طريقة السجود الصحيحة

طريقة السجود الصحيحة

السجود

يعتبر السجود من أعظم العبادات التي يتقرّب بها العبد إلى الله تعالى، حيث إنّ السجود يعتبر من أبرز الأدلة التي تبيّن إيمان العبد، وتوحيده لله تعالى، حيث بيّنت نصوص القرآن الكريم، ونصوص السنة النبوية أهمية السجود، فقال الله -سبحانه- في القرآن الكريم: (يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون)،[1] فالسجود يرفع الدرجات، ويحطّ الذنوب والخطايا، كما أنّه سببٌ في دخول الجنة، وسببٌ في إجابة الدعاء، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (عليك بكثرةِ السجودِ للهِ فإنك لا تسجدُ للهِ سجدةً إلّا رفعَك اللهُ بها درجةً وحطَّ عنك بها خطيئةً).[2][3]

معنى السجود

السجود لفظٌ كغيره من الألفاظ التي تزخر بها اللغة العربية، له معنيان؛ في اللغة وفي الاصطلاح، وفيما يأتي بيانٌ لكلاهما:

  • السجود في اللغة: مأخوذٌ من الفعل سجد، يسجد، سجوداً، ويُراد به الخضوع، فيُقال: سجد الرجل؛ أي طأطأ رأسه وانحنى، وأسجد البعير؛ أي طأطأ رأسها لتُركب.[4]
  • السجود في الاصطلاح: تذلّل العبد لله تعالى، وعبادته بالصفة المعروفة، وذلك بوضع الجبهة على الأرض.[5]

حكم السجود

يعتبر السجود من فرائض الصلاة التي اتفق عليها الفقهاء، فعلى كلّ مصلٍّ أن يسجد مرتين في كلّ ركعةٍ من ركعات الصلاة، بيد أنّ الفقهاء اختلفوا في القدر الذي يجزئ به الفرض من السجود؛ فذهب فقهاء المالكية إلى أنّه يُفترض في السجود أن يكون على أقلّ جزءٍ من جبهة المصلّي، وبجهته المعروفة، وهي ما بين حاجبيه إلى مقدمة رأسه، ويندب للمصلّي أن يسجد على أنفه، أمّا السجود على اليدين والركبتين وأطراف القدمين فهو سنةٌ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويُندب للمصلّي أن يلصق جميع جبهته بالأرض ويمكّنها، أمّا فقهاء الحنفية فذهبوا إلى أنّ الحدّ المفروض من السجود أن يضع الساجد جزءاً من جبهته على الأرض، مع وضع إحدى اليدين، وإحدى الركبتين، وشيءٍ من أطراف أصابع القدمين، أمّا وضع أكثر الجبهة على الأرض فهو واجبٌ، ويكون السجود كاملاً إذا وضع الساجد جميع يديه، وركبتيه، وأطراف قدميه، وجبهته، وأنفه، وذهب فقهاء الشافعية والحنابلة إلى أنّ الحدّ المفروض من السجود أن يضع الساجد جزءاً من كلّ عضوٍ من أعضاء السجود السبعة الواردة في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (أُمِرتُ أن أسجدَ على سبعةٍ أعظُمٍ، على الجبهةِ -وأشار بيدِه على أنفِه- واليدينِ، والركبتينِ، وأطرافِ القدمينِ، ولا نَكفِتَ الثيابَ والشعرَ)،[6] وقال فقهاء الحنابلة لا بدّ للساجد أيضاً أن يضع جزءاً من أنفه زيادةً على ما جاء في الحديث النبوي، وقال فقهاء الشافعية إنّه يشترط في السجود أن يكون على بطون الكفين، وبطون أصابع القدمين.[7]

طريقة السجود الصحيحة

يتطلّب معرفة طريقة السجود الصحيحة، معرفة عددٍ من الأمور؛ وهي: معرفة الأعضاء التي يتم السجود عليها، ثمّ معرفة الكيفية التي يُنزل بها بسجوده على الأرض، وهو الهوي للسجود، ومعرفة المكان الذي يُوضع فيه اليدين عند السجود، وصفة النهوض من السجود، وفيما يأتي بيان تلك الأمور:[8]

