الاستغفار

الاستغفار
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

تعريف الاستغفار

يُعرّف الاستغفار بأنّه الطلب من الله -تعالى- بأن يمحو الذنوب، ويستر العيوب، وأستغفرُ فعل مضارع يُفيد الاستمرار، على العكس من الماضي الذي يفيد الانقطاع، والأصل بالاستغفار قول: اللهمّ اغفر لي، والاستغفار لغةً مشتقّ من المِغفر؛ وهو ما يلبسه المحارب على رأسه ليحميه ويستره، والغفور اسمٌ من أسماء الله الحسنى، وهو الذي يعفو عن ذنوب عباده، ويتجاوز عنهم، والهمزة في بداية كلمة أستغفر؛ تفيد التواضع والتخلّص من الكِبر، حيث إنّ نون الجمع تفيد التعظيم، وغالباً ما يتكلّم الله -تعالى- بنون الجمع، وأمّا العبد فيتكلّم بهمزة الإفراد التي تُفيد الضعف والتواضع.[1]

شروط الاستغفار

هناك مجموعة من الشروط التي يجدر بالمسلم أن يتحرّاها عند الاستغفار، وهي:[1]

  • السلامة من كسب الحرام، حيث روى أبو هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام، أنّه قال: (أيها الناسُ؛ إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلا طيِّباً، وإنَّ اللهَ أمر المؤمنين بما أمر به المرسلي، فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ، وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ، ثمّ ذكر الرجلَ يطيلُ السَّفرَ، أشعثَ أغبَرَ، يمدُّ يدَيه إلى السماءِ؛ يا ربِّ، يا ربِّ، ومطعمُه حرامٌ، ومشربُه حرامٌ، وملبَسُه حرامٌ، وغُذِيَ بالحرام، فأَنَّى يُستجابُ لذلك).[2]
  • اليقين بأنّ الله -تعالى- سيستجيب، فإذا دعا العبد ربّه موقناً بالإجابة، يستجيب الله -تعالى- له، فيُحقّق له ما سأل، أو يدفع الله -تعالى- عنه بلاءً، أو يدّخر له حسناتٍ يوم القيامة، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ادعوا اللَّهَ وأنتُم موقِنونَ بالإجابَةِ، واعلَموا أنَّ اللَّهَ لا يستجيبُ دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ).[3]
  • السلامة من الشرك، والكفر؛ فقد قال الله تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).[4]
  • ألّا يكون في الدعاء أي اعتداءٍ، ومثال ذلك سؤال الله -تعالى- عدم الموت، إذ إنّ في هذا الدعاء مخالفةٌ لإرادة الله تعالى.

فضائل الاستغفار

إنّ للاستغفار عدّة فضائل، منها:[5]

  • ورود الكثير من المواضع في القرآن الكريم التي امتدح الله -تعالى- فيها المستغفرين، ومن ذلك قوله: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ)،[6] وقد بيّن ابن كثير -رحمه الله- أنّ الآية الكريمة دلّت على فضل الاستغفار في وقت السحر، وممّا يدلّ على ذلك أيضاً أنّ النبي يعقوب -عليه السلام- كان يؤخّر الاستغفار لأولاده إلى وقت السحر.
  • الاستغفار سببٌ لدفع البلاء، ونزول البركات والخيرات، إذ إنّ الله -تعالى- وعد المستغفرين بكثرة الرزق، وفتح أبوب البركات من السماء والأرض، ورزقهم جناتٍ تجري فيها الأنهار فيها أنواع الثمار، والإمداد بالأموال والبنين، فقد قال الله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا).[7]
  • الاستغفار سببٌ لرحمة الله تعالى، وممّا يدلّ على ذلك قول الله تعالى: (لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).[8]
  • الاستغفار أمانٌ من العذاب؛ فقد روى ابن عباس -رضي الله عنه- أنّ مشركي قريش كانوا يطوفون بالبيت، ويقولون: (لبيك اللهمّ لبيك، لبيك لا شريك لك إلّا شريكاً هو لك تملكه وما ملك)، ثمّ يقولون: (غفرانك غفرانك)، فأنزل الله -تعالى- قوله: (وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فيهِم وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرونَ)،[9] وقال ابن عباس رضي الله عنه: (كان لهم أمنان؛ النبي عليه الصلاة والسلام، والاستغفار، فذهب النبي عليه الصلاة والسلام، وبقي الاستغفار).
  • الاستغفار يعدّ صفةً من صفات المتقين.
  • عبادة الاستغفار مأمورٌ بها العبد من الله تعالى.

