مفهوم تلوث التربة

مفهوم تلوث التربة
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

مفهوم تلوُّث التربة

تُعرَّف التربة بأنّها الموادّ العُضويّة، وغير العُضويّة الموجودة على سَطح الأرض، وهي البيئة التي تنمو فيها النباتات، وتتطوَّر باستمرار ولكن بشكل بطيء؛ وتتكوَّن التربة من موادّ غير عضويّة، كالمعادن، والصخور التي تُصبح من مُكوِّنات التربة؛ بسبب العمليّات الميكانيكيّة، أو الكيميائيّة التي تُعرِّضها للتكسُّر، كما تتكوَّن التربة من موادّ عُضويّة تأتي من الكائنات الحيّة التي تتحلَّل كالنباتات، والحيوانات.[1] وقد تتعرَّض التربة لمشاكل عديدة، أهمُّها التلوُّث، الذي يُعرَّف بأنّه تَعرُّض التربة لبعض الموادِّ الكيميائيّة، أو أيّة موادّ تُعتبَر غير مُكوِّنة للتربة، أو يزيد تركيزها عن النسبة الطبيعيّة، إذ إنّ بعض هذه المُلوُّثات ذاتُ أَصْل بشريّ، وبعضها طبيعيّ، ويَكمُن الخطر في أنّ تلوُّث التربة غيرُ مَرئيّ، وله تأثير مباشر في الأمن الغذائيّ على مستوى العالَم.[2]

مصادر تلوُّث التربة

تتعرَّض التربة للتلوُّث؛ بسبب تعرُّضها لموادَّ من مصادر مُختلِفة، وتُقسَم مصادر التلوُّث حسب طبيعتها إلى نوعَين رئيسيَّين، هما:[2]

التلوُّث الطبيعيّ

  • التلوُّث بالمعادن الثقيلة: قد تتعرَّض بعض الصخور للتجوية في بعض المناطق التي تحتوي على صخور ذات معادن ثقيلة، كتجوية الصخور الحاملة للكبريتيد، ممّا يُؤدّي إلى ارتفاع تركيزها في طبقات التربة.
  • التلوُّث بالعناصر المُشِعّة: تُوجَد في بعض الصخور عناصر مُشِعّة، إذا ازدادت نسبة تركيزها في التربة؛ بسبب تعرُّضها للعوامل الطبيعيّة المُختلِفة، فإنّها ستؤدِّي إلى تعرُّض التربة للتلوُّث بموادَّ خطيرة، وبالتالي ستُشكِّل خطراً كبيراً على صحّة الإنسان، وعلى الطبيعة، ومن هذا العناصر: النويدات المُشِعّة، والزرنيخ، وغيرها من العناصر، ويرتفع النشاط الإشعاعيّ الطبيعيّ بشكلٍ أكبر في الصخور الحمضيّة، والناريّة، والصخور الغنيّة بالفلسبار، والفيليت، كما ينبعثُ عنصر الرادون المُشِعّ بشكل أكبر من التربة التي تحتوي على الكربونات.
  • التلوُّث بنواتج الظواهر الطبيعيّة: تتسبَّب بعض الظواهر التي تحدث بشكلٍ طبيعيّ في إصدار بعض العناصر التي تُحدِث تلوُّثاً للتربة؛ فالنشاط البركانيّ يتسبَّب في حرائق الغابات الطبيعيّة، ويُصدِر مُركَّبات شبيهة بالديوكسين، والهيدروكربونات العطريّة، كما تُسبِّب التجوية في الصخور ازدياد مستويات الكروم، والنحاس، والنيكل، والزنك.
  • التلوُّث بالظواهر الكونيّة: إذ يحمل الغبار الكونيّ، والنيازك، عناصرَ تُحدِث تَغييراتٍ مُضِرّة على الموادّ العُضويّة الموجودة في التربة.

التلوُّث البشريّ

تَصدُر عن بعض الأنشطة البشريّة، كالأنشطة الصناعيّة، والنفايات المنزليّة، وغيرها، موادُ وعناصر تُحدِث تلوُّثاً في التربة، من أهمِّها الموادّ الكيميائيّة التي تَنتُج؛ بسبب الإفراط في استخدام الأسمدة، ومُبيدات الآفات، أو بسبب الريِّ بمياه الصرف الصحيّ غير المُعالَجة، وبعض هذه العناصر تَصدُر؛ بسبب تسرُّب النفط، أو تَرشُّح الموادِّ المُتحلِّلة من مدافن النفايات، ومن أهمّ هذه الأنشطة ما يلي:[2]