  • يجب على المصلّي أن يقوم بالسجود على سبعة أعضاءٍ، كما بيّنت ذلك السنة النبوية، وهي: الجبهة مع الأنف، واليدين، والركبتين، وإلى هذا ذهب كلٌّ من فقهاء الشافعية، والحنابلة، والمالكية، وغيرهم، أمّا الدليل على ذلك قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (أُمِرتُ أن أسجدَ على سبعةٍ أعظُمٍ، على الجبهةِ -وأشار بيدِه على أنفِه- واليدينِ، والركبتينِ، وأطرافِ القدمينِ، ولا نَكفِتَ الثيابَ والشعرَ)،[6] على أن الأمر الوارد في الحديث النبوي للوجوب، ونقل الإمام ابن جُزي إجماع المسلمين على وجوب السجود على كلٍّ من اليدين والوجه.
  • كيفية الهوي إلى السجود؛ اختلف الفقهاء في تقديم اليدين أو الركبتين عند النزول إلى الأرض، وكان اختلاف ذلك إلى قولين؛ القول الأول: وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء؛ من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وابن القيم، وغيرهم، من أنّ السنة أن يقدّم المصلّي عند نزوله إلى السجود ركبتيه قبل يديه، ودليلهم على ذلك ما رواه كلٌّ من علقمة والأسود: (حفِظنا عن عمرَ في صلاتهِ أنه خرَّ بعدَ ركوعهِ على ركبتيهِ، كما يخِرُّ البعير، ووضع ركبتيهِ قبلَ يديهِ)،[9] أمّا القول الثاني: فذهب إليه كلٌّ من فقهاء المالكية، والإمام أحمد في روايةٍ عنه، والإمام الأوزاعي، وغيرهم، من أنّ السنة في النزول إلى الأرض للسجود تقديم اليدين على الركبتين، ودليلهم في ذلك ما رُوي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه كان يضع يديه قبل ركبتيه، وأنّ هذه الصفة في النزول أدعى وأحسن للخشوع، كما أنّ بتقديم اليدين على الركبتين يتجنب المصلّي حصول الألم في ركبتيه إذا جلس عليهما.
  • صفة النهوض من السجود؛ اختلف الفقهاء في الصفة التي ينهض بها المصلّي من السجود للقيام، على قولين؛ فذهب فقهاء الحنفية، والحنابلة، وغيرهم، إلى أنّه من السنة أن يرفع المصلي يديه قبل ركبتيه، إلّا إذا كان في ذلك مشقةً عليه، أمّا فقهاء المالكية، والشافعية، فذهبوا إلى أنّه يُستحبّ للمصلّي أن يقوم من سجوده معتمداً على يديه.

شروط صحة السجود

يشترط في صحة السجود عددٌ من الأمور التي يجب مراعاتها كي يكون السجود صحيحاً، ومنها:[10]

  • أن يكون السجود على شيءٍ يابسٍ، تستقرّ الجبهة عليه؛ كالحصير، والبساط.
  • عدم وضع الجبهة على الكفّ، وقد ذهب كلٌّ من الشافعية، والمالكية، و الحنابلة، إلى بطلان الصلاة بوضع الجبهة على الكفّ، بينما ذهب الحنفية إلى عدم بطلانها، مع كراهة وضع الجبهة على الكفّ.
  • ألّا يكون موضع الجبهة مرتفعاً عن موضع الركبتين أثناء السجود.

المراجع

  1. ↑ سورة آل عمران، آية: 113.
  2. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الصفحة أو الرقم: 488، صحيح.
  3. ↑ "فضائل السجود لله ملوك الملوك"، www.ar.islamway.net ،15-6-2018، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2018. بتصرّف.
  4. ↑ "تعريف ومعنى السجود"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "تعريف السجود"، مجلة البحوث الإسلامية،1424 العدد 71، المجلد 71، صفحة 101. بتصرّف.
  6. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 812، صحيح.
  7. ↑ عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 210-211، جزء1. بتصرّف.
  8. ↑ "ما هي أعضاء السجود"، WWW.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 25-11-2018. بتصرّف.
  9. ↑ رواه الألباني، في أصل صفة الصلاة، عن علقمة والأسود، الصفحة أو الرقم: 2/717، إسناده صحيح.
  10. ↑ عبد الرحمن الجزيري (2003)، الفقه على المذاهب الأربعة (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 211، جزء 1. بتصرّف.