تحديد عدد مرات الاستغفار

يعدّ الاستغفار من أعظم الأذكار التي وردت عن النبي، حيث يترتّب عليه التخلّص من الذنوب، ومن الجدير بالذكر أنّ الاستغفار ذكرٌ غير مُحدّدٍ بعددٍ، بل يُحبّب الإكثار منه، وقد وردت أدلّةٌ كثيرةٌ تُرغّب في الاستغفار، وتحضّ على الإكثار منه، كقول الله تعالى: (وَأَنِ استَغفِروا رَبَّكُم ثُمَّ توبوا إِلَيهِ)،[10] وعلى الرغم ممّا ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من أنّه كان يستغفر في اليوم مئة مرةً، أو سبعين مرةً، إلا أنّ ذلك لا يدلّ على تحديد عدد مرات الاستغفار، بل إنّ الزيادة على السبعين أو المئة جائزة ولا بأس بها.[11]

استغفار الأنبياء

كان الاستغفار سمةً من سمات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وإحدى المناهج المتّبعة في حياتهم، فقد كانوا يُداومون عليه، ويُكثرون منه، ومنهم: آدم -عليه السلام- عندما استغفر ربّه، ولجأ إليه تائباً نادماً هو وزوجته حواء، وكذلك نوح عليه السلام، وموسى عليه السلام؛ عندما أكثر من الاستغفار عندما قتل رجلاً من الأقباط، وكذلك صالح عليه الصلاة والسلام_ بعدما أمر قومه بعبادة الله وحده، وغيرهم الكثير، وقد اهتمّ خاتم الأنبياء محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بالاستغفار، فأولاه أهميةً كبيرةً، وممّا يدلّ على ذلك:[12]

  • كان الرسول محمد -صلّى الله عليه وسلّم- لا يحصر الاستغفار في المجالس الخاصّة، وإنّما يستغفر الله تعالى، ويُكثر من ذلك في المجالس العامّة أيضاً.
  • كان الرسول يستغفر كثيراً في دعائه، وكان يستغفر في صلاته في الركوع والسجود، وخاصّةً بعد نزول سورة النصر التي أخبرته بقرب أجله.
  • كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُعلّم الاستغفار لكلّ من دخل في الإسلام حديثاً، وكذلك لأصحابه رضي الله عنهم.
  • شجّع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على الاستغفار، وحثّ عليه.

المراجع

  1. ^ أ ب "معنى الاستغفار"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2018. بتصرّف.
  2. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1015، صحيح.
  3. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3479 ، حسن.
  4. ↑ سورة المائدة، آية: 27.
  5. ↑ "الاستغفار فضائله وفوائده"، saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2018. بتصرّف.
  6. ↑ سورة آل عمران، آية: 17.
  7. ↑ سورة نوح، آية: 10-12.
  8. ↑ سورة النمل، آية: 46.
  9. ↑ سورة الأنفال، آية: 33.
  10. ↑ سورة هود، آية: 3.
  11. ↑ "الالتزام بألف مرة من الاستغفار يوميا هل يعتبر بدعة؟"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2018. بتصرّف.
  12. ↑ "الاستغفار: سمة الأنبياء"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 23-6-2018. بتصرّف.