مراحل نمو الإنسان في علم النفس

مراحل نمو الإنسان في علم النفس

نمو الإنسان

يعرف النمو بشكلٍ عام بأنه سلسلة متكاملة متتابعة من التغييرات الفسيولوجية، والجسدية، والحركية، والحسية، بحيث تسعى هذه التغييرات إلى اكتمال نضج الفرد، فالنمو هو العملية التي تتفتح من خلالها الإمكانات الكامنة في الإنسان، وتظهر على شكل مهارات وقدرات وصفات، إضافةً إلى خصائص الفرد الشخصية.

النمو في علم النفس

يدل النمو في علم النفس على كافة التغيرات الفسيولوجية والجسدية من حيث الوزن، والطول، والحجم، إضافةً للتغيرات السلوكية والانفعالية والاجتماعية التي يمر بها الفرد في مختلف مراحل نموه.

مجالات النمو

  • نمو جسدي: ويشتمل على النمو الحسي والحركي.
  • نمو عقلي: ويشتمل على نمو التفكير والإدراك، إضافةً إلى اللغة.
  • نمو اجتماعي: وذلك من خلال نمو التواصل وتشكيل العلاقات الاجتماعية، ويرتبط هذا النوع من النمو بعلاقة وطيدة مع النمو الحسي والانفعالي.

إضافةً لما ذكر فإن علماء النفس يشيرون إلى وجود مظهرين رئيسيين في علم النفس يحددان دراسة النمو، المظهر الأول يكمُن في دراسة النمو العضوي، ويتضمن دراسة النمو الجسدي من حيث صفات الجسد، والفزيولوجي من حيث النمو لأجهزة الجسد المختلفة، أما المظهر الثاني فهو الذي يهتم بدراسة النمو الوظيفي، ويشتمل على نمو الوظائف الانفعالية والنفسية.

مراحل النمو

المرحلة الجينية

المرحلة الجينية هي مرحلة الحمل أو التأسيس، أي الأساس الحيوي لنمو الكائِن البشري، بدءاً من لحظة الإخصاب حتى لحظة الوضع، وهذه المرحلة تمثل الأشهر التسعة المكوّنة للإنسان.

مرحلة الوضع

بعد فترة الحمل التي دامت تسعة أشهر، تأتي لحظة الوضع، وهو خروج الجنين من العالم الداخلي الذي تكوّن فيه إلى العالم الخارجي، ليتابع نموه في هذا العالم في عدد من المراحل المتتالية.

مرحلة النمو منذ لحظة الوضع

تستمر هذه المرحلة من لحظة الوضع للطفل، وحتى عمر الأسبوعين، وهي على عدة جوانب؛ وهي:

يكون جلد الطفل مجعداً ومغطى بمادةٍ دهنية شمعية بعد لحظة ميلاده، وتزول هذه المادة بعد عدة ساعات، وتكون عظام الصغير لينة، وأطرافه غير متماسكة، ويصل طوله إلى خمسين سنتميتراً، أما وزنه فيكون حوالي ثلاثة كيلوغرامات، ويتابع نموه في المراحل الأخرى.

يرتبط سلوك المولود الجديد بعدد من الوظائف الفزيولوجية؛ كالمص والبلع، يليها الهضم والإخراج، ويمضي الرضيع معظم وقته نائماً، أما في مرحلة النمو الحسي فتكون فيها العين أقل اكتمالاً من الحواس الأخرى، لكنها تستجيب لأي ضوء ساطع، وتتحرك باتجاهه، لكن تناسق العينين في تلك المرحلة يكون غير تام، أما الجهاز السمعي فيكون كاملا، لكنّ حاسة الذوق تكون ضعيفة، ويستطيع الطفل في هذه المرحلة شم الروائح القوية، أما حاسة اللمس أو الإحساس الجلدي فتكون عالية جداً، ويعبر الرضيع عن إحساسه بالألم أو الجوع أو العطش عن طريق البكاء.

مرحلة نموه الحركي في هذه الفترة فتقتصر على عدد من الحركات اللاإرادية، وذلك بسبب عدم نضج جهازه العصبي، لهذا يقضي الرضيع معظم وقته نائماً أو عاجزاً عن فعل أي حركة؛ كالجلوس، والأكل، والتنقل من مكان لآخر.

