أحداث غزوة بدر

أحداث غزوة بدر

غزوة بدر

إنّ غزوة بدرٍ من أعظم الغزوات التي حدثت في تاريخ الإسلام، حيث وقعت في السنة الثانية من الهجرة، وممّا يدل على ذلك أنّ الله تعالى قد خلّد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال: (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّـهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)،[1] فبعد أن كان الصحابة -رضي الله عنهم- مُستضعفين في مكة، يُنكّل بهم كفار قريش، كتب الله -تعالى- لهم النصر في معركةٍ كان عدوّهم يفوقهم فيها بالعدد، والعدّة، فكانت تلك الغزوة خروجاً واضحاً عن المقاييس، والحسابات المادية.[2]

أحداث غزوة بدر

ما قبل المعركة

بدأت أحداث غزوة بدر عندما وصلت أخبارٌ إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مفادها قدوم عيرٍ فيها أموالٌ كثيرةٌ لقريش، من الشام بصُحبة أبي سفيان، ومعه أربعين رجلاً، فخرج الرسول -عليه الصلاة والسلام- على رأس ثلاثمئةٍ وبضعة عشر رجلاً، ومعهم فرسانٌ فقط، وسبعون ناقةً، فكان يتعاقب الرجلان على الناقة الواحدة، ولمّا اقترب المسلمون من الصفراء بعث النبي -عليه الصلاة والسلام- بسيس بن عمرو الجهني، وعدي بن الرعباء إلى بدرٍ؛ لاستقصاء أخبار العير، ولمّا علم أبو سفيان بخروج المسلمين أرسل ضمضم بن عمرو الغفار؛ ليستصرخ قريش للخروج، والدفاع عن أموالها، ولمّا وصل الخبر إلى قريش خرجوا عن بكرة أبيهم مُسرعين لم يتخلّف من أشرافهم إلّا أبو لهب الذي بعث مكانه رجلاً مدينٌ له، واستعانوا بمن حولهم من العرب، وقد وصفهم الله تعالى في قوله: (وَلا تَكونوا كَالَّذينَ خَرَجوا مِن دِيارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النّاسِ وَيَصُدّونَ عَن سَبيلِ اللَّـهِ وَاللَّـهُ بِما يَعمَلونَ مُحيطٌ)،[3] فخرجوا وقلوبهم مليئةٌ بالحقد، والغضب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأصحابه رضي الله عنهم، وفي الجهة المقابلة كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يستشير أصحابه رضي الله عنهم، فتكلّم المهاجرون وأحسنوا، ولكنّ النبي -عليه الصلاة السلام- كان يريد أن يسمع رأي الأنصار فأعاد السؤال، ففهم الأنصار أنّه يريد سماع رأيهم، فقام سعد بن معاذ رضي الله عنه، وقال: (واللهِ لكأنَّك تريدُنا يا رسولَ اللهِ؟ قال: أجل، قال: فقد آمنَّا بك، وصدَّقناك، وشهِدنا أنَّ ما جئت به هو الحقُّ، وأعطيناك على ذلك عهودَنا ومواثيقَنا على السَّمعِ والطَّاعةِ، فامضِ يا رسولَ اللهِ لما أمرك اللهُ، فوالَّذي بعثك بالحقِّ، إن استعرضتَ بنا هذا البحرّ فخضتَه لخضناه معك، ما يتخلَّفُ منَّا رجلٌ واحدٌ، وما نكرهُ أن تَلقَى بنا عدوَّنا غداً، إنَّا لصُبُرٌ في الحربِ، صُدُقٌ عند اللِّقاءِ، ولعلَّ اللهَ يريك منَّا ما تقرُّ به عينُك، فسِرْ بنا على بركةِ اللهِ)،[4] ففرح رسول الله بما سمع، ووعد الصحابة -رضي الله عنهم- بالنصر.[5]

