بحث عن شمائل النبي عليه الصلاة والسلام

بحث عن شمائل النبي عليه الصلاة والسلام
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

التأسي بالنبي

قال الله تعالى بشأن الرسول عليه الصلاة والسلام: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا)،[1] وبناءً على ما يصدر من الرسول من الأفعال والأقوال فإنها تتفّرع إلى شقّين، فمنها ما هو عبادة، ومنها ما هو عادة، كما أن العبادات قد تكون خاصة به فقط، مما ورد دليل يثبت ذلك، وقد تكون العبادات عامة لكل المسلمين، وهو الأصل والغالب فيها، فمهمة الرسول تتمثّل تبليغ الناس بما يتعبّد به عن طريق الأفعال أو الأخبار أو الإقرار أو بكلّ الطرق السابقة، والعادات الصادرة عن الرسول عليه الصلاة والسلام فمنها قد تكون من غير إرادة التقرّب من الله تعالى، كالقايم بفعل ما عن طريق الصدفة، أو مجاراةً لأهل زمان معيّنٍ، وهي ما يطلق عليها الفقهاء الأفعال العادية، أو الأفعال المباحة، أو الأفعال التي لا يوجد فيها معنىً للقربة.[2]

أما الأفعال الصادرة عن الرسول عليه الصلاة والسلام بشكلٍ مفصّلٍ فتتنوّع إلى خمسة أنواع، الأول منها ما يكون في العبادات العامة، التي وردت لتخصص نص عام، أو تقيّد نص مطلق، أو تبيّن نص مجمل، مثل: أفعال الحج والعمرة، وصلاة الفريضة، وصلاة النافلة، وقطع يد السارق، والنوع الثاني يتمثّل بالأفعال الخاصة بالرسول، مثل الأميّة، والمتابعة في الصيام، والجمع بين أكثر من أربع زوجات، والنوع الثالث الأفعال الجبليّة، مثل القيام والجلوس والمشي، وتجدر الإشارة إلى أن مثل تلك الأفعال لا يتعلّق بها أمر أو نهي، والنوع الرابع الأفعال التي يقوم بها وفق العادات، مثل طول اللباس والشعر، وهذه الأفعال ليس القصد منها التشريع ولا العبادة إلا إن دلّ عليها دليل ما، وآخر نوع يتمثّل بالأفعال المطلقة التي لم يرد فيها دليل يبيّن القد منها إن كان للتقرّب من الله أم لا.[2]

شمائل النبي عليه الصلاة والسلام

الشمائل جمع شميلة، وهي الأخلاق والخصال والطِباع، فيقال رجل كريم الشمائل؛ أي أنه كريم الأخلاق وذا صفات حسنة،[3] وكان الجامع لجميع الشمائل التي حثّ عليها الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، وفيما يأتي بيان بعض شمائله التي اتّصف بها:

رحمة النبي

قال الله تعالى عن نبيه محمد: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)،[4] فالإسلام قائم على الرحمة، سواءً في الأصول فيه أم في الفروع، وكان محمد من أرحم الناس حتى أصابت رحمته الحيوانات،والآية السابقة تدلّ على أن الرسول أُرسل ليكون رحمة لجميع الناس وليس فقط للمؤمنين، ويفسّر ذلم بما تحدّث به ابن عباس رضي الله عنه: (من تبعه كان له رحمة في الدنيا والآخرة ومن لم يتبعه عوفي مما كان يُبتلى به سائر الأمم من الخسف والمسخ والقذف)، ومن المشاهد التي تدل على رحمة النبي مداعبته للصغار وملاعبتهم وتقبيبلهم.[5]

