آثار الحروب على الإنسان

آثار الحروب على الإنسان
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

تتراوح عدد كلمات المقال بين 1700-1800 كلمة

الحروب

الحروب عبارة عن صراعات بين جماعات سياسية ويُمارس خلال هذه الصراعات أعمال عدائية وغير مشروعة ينتج عنها أضرار كبيرة، حسب علماء الاجتماع فإن الحرب مؤسسة مُعترف بها في العرف والقانون، وليست كل النزاعات تُسمى حروب بل تختلف المُسميات حسب الأطراف المتنزاعة، على سبيل المثال يُطلق على النزاعات المُسحلة التي تنشأ بين الدول القوية والشعوب الضعيفة والغير قادرة على الدفاع عن نفسها اسم الحملات العسكرية أو الاحتلال ويطلق على هذا النزاع اسم حرب في حال كان هُناك مقاومة مستمرة بما فيه الكفاية.[1]

الآثار الصحية للحروب على الإنسان

للحروب آثار كبيرة جداً على الإنسان وتعد هذه الآثار متنوعة فمنها ما قد يكون نفسي أو جسدي، فيما يلي بعض منها:[2]

  • تُسبب الحروب إصابات جسدية بين الناس المدنيين أو العسكريين وقد تُسبب هذه الإصابة إعاقة أووفاة.
  • للحروب تأثير أيضاً على الصحة النفسية للإنسان، وينتج عنها اضطرابات نفسية وعقلية قد تمتد لفترات زمنية طويلة وقد ينتقل أثرها للأجيال الأُخرى.
  • ينتج عن الحروب تدمير للبنية التحتية التي تدعم الصحة العامة للمجتمع مثل: النظام الغذائية، الرعاية الطبية، النظافة، النقل، الاتصالات، الطاقة الكهربائية.

الآثار النفسية للحروب على الإنسان

الآثار النفسية على الجنود وعائلاتهم

للحروب آثار نفسية عديدة على الجنود وعائلاتهم، ويظهر الجزء الأكبر من هذه الآثار بعد عودة الجنود إلى منازلهم وعائلاتهم، فيما يلي بعض النقاط التي توضح هذه الآثار على الجندي وجميع أفراد عائلته:[3]

  • الأثر النفسي على الجندي نفسه: يشعر معظم الجنود أثناء ابتعادهم عن أوطانهم بالوحدة الشديدة والرغبة المُلحة في العُزلة نتيجة عوامل عديدة، ويُمكن لعائلاتهم في هذه الحالة مساعدتهم للخروج من هذه الأزمة النفسية عن طريق التواصل معهم عن بُعد إن كان ذلك متوفراً ومدهم بالكلمات المليئة بالدعم والحب.

بعد العودة إلى الأوطان يواجه الجنود مرحلة جديدة من الأزمة النفسية والتي قد تظهر على شكل اكتئاب واضطراب وقلق، بالإضافة إلى معناتهم من إصابات أُخرى قد تكون في منطقة الدماغ أو غيرها من مناطق الجسم الأُخرى نتيجة خدمتهم أثناء الحرب.

  • الأثر النفسي على الحياة الزوجية: في غياب الجندي ستواجه الزوجة مسؤوليات كبيرة في غياب زوجها من رعاية أطفال والاهتمام بشؤون المنزل والإدارة المالية لدخل الأسرة، وتنعكس هذه المسؤوليات على شكل قلق وضغط نفسي كبير على الزوج والزوجة، أما بعد عودة الجندي ستنعكس حالاته النفسية على العلاقة مع زوجته حيث سينتج عن الاضطراب الذي يُعاني منه كلا الطرفين مشاكل زوجية وقد تتطور إلى عنف أُسري.
  • الأثر النفسي على الأطفال: في غياب الجندي، تبدأ الآثار النفسية بالظهور على أطفاله وتختلف ردود أفعال الأطفال حسب الفئة العمرية لكل طفل، حيثُ يجب التعامل مع كل طفل بشكل منفصل ومختلف عن الآخر، حيثُ يمكن أن تظهر هذه الآثار على شكل اضطراب وقلق أو نوبات غضب أو تغيرات عديدة في الحالة المزاجية أو اختلاف في عادات الأكل وحدوث حالة من عدم المبالاة لدى الطفل.