تبدأ مرحلة الرضاعة بحسب علماء النفس بعد أسبوعين من ميلاد الطفل، وهي عملية الرضاعة العادية التي تستمر حتى عمر العامين، حيث يظهر فيها نموه الجسدي، والفزيولوجي، والحسي، والحركي، إضافةً إلى أنه يبدأ في تعلم النطق والكلام واكتساب اللغة، ثم تبدأ مرحلة تأكيد ذاته، وذلك من خلال انفصاله عن الأم بشكلٍ تدريجي، ومحاولة الاعتماد على نفسه، ويعتبر علماء النفس هذه المرحلة بأنها مرحلة اكتشافه للعالم الخارجي.

مرحلة النمو من عمر أسبوعين

تستمر هذه المرحلة من عمر الأسبوعين إلى العامين للطفل، وتشمل عدة جوانب؛ وهي:

في مرحلة نموه الفزيولوجي يستمر نمو أجهزة الجسم على اختلافها؛ كالجهاز العصبي، والعظمي، والتفسي، والغددي، والبولي، إضافةً إلى جهازه التناسلي، ويتميز في هذه المرحلة نمو الجهاز العصبي بسرعةٍ كبيرة.

تتميز مرحلة النمو الحسي بسرعة نمو الوظائف الحسية، بحيث يتمكن الطفل في هذه المرحلة من التمييز بين الأصوات على اختلافها منذ بداية الشهر الرابع، كما يزداد إحساسه البصري وضوحاً وتمايزاً، أما النمو الحركي في هذه المرحلة فيكون من خلال ضبط حركات الجسد فقط.

بالنسبة للنمو اللغوي فيبدأ بحسب علماء النفس منذ لحظة ولادته، ويتمثل في البكاء، ثم يتطور بعد الشهر الخامس إلى عدد من الأصوات المتنوعة التي تتمكن الأم من فهمها؛ كالمناغاة، وابتداءً بالشهر الثامن يبدأ الطفل بنطق الحروف الحلقية (آ)، ثمّ تظهر الحروف الشفوية (با، ما)، وتظهر بعدها الحروف السنية (ت،د)

نمو الطفل الاجتماعي يبدأ منذ النصف الأول من عامه الأول، وذلك من خلال استجاباته الاجتماعية لوالديه والمحيطين به، وتزداد تلك العلاقات نموا مع الأطفال، وتتميز هذه الفترة بتأثر الطفل بجو الأسرة العام.

تتميز مرحلة تطور الطفل الانفعالي بقصرِ مداها، وسرعتها، وتحولها، فهي عبارة عن عدد من الانفعالات المتذبذبة، وقد يؤدي توتر الطفل الانفعالي إلى عدد من ردود الأفعال؛ كمص الإصبع، أو كثرة الصراخ، أو التبول، أو ربما يحدث إسراف انفعالي، فتارةً تراه يبكي، وأخرى يضحك، وسرعان ما يخلد إلى الهدوء وكأنه لم يحدث شيء.

فيما يخص مرحلة النمو النفسي الاجتماعي، فقد أطلق (إريك إريكسون) عليها اسم مرحلة الثقة مقابل عدم الثقة، وتعني التغلب على عدم الثقة، واكتساب الثقة، وتتمثل بشعور الطفل بالألفة في محيطه، فهذا الأمر يمكنه من اكتساب الثقة في نفسه وسلوكه مع من حوله من الناس، وخاصةً والديه، إما إن لم يتوفر جو الألفة فإنه ينمو بخوف وعدم ثقة.

شرح (جان بياجي) مرحلة النمو العقلي في نظريته التي اهتمت بدراسة مجموعة من المفاهيم الأساسية لدى الطفل، مثل: مفهوم الزمن والأشياء، والمكان، إضافة إلى مفهوم العدد، وأطلق على هذه المرحلة اسم المرحلة الحسية الحركية؛ لأنّ الطفل في شهره الأول يمارس أفعالاً بدائية منعكسة، تتحول مع مرور الوقت إلى ردود أولية للأفعال، ويبدأ فيها نوع من التآزر بين الفم واليد، ثم تتحول تدريجياً إلى أفعال ثانوية، وفي هذا المرحلة يبدأ الطفل في تأمل الأشياء حوله، يليها تكوين العلاقات الحسية، ومع بلوغه العام الأول من عمره تظهر ردود الأفعال الثلاثية، والتي ينسق الطفل فيها نشاطه، وتطبيقه في عدد من المواقف الجديدة، ويتحول إحساسه وسلوكه بتجريب واكتشاف عدة أمور أخرى، ومن هنا يبدأ بالكلام.

