نشأة علم أصول الفقه

نشأة علم أصول الفقه

أصول الفقه

بيّن النّبي عليه الصّلاة والسّلام في الأحاديث النّبويّة الشّريفة فضل العالم والمتعلّم، فمن أراد الله به خيراً من المسلمين فقّهه في الدّين، فالفقه في الدّين هو من أجلّ العلوم وأنفعها، ذلك أنّ الفقيه يستنبط حكم الله تعالى في المسائل المختلفة من خلال أدوات الفقه والاجتهاد التي يملكها، ثمّ يبين تلك الأحكام للنّاس حتّى يكونوا على بصيرةٍ من الأمر وهدى.

تعريف علم أصول الفقه

يعرّف علم أصول الفقه بأنّه نوعٌ من أنواع العلوم الشّرعيّة التي يبحث الفقيه من خلالها عن القواعد الكليّة التي تستخدم في استنباط الأحكام الشّرعيّة من أدلتها التّفصيليّة، فالفقه والذي معناه استنباط الأحكام الشّرعية يحتاج إلى أدواتٍ وهذه الأدوات هي قواعد علم أصول الفقه، ومن الأمثلة على تلك القواعد الكلّيّة التي تعين الفقيه قاعدة: "الأمر يفيد الوجوب"، و"النّهي يفيد التّحريم" وغير ذلك من القواعد التي درسها العلماء واعتمدوها في ذلك، كما تضمّن هذا العلم دراسة حجّيّة الأدلة المستخدمة في الفقه، فقد أجمع علماء الأمة على أربعة مصادر رئيسيّة للتّشريع وهي القرآن الكريم، والسّنّة النّبويّة، والإجماع، والقياس، واختلفوا في أدلةٍ أخرى للفقه ومنها الاستحسان، والاستصحاب، وسدّ الذّرائع، والمصالح المرسلة وغيرها.

الفقه في عهد النّبي الكريم

كان النبي عليه الصلاة والسلام يعلّم الصحابة الدين، ويبيّن لهم الأحكام الشرعيّة في المسائل المختلفة، فلم تكن ثمة حاجة يومئذٍ للاجتهاد أو القياس وغيره من القواعد والأدلّة التي عرفت فيما بعد، وعلى الرّغم من ذلك فقد ظهرت بواكير علم أصول الفقه في الحادثة مع معاذ بن: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لمَّا بعثَهُ إلى اليمَنِ قالَ: كيفَ تَقضي إذا عرضَ لَكَ قضاءٌ؟ قالَ أقضي بما في كتابِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ قالَ: فإن لم يَكُن في كتابِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ؟، قُلتُ: بسنَّةِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، قالَ: فإن لم يَكُن في سُنَّةِ رسولِ اللَّهِ؟ قالَ: أجتَهِدُ رأيي ولا آلو، قالَ: فضربَ صَدري بيدِهِ وقالَ : الحمدُ للَّهِ الَّذي وفَّقَ رسولَ رسولِ اللَّهِ لما يُرضي رسولَ اللَّهِ)

الفقه في عهد الصّحابة

في عهد الصّحابة ظهر القياس والإجماع حينما كان الخلفاء يستشيرون الأمّة في المسائل الهامّة، كما اعتمد القياس في بعض المسائل التي تشترك في نفس العلّة، فقد استشار الفاروق عمر عليًّا في حدّ شارب الخمر، فقال له: (إنَّهُ إذا شرِبَ سَكِرَ وإذا سَكِرَ هَذيَ وإذا هذيَ افترى وحدُّ المفتري ثمانونَ).

أوّل تدوين لعلم أصول الفقه

عرف المسلمون أوّل تدوينٍ لعلم أصول الفقه في القرن الثّاني الهجري على يد الإمام الشّافعي حينما ضمّن كتابه الأمّ رسالة في البحث عن أصول الفقه وقواعده الشّرعيّة.