علامات محبة رسول الله عليه الصلاة والسلام

علامات محبة رسول الله عليه الصلاة والسلام
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

حكم محبة الرسول -عليه الصلاة والسلام-

محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واجبة على كل مسلم، فقد جمع الله -تعالى- كل ما يحبه الإنسان في كفة، وجعل حب الله ورسوله في كفة أخرى، حيث قال: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ)،[1] وبين الله -تعالى- لعباده أن محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طريق لمحبته سبحانه، حيث قال: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ)،[2] وثمة الكثير من الأدلة على وجوب محبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من السنة النبوية، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ).[3][4]

علامات محبة الرسول عليه الصلاة والسلام

إن حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان، وسبب لنيل محبة الخالق عز وجل، ووقاية من اتخاذ القدوات الفاسدة الضالة المضلّة، كيف لا وهو خاتم الأنبياء والمرسلين الذي بعثه الله -تعالى- هادياً ومبشراً ورسولاً للعالمين، وأوجب محبته والتحاكم إليه عند الاختلاف والتنازع، وأمر بطاعته والسير على خُطاه، وقد امتلأت قلوب المؤمنين بحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عبر العصور والأزمان، ويمكن إيجاز علامات محبته -عليه الصلاة والسلام- فيما يأتي:[5]

  • طاعة النبي عليه الصلاة والسلام: ففي طاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كبح لأهواء النفس، وتحكمٌ بشهوات القلب، ولذلك تُعتبر الطاعة أهم علامة من علامات الحب الصادق، وقد أمر الله -تعالى- عباده بطاعة رسوله -عليه الصلاة والسلام- وقرَنها بطاعته، حيث قال: (مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا).[6]
  • كثرة الصلاة عليه: حيث إن محبة الإنسان تؤدي لكثرة ذكره، ولذلك فإن المؤمن يُكثر من ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويصلي عليه، لا سيما أن للصلاة على النبي الكثير من الفضائل؛ فهي بركة ونور، وتوقير، وتعظيم، وسبب لصرف الهموم والأحزان.
  • الشوق للقاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورؤيته: وقد بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الشوق لرؤيته من علامات محبته حيث قال: (مِن أشدِّ أمَّتي لي حبًّا، ناسٌ يَكونونَ بَعدي، يودُّ أحدُهُم لَو رآني، بأَهْلِهِ ومالِهِ)،[7] وقد ضرب الصحابة -رضي الله عنهم- أروع الأمثلة في حب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والشوق لرؤيته، فقد رُوي أن بلال بن رباح -رضي الله عنه- كان يقول وهو على فراش الموت: (غداً ألقى الأحبة محمداً وصحبه).
  • حب ما يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويشمل حب كل من أحبهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الناس، والمخلوقات، والأكل، والشرب، والأوقات، والأماكن، والكلام، ومن ذلك حب آل البيت الطيبين الأطهار، فقد وصّى النبي -عليه الصلاة والسلام- بأهل بيته حيث قال: (وأهلُ بيتي، أُذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي، أُذَكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي، أُذكِّرُكم اللهَ في أهلِ بيتي).[8]
  • الغيرة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والدفاع عنه: إذ لا بُد من ترجمة المحبة القلبية لأفعال ملموسة، ولذلك يجب الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرد على الشبهات المفتراة حوله وحول سنته، والغضب لانتهاك حرمته أو انتهاك حرمة الإسلام.
  • التخلّق بأخلاق النبي عليه الصلاة والسلام: إذ ينبغي للمحب الاقتداء بحبيبه، ولذلك فإن التخلّق بأخلاق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علامة على حبه، لا سيما أنه كان قرآناً يمشي على الأرض، وقدوة حسنة لكل مؤمن، مصداقاً لقول الله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا ).[9]
  • تعظيم النبي -عليه الصلاة والسلام- وتوقيره: حيث إن التعظيم والتوقير من دلائل المحبة، وقد أمر الله تعالى عباده بتعظيم رسول عليه الصلاة والسلام، حيث قال: (لِّتُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)،[10] وقد بين ابن تيمية رحمه الله -تعالى- أن التعزير هو النصرة والتأييد والحماية من كل ما يؤذي، والتوقير هو التشريف، والتعظيم، والتكريم، والمعاملة بالسكينة والطمأنينة، ومن صور توقير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عدم رفع الصوت فوق صوته، مصداقاً لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)،[11] ورُوي أن رجلان رفعا صوتهما في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسمعهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأمر بهما، فلما أتياه سألهما عن المكان الذي قدِما منه، فأجابا أنهما من الطائف، فقال: (لو كنْتُما من أهل البلَدِ لأوجَعْتُكُما، تَرْفعانِ أصْواتكُما في مسجدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم).[12][13]