مرحلة الطفولة المتأخرة

تمتدّ هذه المرحلة من عمر ستة أعوام، وحتّى عمر الثانية عشرة، ويتميّز هذا العمر ببداية ظهور علامات البلوغ في أواخر هذه المرحلة، وفي هذه المرحلة يبدأ الطفل بالاستقلال التدريجي والجزئي عن أسرته، إذ يعتمد على نفسه في قضاء جل حوائجه ومتطلباته، إضافة لهذا تكون لديه القدرة على مواجهة الأحداث التي تعترضه، ويشهد جسده العديد من التغيرات؛ كاستبدال الأسنان اللبنيّة بالدائمة، كما تصبح عظامه أقوى.

مرحلة البلوغ

  • تكون هذه المرحلة عندما يبلغ الفرد سواء ذكر أو أنثى الثالثة عشر أو الرابعة عشر من العمر، والبلوغ يعني أن يكون لدى الشخص القدرة على الإنجاب، وفي هذه المرحلة يتعرض الشخص لتغييرات كبيرة جسديّة وعقليّة، إضافة للتغيرات الجنسيّة الناتجة عن إفراز الغدّة النخاميّة للهرمونات الجنسيّة عند كلا الجنسين.
  • في هذه المرحلة يميل الفرد إلى الاستقلال بنفسه عن أسرته، بحيث يمضي جلّ وقته مع أصدقائه، حيث يزداد تعلقاً بهم، إضافةً لبحث الفرد عن المثل العليا في حياة العظماء والمشاهير ليقتدي بهم، وفي المقابل فإنه حساسيته لمحيطه الاجتماعي تزداد.

مرحلة المراهقة

مرحلة المراهقة هي المرحلة العمريّة الممتدّة من عمر 15-21 عاماً، وهي من أصعب الفترات التي تمر على الإنسان، حيث تعدّ هذه المرحلة هي الاختبار الأوّل والأهم في حياته الممتدّة، فمن المعروف بأنّ حياة الإنسان في كافة المراحل اللاحقة ترتبط بشكل كبير بمراهقته، ويمر الإنسان في هذه المرحلة بالعديد من الصعوبات والتحديات، وهي:

  • حدّة التعامل والعصبيّة.
  • محاولة التمرّد والتفرّد برأيه.
  • ممارسة العادة السريّة، وتعرضه لمشاكل جنسيّة.
  • التخبّط والصراع الداخلي.

مرحلة اليأس أو سن اليأس عند المرأة

سن اليأس هو سن الانقطاع الدائم عن الخصوبة، وتكون بالوضع الطبيعي من عمر 45-55 عاماً، وتعرف هذه المرحلة باسم العمر الثالث، وفي هذه المرحلة تحدث الكثير من الآثار النفسيّة؛ كالهياج، واضطراب المزاج، وسرعة الشعور بالتعب، ومشاكل في التركيز، وفقدان الذاكرة، والقلق او الاكتئاب، والاضطرابات في النوم.

مرحلة الشيخوخة

مرحلة الشيخوخة هي مرحلة التقدّم بالعمر والهرم، وتنتج هذه المرحلة عن التنامي، وتبدأ من عمر 60-65 عاماً، والشيخوخة هي حالة تعبّر عن حدوث تغييرات جذريّة تحدث في الأنشطة الاجتماعيّة التي اعتاد الفرد عليها، حيث إنّ مرحلة الشيخوخة تعتبر مرحلة هجر الأدوار السابقة والعلاقات الاجتماعيّة، وينتج عن هذا الأمر العديد من العقد والمشاكل النفسيّة، والتي تفقد الفرد ثقته بنفسه، لشعوره بأنه عبء على محيطه ومجتمعه.