وصل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى قباء، فمكث فيها عند بني عمرو بن عوف أربع عشرة ليلةً، وقد أسّس هناك مسجد قباء، ثمّ نزل في بيت الصحابيّ الجليل أبي أيوب الأنصاريّ، وقد ورد أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مكث في بيته سبعة أشهرٍ، كان يصلّي حيث أدركته الصلاة، ثمّ أراد أن يبني مسجداً يكون وجهة له وللمصلّين من المسلمين، فاشترى نخلتين لغلامين من بني النجّار، فقطعهما المسلمون وأخذوا بصفّ الحجارة حول المكان؛ لتأسيس مكانٍ للمسجد، وقد كان بناء المسجد أوّلاً من الجريد، ثمّ جُدّد بعد ذلك من اللِّبن.[1]
آخى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بين المسلمين أنصاراً ومهاجرين حتّى جعل لكلّ مهاجرٍ أخاً له من الأنصار، وكان الأخ حينها يرث أخاه ويكون له من الحقوق كما بين الإخوّة، حتّى جاء تشريع الميراث بشكله النهائيّ في نهاية البعثة النبويّة، وقد كان من بين من آخى بينهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: الزبير وكعب بن مالك، وأبو بكرٍ وخارجة بن زيد وغيرهم، وكانت هذه خطوةً على طريق تنظيم العلاقات داخل المدينة، سواءً بين المسلمين أنفسهم أو بين المسلمين وغيرهم من ساكني المدينة.[2]
كان ممّا أتمّه النبيّ -عليه السّلام- عند وصوله إلى المدينة المنوّرة أن وضع معاهدةً بينه وبين يهود المدينة، وممّا جاء في بنودها ما يأتي:[3]