مفهوم الحب الحلال

مفهوم الحب الحلال

الحب

إنّ الحبّ من أسمى المشاعر التي يعيشها الإنسان، ويُمكن تعريفه بأنّه الميل اللاإرادي إلى شخصٍ ما أو الإعجاب به أو بسلوكه وتقبّله بإيجابيّاته وسلبياته؛ فالإنسان بِطبيعته مخلوقٌ على الحبّ، ولكن علينا أن نَفهم الحب بمعناه الحقيقي والذي حلله الشرع، ولنستطيع فهمه نطرح مجموعة من الأسئلة: ما هو الحب الحلال؟ وكيف نعلم أنّ هذا الحب خالٍ من أي شبهة ؟ وما أشكال الحب الحلال؟

الحب في القرآن والسنة

إنّ الحبّ وارد في القرآن والسنة؛ فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: (والَذين آمنوا أشدُ حباً لله)، وعن أبي هُريرة رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: (سبعةٌ يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله، إمامٌ عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجلٌ تصدّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تُنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) [متفق عليه]، وهذا إن دلّ على شيء فيدلّ على مشروعيّة الحب بصورته الراقية ، فما دام الحب لا يحمل تصرفاً يغضب الله فيمكن تصنيفه بأنه حبٌّ حلال.

يكون الحب نزيهاً ونقياً ما دام ليس فيه تصرّف أو سلوك شاذ عن الفطرة السليمة، فالله خلق الإنسان الذي لا يَستطيع التحكّم بمشاعره؛ فهي بيد الله وحده، والإنسان لا يؤاخذ بميل قلبه لأحد، أما ما يُحاسب عليه الإنسان فهي تصرفاته التي تتبع شعوره فإن كانت خيراً فخير وإن كانت سيئة فيؤاخذ عليها ويحاسب، ولذلك يجب على الإنسان أن يراقب نظره وسمعه وحواسه كلها، فيقولون في النظرة :

كُلُّ الْحَوَادِثِ مَبْدَاهَا مِنَ النَّظَرِ

كَمْ نَظْرَةٍ فَتَكَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا

يقولون أيضاً (النظرة سهم مسموم فأثرها يستمر وإن غَاب المنظور إليه تشغل فكرًا فتورث همًا، وتبذر شهوة فتنبت هوى، شأنها شأن السهم المسموم، فإن السمّ يظل يسري منه إلى الجسم وإن نزع السهم من موضع الإصابة) [صفقات رابحة، خالد أبو شادي، (11)] وهذا دليل على خطورة النظرة إن كانت في فاحشة أو ما يؤدي إليها وهذا ينطبق على الحواس كلها، وإن راقب الإنسان نفسه ضمن أن يكون الحب نقياً خالياً من أي شبهة.

أشكال الحب الحلال

للحب الحلال أشكالٌ وأصنافٌ مختلفة وكثيرة يُمكننا ذكر عدد منها وعلى رأسها حب الإنسان لله وهو أرقى أنواع الحب الحلال؛ فحبّ الإنسان لربه يكون بالإيمان به واتباع أحكامه واجتناب نواهيه والمداومة على ذكره وشكره على نعمه؛ و بهذا يكون الإنسان قد مارس صورة من صور الحب الحلال التي شرعها الله، ونذكر أيضاً حبّ الإنسان لوالديه وحب الوالدين لأولادهما أيضاً هو حب حلال؛ إذ إنّه حب فطري يوجده الله في نفس الوالدين والأبناء ليس فيه مصلحة أو هدف سوى رضا الله، أمّا حب الزوج لزوجته والزوجة لزوجها فهو فطرة أوجد الله الإنسان عليها، ففيه يكون الاستقراروالسكينة والمودة، وبناءً عليه ينشأ أطفال مستقرّين نفسياً وفكرياً وسلوكياً.

لأنّ الحب شعور فطري لا يستطيع أحد العيش دونه وجب على الإنسان أن يتحرّى الحب الحلال الصافي الذي شرعه الله وحثّ عليه في كتابه العزيز وسنة نبيه الكريم ليكون راقياً لا زيف فيه ولا تشوبه شائبة .