مفهوم الإنسان في القرآن الكريم

مفهوم الإنسان في القرآن الكريم
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الإنسان والديانة الإسلامية

ظهرت في بلاد الشرق الأوسط الديانات التوحيديّة: كالديانة المسيحيّة واليهوديّة والإسلاميّة، حيث تُنادي جميع هذه الديانات بالمساواة بين أفراد المجتمع، وعدم التمييز بينهم على أساس الدين أو الجنس أو العرق؛ لأنّ كلّ بني آدم من أصل واحد، وهذا ما أكّدته الأبحاث والدراسات الخاصّة بتحليل جينات الإنسان.

ويؤمن المسلمون على وجه الخصوص أنّ آدم هو الأب لجميع الكائنات الإنسانيّة الموجودة على وجه الأرض، وهو الذي بدأ الدعوة إلى عبادة الله عزوجل، حتّى انتهت هذه الدعوة بخاتم النبيّين -محمّد صلّى الله عليه وسلّم- الذي وُهِبَ معجزة خالدة هي القرآن الكريم، وممّا لا شكَّ فيه أنّ القرآن الكريم احتوى على كثير من الآيات التي تبيِّن مفهوم الإنسان في الشريعة الإسلاميّة، لهذا سنقدِّم لكم في مقالنا نبذة بسيطة عن مفهوم الإنسان في القرآن الكريم.

مفهوم الإنسان في القرآن الكريم

تعريف القرآن الكريم للإنسان

الإنسان كائن بشري مكوّن من طبيعة ماديّة وروحيّة، وهو خليفة الله عزّوجل على سطح الكرة الأرضيّة، لأنّه المسؤول عن عمارة الأرض واستصلاحها، والعمل في سبيل تطوير المجتمعات البشريّة من النواحي الماديّة والروحيّة والمعنويّة والدينيّة، وبناء كلّ ما يلزم الحياة في المهن الآتية : الزراعة والصناعة والتجارة وغيرها.

مراحل خلق الإنسان في القرآن الكريم

  • المرحلة الأولى: خلق الإنسان في البداية من تراب، كما ورد في سورة آل عمران حيث قال تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) [آل عمران، 59]، فالنص صريح يُحدّد لنا أن آدم عليه السلام كائن بشري مخلوق من التراب، ولعلّ هذا الخلق يمثل الصلة بين الإنسان والخلافة على الأرض.
  • المرحلة الثانية: خلق الإنسان من طين حيث يقول الله عزوجل: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ) [ص، 71]، والطين هو التراب المختلط بالماء، لهذا يُعتبر الماء في حياتنا العنصر الأساسيّ والضروريّ لجميع الكائنات الحيّة كما قال تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء، 30].
  • المرحلة الثالثة: خلق من طين لازب، والمقصود به الطين الذي يلتصق باليدين عند لمسه، كما قال تعالى: (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ) [الصافات، 11].
  • المرحلة الرابعة: من حمأ مسنون، وهو الطيب الأسود الذي يتغيّر، علماً أنّ الطين عندما يُترك لفترة معيّنة من الزمن يتحوّل إلى حمأ مسنون.
  • المرحلة الخامسة: من صلصال، وهو الطيب اليابس الذي يخرج منه صوت يُسمى (صلصلة)، ويخرج منه هذا الصوت عند النقر عليه وعدم مساسه بالنيران.
  • المرحلة السادسة: أصبح الإنسان كالفخّار.
  • المرحلة السابعة: نفخت فيه الروح، وتُعتبر هذه المرحلة آخر المراحل في خلق الكائن الجديد، والإنسان الأول وهو آدم عليه السلام.

الإنسان بين المادية والروحية بحسب القرآن الكريم

الإنسان روح، لأنّه يتحرّك وإلا يكون جماداً كالحجر، وبصفته أيضاً مادّة لأنّه محسوس، وكذلك هي الأمانة التي أرادها الله إليه ماديّة، وموجودة في روحه، لهذا فإنّ وجود الروح في جسم الإنسان يحرّكه، ووجود إيمانه بالغيب يجعله يُطبّق جميع أركان الإسلام، ولا يستطيع الإنسان القيام بالأمانة التي كلّفه الله بها إلا في ظل الشريعة الإسلاميّة، وتحقيق مبادئها، وأهمّ أسسها وأهدافها، وتتمثّل هذه المبادئ في حفظ الدين والعقل والنفس والمال والنسل.

بالإضافة إلى ذلك يجب تحقيق العمران الإسلامي، وترتيب الأولويّات بحسب احتياجات الإنسان ورغباته، فهناك ضرورات لا يُمكن نجاح الحياة إلا بها؛ لأنّ فقدها يضرّ بالمصلحة الدنيويّة والأخرويّة، وبعدها تأتي الحاجيّات التي يؤدّي وجودها إلى رفع الضيق عن حياة الإنسان، وبعدها تأتي التحسينات التي توفّر الأشياء الكماليّة للإنسان.

ويجب أن يعرف الإنسان أنّ الضروريات والحاجيّات والكماليّات، منها ما هو حرام وما هو حلال، فالإنسان مطالب لتحقيق النفع والفائدة والعمران في هذه الدنيا بتطبيق شريعة الله عزوجل، والابتعاد عن محرّماته، ولكي يتمكّن الإنسان من تحقيق ذلك يجب السعي في الحياة الدنيا بناء على الفطرة التي فطر الله بها عباده، ولكن في نطاق الشرع والدين؛ لأنّ المنهج الديني الذي وضعه الله هو منهج حيويّ ومتكامل، ومناسب لجميع الأزمان والأماكن.