بدء المعركة

في اليوم السابع عشر من رمضان من العام الثاني للهجرة، توّجه المسلمون، وجحافل قريش إلى بدرٍ، واصطفوّا للقتال، وأخذ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يعدّل الصفوف بقدحٍ في يده، وأوصى أصحابه -رضي الله عنهم- بعدم قتل بعض الأشخاص من جيش قريش؛ لأنّهم خرجوا مُكرَهين لقتال المسلمين، ومنهم: أبو البختري العاص بن هشام بن الحارث بن أسد، الذي كان ممّن قاموا بنقض صحيفة مقاطعة بني هاشم، وكان لا يؤذي المسلمين في مكة، والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، حيث إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- خرج من مكة وهو راضٍ عنه، وكان قد أسلم سرّاً، ثمّ بدأ القتال، وكانت من عادات العرب أن تبدأ المعركة بالمبارزة بين الفرسان، فخرج من صف قريش ثلاثة رجالٍ، هم: عتبة بن ربيعة، وأخوه شيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة بن ربيعة، وخرج لهم من المسلمين ثلاثة شبابٍ من الأنصار، وهم: معوذ بن الحارث، وعوف بن الحارث، وعبد الله بن روّاحة رضي الله عنهم، ولكنّ القرشيين رفضوا منازلتهم، وقالوا لا حاجة لنا بكم نريد قومنا، ونادى مناديهم: (يا محمد أخرج لنا أكفاء من قومنا)، فقال رسول الله: (قم يا عبيدة بن الحارث، قم يا حمزة، قم يا علي)، فقاتل حمزة بن عبد المطلب شيبة بن ربيعة فقتله، وقاتل علي بن أبي طالب الوليد بن عتبة فقتله، وقاتل عبيدة بن الحارث عتبة بن ربيعة، فضرب كلّ واحدٍ منهما الآخر ضربةً أقعدتهما عن الحركة، فأسرع حمزة، وعلي نحوهما وأجهزا على عتبة، ورجعا يحملان عبيدة رضي الله عنه، لكنّه استشهد بعد المعركة بأربعة أيامٍ، ثمّ تقدّم جيش الكفار نحو المسلمين، الذين كان شعارهم في تلك المعركة أحَد أحَد، وكان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على رأس الجيش يُحرّض أصحابه على القتال، ويقول: (قوموا إلى جنةٍ عرضُها السماواتُ والأرضُ)،[6] فلّما سمع عمير بن الحمام -رضي الله عنه- حديث رسول الله كان في يده تمرات يريد أن يأكلها، فقال: (بخ بخ أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلّا أن يقتلني هؤلاء)، ثمّ ألقى التمرات، وقام يقاتل القوم حتى قُتل شهيداً، وهبّ الصحابة يقاتلون بكلّ شجاعةٍ وبسالةٍ، وحمي وطيس المعركة، ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقرأ قول الله تعالى: (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ*بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ)،[7] فأمدّ الله -تعالى- المسلمين بألفٍ من الملائكة لتثبيت قلوبهم، وقذف الرعب في قلب الكفار، وسرعان ما تقهقر جيش الكفار، وتمكّن المسلمون من رقابهم يقتلون فريقاً منهم، ويأسرون آخراً، وتمّ النصر المؤزّر للمؤمنين، ووقعت انتكاسةٌ عظيمةٌ لقريش، حيث قتل سبعين رجلاً من سادتها، منهم: أبو جهل، وأُسِر سبعون آخرون.[8]

المراجع

  1. ↑ سورة آل عمران، آية: 123.
  2. ↑ "غزوة بدر الكبرى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-11-2018. بتصرّف.
  3. ↑ سورة الأنفال، آية: 47.
  4. ↑ رواه أحمد شاكر، في عمدة التفاسير، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2/103، صحيح.
  5. ↑ "أحداث غزوة بدر المباركة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-11-2018. بتصرّف.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1901، صحيح.
  7. ↑ سورة القمر، آية: 45-46.
  8. ↑ "غزوة بدر الكبرى"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-11-2018. بتصرّف.