  • التعدين: تُصدِر مصانع التعدين الكثير من النفايات التي تحتوي على عناصر سامّة، ومعادن ثقيلة، كما أنّ عمليّة صَهْر المعادن لفَصْل المعادن المطلوبة، أدخلت العديد من المُلوِّثات إلى التربة، كالرصاص، والنحاس، والكروم، والنيكل، إضافة إلى أنّ عمليّة استخراج الفوسفات، تُولِّد نشاطاً إشعاعيّاً ضارّاً للطبيعة، وتُعَدّ عمليّة استخراج النفط، والغاز، أحد مُسبِّبات تلوُّث التربة؛ وذلك بسبب تسرُّب النفط الخام، والمحاليل الملحيّة إلى التربة، كما أنّ انسكاب النفط الخام من مواقع الآبار، ومن خطوط الأنابيب، من العوامل الرئيسيّة التي تُؤدّ] إلى تلوُّث التربة في المناطق المُنتِجة للنفط.
  • البُنية التحتيّة: توسُّع النشاط البشريّ في البُنية التحتيّة؛ بسبب ازدياد الإسكان، والطُّرُق، والسِّكَك الحديديّة، أحدث تلوُّثاً مُباشراً على البيئة، والتربة؛ فوسائل النَّقْل تُسبِّب انتشار مُلوُّثاٍت صادرة من الانبعاثات التي تُسبِّبها مُحرِّكات الاحتراق، كما أنّ انسكاب البنزين، وتآكل السيارة المعدنيّة، والإطارات، يُولِّد عناصرَ ثقيلة مُلوّثة، مثل: الهيدروكربونات العطريّة مُتعدِّدة الحلقات، والمطّاط، والبلاستيك.
  • الصناعات: إنّ عمليّة التخلُّص من النفايات عن طريق مدافن النفايات غير القانونيّة، واستخدام المياه المُستعمَلة غير المُعالَجة، تُسبِّب إطلاق المعادن الثقيلة، والمُركَّبات العُضويّة غير القابلة للتحلُّل الحيويّ، وغيرها، كما أنّ بعض الموادِّ الكيميائيّة المُستخدَمة في صناعة المُنظِّفات، ومُنتَجات العناية الشخصيّة، تدخل إلى مياه الصَّرف الصحِّي، وتتسبَّب في تلوُّث التربة، إضافة إلى البلاستيك المُستخدَم في التعبئة، والتغليف، وأكياس التسوُّق، والأدوات المنزليّة.
  • الزراعة: يُؤدِّي استخدام بعض الموادِّ في الزراعة، مثل: الأسمدة، ومبيدات الآفات، إلى إصدار بعض الموادِّ الكيميائيّة، كالنحاس، والكادميوم، والرصاص، والزئبق، وهي تُعَدّ مُلوِّثات للتربة؛ لأنّها يُمكِن أن تُضعِف عمليّة الأَيْض في النباتات، وتُقلِّل إنتاجيّة المحاصيل.

التأثيرات السلبيّة لتلوُّث التربة

ينعكس تلوُّث التربة بشكل سلبيّ على العديد من نواحي الحياة، ومن أهمِّها التأثير المباشر في سلسلة التغذية كاملةً؛ إذ يبدأ تأثير المُلوِّثات في التربة المزروعة بالنباتات المُختلِفة، وينتقلُ إلى الحيوانات، والإنسان عند تناوُلها، كما أنّ مشكلة تلوُّث التربة تُشكِّل خطراً على الأمن الغذائيّ العالَميّ؛ وذلك لأنّ المُلوِّثات تتسرَّب إلى أنسجة النباتات، وتدخلَ في عمليّات الأَيْض، ممّا يتسبَّب في الحَدّ من نُموّ النباتات، أو تسمُّمها، وقد ينتهي بموتها، وينعكس تعرُّض النباتات للمُلوِّثات على حيوانات الرَّعْي التي تتضرَّر بسبب النباتات المريضة، فيتوقَّف بَيعُها، واعتمادها كمصدرٍ للغذاء، وكلُّ ذلك يتسبَّب في خسارةٍ للمُزارعين، ويُؤثِّر في الأمن الغذائيّ، والاقتصاديّ العالميّ.[2]

وعندما يتعرّض الإنسان للمُلوِّثات التي تنتقل إليه عن طريق الحيوانات، أو النباتات المُصابة، فإنّ صِحَّته تُصبِح مُهدَّدة بالخطر؛ فبعض المُلوِّثات تتسبَّب في مشاكل للكبد، والطحال، والرئتَين، وقد تُسبِّب العديد من الأمراض، مثل: ضَعْف الدم المُزمِن، وتعطيل الغُدَد الصمّاء، وتَلَف في الأنسجة العصبيّة، وسرطان الجِلد، وغيرها من الأمراض الخطيرة.[2]

معالجة تلوُّث التربة

تُعَدّ مُشكِلة تلوُّث التربة مُشكِلةً عالميّة خطيرة، تسعى الدول إلى مُعالَجتها بكافّة الوسائل المُتاحة، إذ يُمكِن مُعالَجة تلوُّث التربة بعِدّة طُرُق، منها:[3]