أثبتت العديد من الدراسات أهمية مشاركة جميع أفراد الأسرة في علاج الأثر النفسي المترتب عن الحروب وغياب الجنود عن عائلاتهم ومنازلهم، حيث للعائلة وحتى الأصدقاء أثر مهم وأساسي في مُساعدة الجندي في التعافي من الآثار النفسية التي نتجت عن خدمته أثناء الحرب.

الآثار النفسية على المدنيين

إن الحالة النفسية للمدنيين من الأمور التي نالت اهتماماً واسعاً للعديد من المؤسسات الدولية، حيثُ قدر البنك الدولي أن هُناك أكثر من مليار شخص متوزعين حول العالم عاشوا في مناطق متأثرة بالنزاعات المسلحة والحروب، ومن جانب آخر قدرت المفوضية العُليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن هُناك ما يُقارب 60 مليون مدني قد ترحلوا ونزحوا قسراً من ديارهم إلى مناطق أُخرى بسبب الحرب التي جعلت حياتهم مُعرضة للخطر وذلك اعتباراً من عام 2015، ويُعتبر رقم 60 مليون لاجئ أكبر عدد لاجئين سُجل منذ الحرب العالمية الثانية، وأثارت هذه الأرقام الضخمة والمخيفة اهتماماً واسعاً وذلك لوضع سياسات للتعامل مع الاضطرابات النفسية التي قد تظهر على المدنيين نتيجة الحرب، حيثُ أثبتت العديد من الدراسات والأبحاث أن الأشخاص المدنيين الذين عاشوا الحرب أو نزحوا من بلادهم هم أكثر عُرضة للإصابة بالاكتئاب والصدمات النفسية والضيق النفسي الشديد أكثر من غيرهم من الأشخاص الذين لم ينزحوا أو يعيشوا ظروف الحروب القاسية.[4]

الآثار النفسية على الأطفال

تختلف الآثار النفسية الناتجة من الحروب على الأطفال على حسب المرحلة التي يمر بها الطفل، ويجب التعامل مع الأطفال بطريقة خاصة جداً ومختلفة عن غيرهم وذلك لإن الطفل ما زال يمر بمرحلة النضوج الفكري والجسدي والعاطفي والاجتماعي، وينجم عن تعرض الطفل لضغوطات الحروب آثار عديدة وبعيدة المدى تؤثر بداية على تطوير شخصيته وبناءها، وعلى المعايير الداخلية للصواب والخطأ، وضبط ردود أفعاله العدوانية، كما أنه سيواجه صحياً مشاكل تتعلق بالأعصاب،قال الكثير من المختصين أنه وفي أغلب الحالات لا يدرك الطفل ضخامة الوضع الذي يعيش فيه، على سبيل المثال: أثناء الحرب العالمية الثانية قامت ألمانيا بشن غارة جوية على لندن وأثناء ذلك تم رصد طفلة في ملجأ سطحي تقرأ قصة خلال القصف، فالطفل يجهل حتى معاني العديد من المصطلحات المتعلقة بالحرب مثل معنى: الجيش، صافرات الإنذار، الغارات الجوية والتي نظن أنها أمور مفروغ منها ولكنها في حقيقة الأمر أمور مبهمة وغير واضحة للطفل، ومن ناحية أُخرى فإن الأطفال ليس لديهم القدرة على التعبير عن آلامهم وأحزانهم التي مروا بها، فهم لا يمتلكون القدرة على تحويل صراعاتهم الداخلية ومشاعرهم إلى كلمات بل يستخدمون أساليب أُخرى في التعبير عنها والتي قد تظهر على شكل سلوكيات عدوانية.[5]

الآثار الاقتصادية للحروب على الإنسان

بعد العديد من الدراسات والنظريات حول الآثار الاقتصادية الناجمة عن الحروب، كان هُناك نظريتين مُتابينتين حسب الآتي:

