-

حياة هارون الرشيد

حياة هارون الرشيد
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

هارون الرشيد

هو هارون بن محمد المهدي بن عبدلله المنصور بن محمد بن علي بن عبدلله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، ويعود نسبه إلى عبدلله بن عباس الذي لُقّب بترجمان القرآن الكريم، ووُلد الرشيد في الري عام 765م.[1] ونشأ في دار الخلافة في مدينة بغداد، وقد بويع للخلافة عليها في عام 786م بعد وفاة أخيه الهادي، وأصبحت بغداد خلال حكمه مركزاً تجارياً وحضارياً كبيراً، وتوسعت علاقاتها مع الدول الأوروبية، وقد شهد عصره العديد من الثورات التي قضى عليها مثل ثورة الخرمية، وثورة البربر، وثورة الوليد بن طريف الشاري الشيباني وثروان بن يوسف.[2]

حياة هارون الرشيد

أسرة الرشيد

وُلد هارون الرشيد وترعرع في أحضان عائلة الخلافة ذات الجاه والسلطة؛ فأبوه هو الخليفة العادل أمير المؤمنين محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور العباسي الهاشمي، كان والد الرشيد رجلاً شهماً، وفطناً، وعادلاً، يُطيع الله ولا يُخالف سُنّة نبيه. أما أُم الرشيد فهي أم ولد الخيزران بنت عطاء الجرشية اليمنية، واتُصفت أمه بالسمعة الطيبة، والعفة، والفطنة، وكانت تتصدّق بجميع دخلها على المحتاجين والفقراء. وأخو الرشيد من أبيه وأمه هو أمير المؤمنين موسى الهادي الذي تولّى الحكم بعد أبيه وأخذ عنه صفاته الحسنة؛ فقد كان كأبيه شُجاعاً، وكريماً، وشهماً، وشديداً على الزنادقة.[1]

وأخوات الرشيد هنّ: عليّة بنت المهدي زوجة موسى بن عيسى العباسي، واتُصفت عليّة بحسن المظهر والسلوك، والفطنة، والعفة، والظرافة، وكانت من أحب الناس إلى الرشيد. وأخته العبّاسة بنت المهدي زوجة محمد بن سليمان بن علي بن عبدلله بن عباس، وكانت العبّاسة شديدة الجمال، واحتلت مكانةً كبيرة في قلب الرشيد.[1]

زوجاته وأولاده

زوجة الرشيد هي بنت عمه زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور وأنجبت له محمد الأمين، وتزوج الرشيد أيضاً من ابنة عمه الآخر العبّاسة بنت سليمان بن أبي جعفر المنصور، كما تزوج من عدة نساء أخريات، ومن أولاد الرشيد: عبدلله المأمون، ومحمد المعتصم، والقاسم المؤتمن، ومن الجواري محمد، وعلي، وصالح، ومن بناته: أم حبيب، وسكينة، وأم محمد.[1]

نشأة الرشيد وتعليمه

نشأ الرشيد في بيئة ملائمة ليكون خليفةً للمسلمين؛ فقد ترعرع في دولة أبيه وأجداده، وتربى تربية مترفة، وتعلّم على يد مجموعة من العلماء والأئمة الثقات، حيث عيّن له أبوه إمام اللغة والنحو أبو الحسن علي بن حمزة الأسدي المعروف بالإمام الكسائي النحوي؛ ليكون له مدرساً، ومعلماً، وإماماً، فبقي يُعلّم الرشيد إلى أن فارق الحياة. كما كان يُعلّم الرشيد العديد من الأئمة الفضلاء، أمثال المفضّل الضبّي راوي الأدب والأخبار وعلامة في النسب وأخبار العرب، والإمام مالك بن أنس إمام علوم الفقه والحديث، ويحيى البرمكي الذي تولى أمور الرشيد وأدار أعماله. وكان لتلك النشأة الأثر الكبير على تربية الرشيد وتكوينه العلمي والثقافي وذوقه الحضاري.[1]

