيمة التي انتصر فيها المسلمون على الرغم من قلّة عددهم، وكثرة أعداد أهل الباطل، لتكون عبرةً للأجيال اللاحقة بأن النصر من عند الله.[3]

وتضمّنت سورة النساء بعض الآيات التي تحدّثت عن غزوة بدر، حيث قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّـهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا* إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا)،[4]وقد بيّن ابن عباس -رضي الله عنهما- سبب نزول الآيات الكريمة، حيث قال: "كانَ قومٌ من أَهْلِ مَكَّةَ أسلَموا، وَكانوا يستَخفونَ بالإسلامِ، فأخرجَهُمُ المشرِكونَ يومَ بدرٍ معَهُم، فأصيبَ بعضُهُم، فقالَ المسلِمونَ: كانَ أصحابُنا هؤلاءِ مسلِمينَ وأُكْرِهوا، فاستَغفَروا لَهُم".[3]

أسباب غزوة بدر الكبرى

دلّت الأحداث السابقة لغزوة بدر الكبرى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يرد القتال يوم بدر، ولم يعدّ العدّة لذلك عند خروجه من المدينة، وإنما خرج بجماعةٍ من الصحابة -رضي الله عنهم- ليستعيدوا بعض أموالهم التي سُلِبت منهم في مكة من قِبل قريش، حيث وصلت الأخبار إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مفادها أن قافلةً لقريش بقيادة أبي سفيان محمّلة بالبضائع والأمول عائدة من الشام، فقرّر الخروج إليه والاستيلاء عليها، فكان الهدف من الخروج استعادة المسلمين لبعض الحقوق المالية التي نهبها منهم كفار قريش، وقد أكّد ابن عباس -رضي الله عنهما- على ذلك، حيث بيّن أن بعض الناس خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعضهم لم يخرج، لأنهم ظنّوا أنه لم يخرج للقتال.[5]

أحداث غزوة بدر الكبرى

المجلس الاستشاري

بعد أن علِم أبو سفيان باستهداف المسلمين للقافلة، بعث إلى مكّة يستنفر قريش للدفاع عن أموالهم، فخرجوا متجهّزين للقتال، وبلغ عددهم ألف مقاتل، منهم ستمئة دارع، ومائة فرس، وسبعمئة بعير، ثم استطاع أبو سفيان النجاة بالقافلة، فأرسل إليهم يخبرهم بالأمر ويطلب منهم العودة إلى مكّة وعدم القتال، ولكن أبا جهل أصرّ على المضيّ قدماً وقتال المسلمين، وفي الجهة المقابلة كان عدد المسلمين ثلاثمئة وأربعة عشر رجلاً، وليس معه إلا فرسان، وسبعون بعير، وبعد أن وصلت الأخبار بنجاة القافلة، وتحرّك قريش، عقد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مجلساً استشاريّاً في وادي دفران، وسمع رأي أصحابه -رضي الله عنهم- بالمواجهة والقتال، فتكلّم أبو بكر، وعمر بن الخطاب، وعدد من الصحابة -رضي الله عنهم- وأحسنوا الكلام.[6]

ثم قام صحابي من كبار الأنصار وهو سعد بن معاذ -رضي الله عنه- وعبّر عن رأي الأنصار قائلاً: (فقد آمنَّا بك، وصدَّقناك، وشهِدنا أنَّ ما جئت به هو الحقُّ، وأعطيناك على ذلك عهودَنا ومواثيقَنا على السَّمعِ والطَّاعةِ، فامضِ يا رسولَ اللهِ لما أمرك اللهُ، فوالَّذي بعثك بالحقِّ، إن استعرضتَ بنا هذا البحر فخضتَه لخضناه معك، ما يتخلَّفُ منَّا رجلٌ واحدٌ)،[7] ففرح النبي -عليه الصلاة والسلام- لما سمع، وسار بالمسلمين إلى أن وصلوا أرض بدر.[6]