  • النظرة الأولى: هذه النظرة مدعومة بفرضية مُهمة ومشهورة تُدعى (Benoit 1978,1973) والتي تقول أن الحروب تعمل على تحسين اقتصاد البلاد وزيادة نموها، وتتفق هذه النظرية مع النظرية الاقتصادية الكينزية، وتجادل هذه النظرية بأنه من الممكن التعامل مع أزمات الحروب على أنها سياسة للنمو الاقتصادي وذلك عن طريق تحفيز وزيادة الطلب الكلي على الخدمات والموارد التي تُقدمها الدولة، بالإضافة إلى خلق عوامل خارجية إيجابية، وتقول هذه النظرية أيضاً بأن النفقات والأموال التي تُضخ في التجهيزات العسكرية لا تؤدي فقط إلى زيادة وتحسين البنية التحتية والعمالة والإنتاج فقط بل لها دور كبير في رفع مستوى مهارات القوى العاملة في البلاد وزيادة التطور التكنولوجي للدولة، بناءاً على التاريخ والتُجربة الأوروبية ادعى العديد من العلماء الداعمين لهذه النظرة أن الحروب تلعب دوراً حاسماً وأساسياً في تطوير جميع مؤسسات الدولة وتحسينها على المستوى البعيد.[6]
  • النظرة الثانية: لو وضعنا الخسائر البشرية جانباً، فإن هذه النظرة تقول أن للحروب خسائر وتكاليف اقتصادية خطيرة جداً تبدأ من فقدان البلاد للبنية التحتية وفقدان عدد كبير من المباني، وخلق حالة من عدم اليقين لدى المواطنين، وارتفاع الدين العام على الدولة، الا أن هذه النظرة تقول أيضاً أنه من الممكن أن يكون للحروب تأثير إيجابي على الاقتصادي وذلك من خلال خلق الطلب وزيادة فرص العمل وتوجه الشعوب للابتكار للخروج من الوضع الراهن، فيما يلي توضيح تفصيلي لبعض الآثار المترتبة على الحروب حسب هذه النظرية:[7]
  • التضخم: في كثير من الظروف يُمكن أن تؤدي الحرب إلى حدوث تضخم الأموال، وهو الأمر الذي سيجعل النظام المالي يفقد ثقة المواطنين، على سبيل المثال: في الحرب الأهلية الأمريكية، واجهت الكونفدرالية تكاليف الحرب الباهظة والتي فاقت قدراتها في ذلك الوقت بالبدأ في طباعة النقود وذلك لدفع رواتب الجنود، ونتج عن طباعة النقود نزول حاد في قيمتها، الأمر الذي جعل قيمة الأموال المدخرة لدى المواطنين من الطبقة الوسطى تحديداً لا تساوي شيئاً، ويُعد التضخم المفرط بهذه الصورة علامة من علامات انتهاء الحرب، ففي عام 1946 شهدت المجر والنمسا أعلى معدلات التضخم في الأموال.
  • ارتفاع مديونية الدولة: غالباً ما نشهد خلال الحروب ارتفاع سريع للدين العام في القطاع الحكومي وذلك لإن الدولة على استعداد للاقتراض بصورة أكثر من المعتاد من أجل دعم الدولة وتعزيزها أثناء الحرب، على سبيل المثال: واجهت المملكة المتحدة ارتفاع حاد في الدين الوطني خلال الحربين الأولى والثانية حيث وصل الدين الوطني للمملكة المتحدة في نهاية الحرب العالمية الثانية إلى 150% ، وتضاعف في فترة الخمسينات بعد ذلك حيث وصل إلى 240%، وكان السبب وراء تضاعف الدين بعد الحرب وهو إعادة الإعمار وتجهيز دولة ذات حياة مرفهة، حيثُ اعتمدت المملكة المتحدة على القروض من الولايات المُتحدة الأمريكية للتعامل مع هذه الأزمات ولكن سداد هذه القروض استغرق منها عدة عقود لسدادها.
  • الحروب الأهلية: تُعد الحروب الأهلية واحدة من أكثر الأمور التي تشكل خطراً على أي دولة، حيثُ تعد الحروب الأهلية عاملاً أساسياً في تدمير الاقتصاد، حيثُ ستشهد البلدان التي تواجه الحرب الأهلية تراجعاً في الاستثمار المحلي والاستثمار الأجنبي كما أنها ستواجه انهياراً كاملاً للسياحة الداخلية، قال تقرير يُدعى" مليارات افريقيا المهدورة" أن حجم المُساعدات الدولية المقدمة لأفريقيا يُساوي تكلفة الحرب إلا أنه كان هناك عجز واضح، للحروب الأهلية آثار عديدة حيثُ دولة مثل" جمهورية الكونغو الديمقراطية" حرباً أهلية في منتهى الصعوبة حيث نتج عنها مقتل حوالي 4 ملايين إنسان وتكلفة مالية بلغت 9 مليارات جنيه استرليني.
  • حجم التكاليف: ينتج عن الحروب حجم ضخم من التكاليف المالية وتختلف التكلفة على حسب مدة الحرب ونوعها وإلى أين وصلت وماذا حدث بها، وتختلف النفقات على حسب الأضرار الناجمة ، حيثُ حتى بعد انتهاء الحرب هُناك تكاليف مالية باهظة تُصرف في إعادة إعمار الدمار الناجم عن الحرب، بالإضافة إلى أنه هُناك نوع من الخسائر لا يُمكن تعويضه وهي الأرواح البشرية التي فقدت بسبب الحرب.