حِلم وصبر النبي

الحلم صفة عليا من صفات الله تعالى، ويدل على ذلك قوله: (قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّـهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ)،[6] كما أن الحلم من صفات الأنبياء عيليهم السلام، حيث قال الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: (إِنَّ إِبراهيمَ لَأَوّاهٌ حَليمٌ)،[7] وكان محمد صلى الله عليه وسلم يمتثل الحِلم في الكثير من المواقف في دعوته، ومن ذلك ما حدث في غزوة أحد عندما كُسرت رباعيته، وجُرح وجهه، فغضب الصحابة رضي الله عنهم، حتى قيل للرسول ادعُ على المشركين، فأجاب الرسول قائلاً: (إني لم أُبعَثْ لعَّانًا . وإنما بُعِثتُ رحمةً)،[8] ومن المواقف التي تشهد على حلم النبي ما حدث معه عندما ذهب مبلّغاً الدعوة لأهل الطائف، فشتموه، وسخروا منه، وجعلوا السفهاء يرشقونه بالحجارة، فصبر عليهم وتحمّل منهم الأذى، ودعا الله لهم، رغم أن الله تعالى أرسل إليه جبريل وملك الجبال ليأمرهما النبي بما يشاء، إلا أنه رفض ذلك، وبقي صابراً حليماً آملاً بهدايتهم.[9]

تواضع النبي

كان النبي عليه الصلاة والسلام متواضعاً في نفسه، وكان يأخذ رأي الصحابة رضي الله عنهم ويشاورهم في الأمور، ومما يدل على ذلك ما كان من النبي يوم غزوة الخندق، عندما أخذ برأي سلمان الفارسي، وحفر الخندق، كما أنه شارك الصحابة في حفره، وفي غزوة بدر أخذ الرسول عليه الصلاة والسلام برأي الحباب بن المنذر بوقوف المسلمين إلى الأمام من مياه بدر، ليمنع المشركين منها، وكان النبي يعمل برعي الأغنام، ودليل ذلك ما رواه عنه الصحابي أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال: (ما بعثَ اللَّهُ نبيًّا إلَّا راعيَ غنَمٍ، قالَ لَهُ أصحابُهُ: وأنتَ يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: وأَنا كُنتُ أرعاها لأَهْلِ مَكَّةَ بالقَراريط)،[10] فرعي الأغنام يرّبي النفوس على التواضع والذلّ لله تعالى، والصبر والتحمّل.[11]

حياء النبي

وصف الله تعالى حياء النبي عليه الصلاة والسلام قائلاً: (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّـهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ)،[12] ونزلت الآية في حادثة زواج الرسول عليه الصلاة والسلام من زينب بنت جحش رضي الله عنها، عندما دعا الرسول قوم فأكلوا، وبقوا ثلاثة منهم جالسين، ولم يذهبوا رغم أن النبي قام من المجلس، وعاد النبي ورآهم جلوس، فذهب، وبعد ذلك قام الثلاثة من المجلس، وبعد ذلك دخل النبي وأنزل الله تعالى عليه الآية المذكورة آنفاً، فحياء النبي تمثّل بعدم التحدّث إلى الثلاثة ليذهبوا من المجلس.[13]

المراجع

  1. ↑ سورة الأحزاب، آية: 21.
  2. ^ أ ب "حكم التأسي برسول الله في سائر حركاته وسكناته"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2018. بتصرّف.
  3. ↑ "تعريف ومعنى شمائل"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2018. بتصرّف.
  4. ↑ سورة الأنبياء، آية: 107.
  5. ↑ "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2018. بتصرّف.
  6. ↑ سورة البقرة، آية: 263.
  7. ↑ سورة التوبة، آية: 114.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2599، صحيح.
  9. ↑ "حلم النبي -صلى الله عليه وسلم- وصبره على الأذى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2018. بتصرّف.
  10. ↑ رواه الألباني، في صحيح ابن ماجة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1759، صحيح.
  11. ↑ "التواضع من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال السلف الصالح ؟"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2018. بتصرّف.
  12. ↑ سورة الأحزاب، آية: 53.
  13. ↑ "حياء النبي صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-11-2018. بتصرّف.