اندلاع المعركة

وعند وصول أرض المعركة اختار المسلمون موقعاً بحيث تكون مياه بدرٍ خلف خطوطهم حتى لا يستفيد منها المشركون، وبدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتنظيم الجيش، حيث أعطى اللواء الأبيض لمصعب بن عمير رضي الله عنه، وأعطى رايتين سوداوين لسعد بن معاذ، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، واصطفّ المسلمون كما يصطفّون للصلاة، وكان أوّل من قُتل رجلٌ من المشركين يُدعى الأسود بن عبد الأسد المخزومي، وكان شرساً، وسيّء الخلق فأقسم أن يشرب من حوض النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- قتله قبل أن يشرب، وكعادة الجيوش قديماً كانت تبدأ المعارك بالمبارزة، فخرج من المشركين ثلاثة فرسان، وهم: عتبة، وابنه الوليد، وأخوه شيبة، وخرج لقتالهم ثلاثةٌ من الأنصار فرضوا قتالهم، وطلبوا قتال ثلاثة من المهاجرين، فاختار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمّه حمزة بن عبد المطلب، وابنا عمّه علي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم.[8][9]

وما إن بدأت المبارزة حتى سقط المشركون صرعى على يد أبطال الإسلام، فاستشاط المشركون غضباً وسارعوا بالهجوم، فتصدّى المسلمون لهم، وحمي وطيس المعركة، وفي تلك الأثناء كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتضرّع، ويدعو ربّه، ويلحّ في الدعاء قائلاً: (اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إنْ تُهْلِكْ هذِه العِصَابَةَ مِن أَهْلِ الإسْلَامِ لا تُعْبَدْ في الأرْضِ)،[10] حتى سقط الرداء عن منكبيه، فجاءت البشرى من الله تعالى، ونزلت الملائكة لتقاتل مع المؤمنين، مصداقاً لقوله عز وجل: (إِذ تَستَغيثونَ رَبَّكُم فَاستَجابَ لَكُم أَنّي مُمِدُّكُم بِأَلفٍ مِنَ المَلائِكَةِ مُردِفينَ)،[11] ثم خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: (سَيُهْزَمُ الجَمْعُ، ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ)،[12] ثم أخذ -عليه الصلاة والسلام- حفنة من الحصى وألقى بها في وجوه القوم قائلاً: (شاهَتِ الوجوهُ)،[13] فلم يبقَ رجلٌ من المشركين إلا أصاب عينيه وفمه، وما هي إلا ساعات قليلة حتى انتهت المعركة بنصرٍ مؤزّرٍ للمسلمين، وهزيمةٍ ساحقةٍ للشرك وأهله.[8][9]

نتائج المعركة

نتج عن غزوة بدر الكبرى انتصاراً عظيماً للمسلمين، ومقتل سبعين رجلاً من كبار مشركي قريش، من بينهم فرعون هذه الأمة أبو جهل، وأُسِر سبعين آخرين.[9]

المراجع

  1. ↑ "تعريف و معنى غزوة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2019. بتصرّف.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4645، صحيح.
  3. ^ أ ب د. أمين بن عبدالله الشقاوي (8-6-2014)، "نظرة عامة لما نزل في بدر من القرآن"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2019. بتصرّف.
  4. ↑ سورة النساء، آية: 97،98.
  5. ↑ "الأسباب الحقيقية لغزوة بدر"، www.islamqa.info، 2008-4-9، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2019. بتصرّف.
  6. ^ أ ب محمد مسعد ياقوت، "غزوة بدر الكبرى .. وعلاقة القائد بجنده"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2019. بتصرّف.
  7. ↑ رواه أحمد شاكر، في عمدة التفاسير، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2/103، أشار في المقدمة إلى صحته.
  8. ^ أ ب "غزوة بدر الكبرى 2هـ"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2019. بتصرّف.
  9. ^ أ ب ت "غزوة بدر الكبرى .. يوم الفرقان"، www.islamstory.com، 2011-1-12، اطّلع عليه بتاريخ 6-5-2019. بتصرّف.
  10. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس وعمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1763، صحيح.
  11. ↑ سورة الأنفال، آية: 9.
  12. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2915، صحيح.
  13. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 6502، أخرجه في صحيحه.