آثار الحروب على حقوق الإنسان

على مر السنين غالباً ما كانت تنتهك حقوق الإنسان خلال النزاعات المسحلة، وبسبب هذا الانتهاك أثارت حقوق مسألة حقوق الإنسان اهتمام العديد من الخبراء والمختصين ولأجل حقوق الإنسان تم إنشاء واستحداث عدة برامج وقوانين لحفظ حقوق الإنسان منها: قانون حقوق الانسان، قانون اللاجئين، القانون الانساني، وعلى الرغم من أن هذه القوانين ترتبط مع بعضها البعض ارتباطاً وثيقاً إلا أنها تحتاج التمييز بشكل منظم، حيثُ يركز قانون حقوق الإنسان على أعمال مُحددة في النزاع ولا يختص بالمطالبات الفردية، أما القانون الانساني فهو يُطبق في النزاعات المسحلة ويعمل على تقيييد أعمال الأطراف المتنزاعة، بالإضافة إلى توفير الحماية للأشخاص غير المشاركين في النزاع، كما أنه يحظر أعمال العنف والتعذيب والتمييز، ويتعامل القانون الانساني مع طريقة سير النزاع وكيفية التعامل مع الأسرى ومعرفة ماهي أوضاع المقاتلين، كما أنه يُعنى بحماية شعارات الصليب الأحمر.[8]

آثار الحروب على المدى البعيد

للحرب آثار عديدة على المدى القريب والبعيد، إلا أن تأثير الحرب على المدى البعيد كارثي أيضاً، فالحرب لها تأثير مُدمر على صحة ورفاهية الأمم، حيثُ أظهرت العديد من الدراسات أن الحروب تسببت بعدد وفيات وإعاقات أكثر من أي مرض خطير آخر، وتمكن خطورة الحروب بأنها تدمر الأسر بداياً وبالتالي تدمير المجتمع كاملاً وينتج عن ذلك تعطل تطوير النسيج الاجتماعي للدولة، كما أن آثار الحروب على المدى البعيد لها تأثير مادي ونفسي على الأطفال والكبار، وينتج عن الحروب انخفاض كبير في رأس المال المادي والبشري، إلى جانب الموت هُناك آثار أخرى لهذه الحروب غير موثقة توثيقاً جيداً مثل انتشار الفقر وسوء التغذية والإعاقات المختلفة والأمراض النفسية والاجتماعية وعدد كبير من المشكلات والآثار التي لا حصر لها، لكن ورغم كل هذه الآثار يُمكن وضع استراتيجات متماسكة وفعالة للتعامل مع هذه المشاكل وحلها.[9]

المراجع

  1. ↑ Joseph Frankel (30-10-2019), "War"، britannica, Retrieved 15-11-2019. Edited.
  2. ↑ page 2, "Documenting the Effects of Armed Conflict on Population Health"، annualreviews.org, Retrieved 30-10-2019. Edited.
  3. ↑ Gabriela Acosta (20-9-2013), "The Impact of War: Mental Health of Veterans and Their Families"، msw.usc.edu, Retrieved 18-11-2019. Edited.
  4. ↑ " Results from the World Mental Health Survey Initiative", ncbi.nlm.nih.gov,16-3-2018، Retrieved 23-11-2019. Edited.
  5. ↑ page 2,3, "Psychological Effects of War and Terrorism on Children "، astro.umd.edu, Retrieved 1-12-2019. Edited.
  6. ↑ page 1 (26-10-2013), "War and Economic Growth: Theory and Empirical Evidence"، uq.edu.au, Retrieved 30-11-2019. Edited.
  7. ↑ Tejvan Pettinger (31-3-2017), "Economic impact of war"، economicshelp, Retrieved 30-11-2019. Edited.
  8. ↑ "HUMAN RIGHTS AND ARMED CONFLICT", humanrights, Retrieved 12-1-2019. Edited.
  9. ↑ "Mental health consequences of war: a brief review of research findings", ncbi.nlm.nih.go, Retrieved 1-12-2019. Edited.