أورد أهل العلم الطريقة الصحيحة المتسلسلة لطالب حفظ القرآن الكريم، وأولى الخطوات في هذه الطريق؛ أن يخلص عمله لوجه الله سبحانه، حتى يتقبّل الله تعالى عمله ويوفّقه لبلوغ مراده، ويلي ذلك أن يَكبُر الدافع الداخليّ للمرء لإنجاز هذا العمل؛ فإنّ أهمّ ما يبقى مع المرء حتّى يُحقّق هدفه؛ هو وازعه الداخليّ، ويعين على ذلك إحاطة المرء بحفظة القرآن الكريم، ودوام مجالستهم؛ فإنّ للصحبة تأثيراً كبيراً على الإنسان وسلوكاته، وممّا لا شكّ فيه أنّ الطريق لحفظ القرآن الكريم صعبةٌ وطويلةٌ، فعلى من بدأ في هذه الطريق أن يتحلّى بالصبر ودوام مجاهدة النفس ومقاومة طبيعتها العَجِلة؛ فإنّ الإنسان عجولٌ، يحبّ إنجاز أموره بسرعةٍ، لكنّ هدفاً كهذا سيحتاج وقتاً لإنجازه، وأمّا الخطوات العمليّة لذلك فهي أن يتلقّى الطالب القراءة من متقنٍ مجيدٍ، وأنْ يختار الوقت المناسب لبدء الحفظ؛ حتى يكون ذلك عوناً له على الإنجاز، وأن يتعاهد القرآن، ويديم النظر فيه ويكرّر آياته؛ حتى لا يتفلّت منه، وأن يصلّي بما يحفظ من آياتٍ، فذلك سبب هامّ لتثبيتها بإذن الله.[1][2]
سُئل البخاريّ -رحمه الله- عن أفضل طريقةٍ لتثبيت حفظ القرآن الكريم، فقال: "لا أعلم طريقاً للحفظ أفضل من إدمان المطالعة"، فأفضل طريقةٍ لتثبيت الحفظ هي دوام المراجعة والتكرير، ومن ذلك أن يقرأ الحافظ ما يحفظ في صلاته، وأن يديم عرضه على غيره من الحفظة والمتقنين، كما يجب على الإنسان ألّا يهجر المراجعة ولو مرّةً يختم فيها القرآن الكريم كلّ شهرين، وهناك طريقةٌ يوصي بها بعض أهل العلم تعين على التثبيت؛ وذلك بأن تكون المراجعة وفق عبارة: (فمي مشوق)؛ والمقصود بهذه الطريقة أن يقرأ الحافظ القرآن كلّ سبع ليالٍ، فالفاء الفاتحة والميم المائدة، فيكون هذا الورد في يوم، ثمّ إلى أول يونس، ثمّ إلى أول مريم، ثمّ إلى الشعراء، فالصافات، ثمّ أول سورة ق، ثم إلى نهاية المصحف، فمن لم يستطع فليراجع كلّ يومٍ جزءاً، فمن لم يستطع فكلّ يومين.[3][4]
عدّ النبيّ -عليه السّلام- فضائل كثيرةً لحافظ القرآن ومتعاهده بالتلاوة، فلا يكون الحافظ عند الله -سبحانه وتعالى- كغيره من الناس، ومن تلك الفضائل لأهل القرآن ما يأتي:[5]