  • المُعالَجة الطبيعيّة: يُعتمَد في هذه الطريقة على الوسائل التكنولوجيّة لمُعالَجة التربة، ومن هذه الوسائل:
  • المُعالَجة البيولوجيّة: تُجرى هذه الطُّرُق في الموقع نفسه، دونَ تغيير مكان التربة، أو إزالتها، وهي طُرُق تَعتمِد على المُعالَجة الحيويّة للتربة المُلوَّثة، ومن هذه الطُّرُق:
  • عمليّات الحَفْر (بالإنجليزيّة: Excavation): إذ تساعد على إزالة التربة المُلوَّثة بالآلات، والتخلُّص منها في مدفن النفايات، وهي طريقة سريعة، إلّا أنّها مُكلِفة نسبيّاً، كما تدعو الحاجة عند الانتهاء منها، إلى إضافة تُربَة جديدة بدلاً من التربة التي تمّ التخلُّص منها.
  • التكسية الأرضيّة (بالإنجليزيّة: Geotextile): وذلك بإضافة طبقة عازلة رقيقة فوق المنطقة التي يتمّ حَفْرها، بحيث تُشكِّل منطقة عازلة؛ وذلك تجنُّباً لنفاذ المُلوِّثات إلى التربة الجديدة، وهي طريقة مُنخفِضة التكلفة، إلّا أنّها مُقترِنة بعمليّة الحَفْر، وقد تتعرّض هذه الطبقة لاحقاً للتمزُّق.
  • غَسْل التربة (بالإنجليزيّة: Soil washing): وتتضمَّن هذه الطريقة إزالة التربة الملوَّثة، ثمّ مُعالَجتها بالطُّرُق المختلفة في الموقع، أو في المصنع، وبعد مُعالَجتها، تُعاد التربة إلى موقعها، وتُعَدّ هذه الطريقة مُرتفِعة التكاليف.
  • بُخار التربة (بالإنجليزيّة: Soil vapor): وهي أكثر الطُّرُق فعاليّة في التخلُّص من المُلوِّثات، إلّا أنّها الأعلى تكلفة؛ إذ يتمّ تركيب آبار وأنابيب في التربة المُلوَّثة، ومن خلالها تُستخرَج المُلوِّثات في التربة عن طريق الأبخرة ، حيث يتمّ استخراج المُلوِّث، ومُعالِجة التربة وهي في مكانها.
  • العلاج الميكروبيّ (بالإنجليزيّة: Microbial remediation): حيث تُستخدَم الميكروبات؛ للإحاطة بالمُلوِّثات الموجودة في التربة، وهي طريقة فعّالة لمُعالَجة التربة المُلوَّثة بالهيدروكربونات، ومُبيدات الحشرات، ضِمن وقت قصير، وتكلفة مُنخفِضة، ولهذه الطريقة سلبيّة وحيدة؛ تتلخَّص في أنّه من المُحتمَل أثناء مُعالَجتها لعناصر موجودة التربة، أن تساهم في زيادة تركيز معادن أخرى، ممّا يُؤدِّي إلى زيادة سُمِّية التربة، وتلوُّثها.
  • العلاج النباتيّ (بالإنجليزيّة: Phytoremediation): إذ تستخرجُ النباتاتُ المُلوِّثاتِ، أو تُحلِّلها في التربة، بحيث يُستخدَم نوع واحد من النباتات؛ للتخلُّص من كلِّ نوع من المُلوِّثات، وتُعتبَر هذه الطريقة طويلة الأمد، إلّا أنّها قد تَتركُ بعض المُلوِّثات دونَ علاج، وممّا يجدرُ ذِكره أنّه يجب التخلّص من النباتات المُستخدَمة في العلاج.
  • العلاج الفِطريّ (بالإنجليزيّة: Fungal remediation): لا تزال هذه الطريقة في مرحلة التطوير، وهي تَعتمِد في عملها على زراعة بعض أنواع الفِطريّات؛ لتحليل المُلوِّثات.
  • العلاج بالأسمدة (بالإنجليزيّة: Compost remediation): حيث تُضاف الأسمدة العُضويّة لمُعالَجة التربة، وعلى الرغم من قِلّة تكلفة هذه الطريقة وسرعتها، إلّا أنّه لا يُمكنها التخلُّص من المُلوِّثات التي تبقى مُتَّصلة بالتربة.

المراجع

  1. ↑ Cheyenne O (1-6-2018), "What is Soil? - Definition, Structure & Types"، study.com, Retrieved 30-6-2018. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج Natalia Eugenio, Michael McLaughlin, Daniel Pennock (2018), Soil Pollution A Hidden Reality, Italy: Food and Agriculture Organization, Page 1،6،7،9،10،11،15،49،50،52،57. Edited.
  3. ↑ Alexandra Heinegg, Patricia Maragos, Edmund Mason,and others (2002), Soil Contamination and Urban Agriculture, Canada: McGill University, Page 6،8. Edited.