صفات الرشيد وأخلاقه

لقد كان هارون الرشيد إماماً عادلاً، زاهداً، ومُجاهداً، وقد ذكر العديد من الكُتّاب والشعراء ما يصفون به الرشيد من أخلاق حميدة وسُمعة طيبة؛ فقد وُصف الرشيد في كتب الأولين بأنه كان كريماً معطاءً، وكان يتصدّق من ماله كل يوم ألف درهم، وكان يُصلي كل يوم مئة ركعة، كما كان عندما يحج يأخذ معه مئة من الفقهاء وأولادهم وإذا لم يحج تكفّل بنفقة الحجاج وكسوتهم. وكان الرشيد رحمه الله حنوناً سريع الدمعة من خشية الله، وعُرف بورعه الشديد وتواضعه، وشهامته، وكان غيوراً على دينه ومُحافظاً عليه، ومؤدياً للصلوات الخمس في أوقاتها.[1]

الرشيد قبل الحكم

كان الرشيد منذ صغره يتصف بسمات الأمراء والخلفاء؛ فقد كان قوي البنية، ومثقفاً، وحسن الخلق، وفطناً، وهذا ما دفع والده المهدي إلى ترشيحه ليكون خليفةً له بعد أخيه الهادي، وبدأ بإعداده لذلك، حيث ولّاه ليكون أمير الصائفة في عام 163م، واستطاع الرشيد عبور حدود الامبراطورية البيزنطية وفتح بعض حصونها، ثم ولاه والده على المغرب في عام 164م، لكنه لم يُغادر بغداد بل أرسل والياً ينوب عنه في المغرب. وفي عام 165م عُيّن الرشيد قائداً للجيش، فغزا البيزنطيين وفتح أراضيهم.[1]

بعد وفاة المهدي عام 876م أرسل الرشيد إلى أخيه بطبرستان مراسم الولاية من خاتم الخلافة، والقضيب، والبردة، والتعزية، والتهنئة، وأصبح الرشيد ولي العهد بمُقتضى ما وصّى به أبيه المهدي، إلا أنّ الهادي فكّر في خلع أخيه وتنصيب ابنه جعفر ولياً للعهد، واستمرّت الخلافات والمُنازعات إلى أن مرض الهادي مرضاً شديداً أدّى إلى وفاته.[1]

المُبايعة والخلافة

استلم هارون الرشيد الخلافة في اليوم نفسه الذي توفي فيه أخوه الهادي الموافق 14 سبتمبر من عام 786م، وكان عمره آنذاك 22 سنة، وبمبايعته بلغت الخلافة الإسلامية أوجها ومكانتها المهمة، وبدأ عصر مزدهر في تاريخ الدولة العباسية، حيث ازدهر الأدب، والفن، والعلوم المختلفة، وعمَّ الأمن في أرجاء البلاد، وظهرت قوة الدولة فأصبح يهابها الأعداء والطامعون. واستمر الرشيد في خلافته مدة 23 سنة وشهرين و18 يوماً، إلى أن توفي عن عمر يُناهز 45 سنة.[1]

وفاة الرشيد

خرج هارون الرشيد من بغداد مع جيشه متجهاً إلى خراسان؛ للقضاء على ثورة رافع بن الليث وكان ذلك في عام 808م، وعيّن ابنه محمد الأمين ليتولى أمور الخلافة في بغداد، أما ابنه عبدلله المأمون فقد رافقه إلى خُراسان، وقد عانى الرشيد من ألمٍ في بطنه؛ لذلك كان يشد على بطنه حزاماً من حرير لتخفيف الألم، وعندما وصل منطقة طوس في خُراسان اشتد عليه ألم بطنه ومنعه من مغادرة فراشه، واستمر على ذلك إلى أن توفي في 24 مارس من عام 809م، وبويع ابنه الأمين لخلافة الدولة العباسية من بعده.[3]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ أحمد عبد الحافظ، أيام الرشيد: Harun El-rashid، صفحة 14-20، 29-32. بتصرّف.
  2. ↑ دائرة المعارف العالمية، باحثون عرب، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 25، جزء السادس والعشرون. بتصرّف.
  3. ↑ سامي بن عبدالله المغلوث، أطلس تاريخ الدولة العباسية، السعودية: العبيكان للنشر والتوزيع، صفحة 101. بتصرّف.