من صور محبة الصحابة للرسول -عليه الصلاة والسلام-

ضرب الصحابة -رضي الله عنهم- أروع الأمثلة في حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن محبته -عليه الصلاة والسلام- كانت الصفة المشتركة بينهم جميعاً، وقد ذكرت كتب السير والتاريخ الكثير من صور محبتهم له، ويمكن ذكر بعضها فيما يأتي:[14]

  • دفاعهم عنه وحمايته والتضحية بالنفس في سبيل ذلك: ومن المواقف التي خلّدها التاريخ لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه- موقفه عندما اجتمع كفار قريش حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مكة يريدون ضربه، فأسرع أبو بكر نحوهم وأخذ يدفعهم، فتركوا رسول الله واجتمعوا عليه يضربونه بنعالهم حتى سقط مغشياً عليه، فحُمل ولا أحد يشك في موته من شدة ما وجد من الضرب، فلما أفاق كان أول ما قاله: (ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)، قالوا: (هو بخير كما تحب)، فقال: (حتى أراه)، فحُمل إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فلما رآه تهلّل وجهه من شدة الفرح.
  • خوفهم من فراقه: فقد كانت قلوب الصحابة -رضي الله عنهم- تتفطر خوفاً عندما يفكرون في فراق رسول الله، حيث رُوي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج مع معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما بعثه إلى اليمن ليودّعه، ولما فرغ قال له: (يا معاذُ! إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري)،[15] فبكى معاذ -رضي الله عنه- جزعاً لفراق النبي عليه الصلاة والسلام.
  • شوقهم للقائه وحنينهم إليه: ففي أحد الأيام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذهب بلال بن رباح -رضي الله عنه- إلى الشام، فطلب الناس من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن يسأل لهم بلالاً أن يؤذن لهم، فسأله فأذن، فتذكر الناس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأجهشوا بالبكاء من شدة شوقهم إليه، حتى قيل أنه لم يُر يوماً أكثر بكاءً من يومئذ.

المراجع

  1. ↑ سورة التوبة، آية: 24.
  2. ↑ سورة آل عمران، آية: 31.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 15، صحيح.
  4. ↑ "محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-"، www.archive.islamonline.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-1-2019. بتصرّف.
  5. ↑ عادل هندي (17-9-2012)، "هكذا تكون محبة الرسول صلى الله عليه وسلم"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-1-2019. بتصرّف.
  6. ↑ سورة النساء، آية: 80.
  7. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2832، صحيح.
  8. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن يزيد بن حبان، الصفحة أو الرقم: 2408، صحيح.
  9. ↑ سورة الأحزاب، آية: 21.
  10. ↑ سورة الفتح، آية: 9.
  11. ↑ سورة الحجرات، آية: 2.
  12. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن السائب بن يزيد، الصفحة أو الرقم: 470، صحيح.
  13. ↑ "دلائل محبـة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- بين السنة والبدعة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-1-2019. بتصرّف.
  14. ↑ عبد الرحمن اللويحق (20-3-2016)، "محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-1-2019. بتصرّف.
  15. ↑ رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 5155، إسناده صحيح.