سنة صلاة الظهر

سنة صلاة الظهر

السّنن الرّواتب

من رحمة الله تعالى بعباده وفضله عليهم أن هيّأ لهم بعض العبادات الّتي تكسبهم مزيداً من الأجر والثّواب، ومن هذه العبادات السّنن الرّواتب التي عددها اثنتا عشرة ركعة، وهي أربع ركعاتٍ قبل صلاة الظّهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد صلاة المغرب، وركعتان بعد صلاة العشاء، وركعتان قبل صلاة الفجر، حيث ينال المسلم الحريص عليها وعلى أدائها فوزاً عظيماً من الله تعالى يوم القيامة، فيبني الله تعالى له بيتاً في جنّات النّعيم، وينال علوّ الدّرجات ورفعتها، ففي كلّ سجودٍ يقوم به المسلم في هذه السّنن تُرفع له درجةٌ، وتمحى عنه خطيئةٌ وسيّئةٌ، وهي سببٌ في سعادة المسلم وفرحه في الدّنيا والآخرة، وقد كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حريصاً أشدَ الحرص على أدائها، وذلك لأنّها تسدّ النّقص الحاصل في الفرائض الّتي يؤدّيها المسلم، فطبيعة النّفس البشريّة مجبولة على السّهو، والغفلة، والنّسيان، ممّا يؤدّي إلى حدوث خللٍ في بعض العبادات، فتأتي هذه الرّواتب بدورها وتسدّ النّقص الحاصل وتكمله.[١][٢]

جاءت تسمية السّنن الرّواتب بهذا الاسم بسبب حفاظ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم على أدائها، وعدم تركها، فإذا تأمّل المسلم الأجور العظيمة الّتي يجنيها من خلال أدائه لهذه السّنن الرّواتب، فإنّه يكاد لا يستطيع إحصاءها، ولو تفكرّ مليّاً بها لما تركها يوماً، فهي مليئة بالذّكر، وتلاوة القرآن الكريم، والافتقار لله تعالى، والخضوع إليه، والاستعانة بالدّعاء، ومن الأفضل أن يحرص المسلمون على تشجيع أقاربهم، وأولادهم، ومن حولهم منذ صغرهم على أدائها، حتّى يكبروا وقد تعوّدوا عليها، فلا يجدون صعوبةً فيها، وإذا تمّ أداؤها في البيت فذلك جائز، وإذا أدّاها الرّجال قدر المستطاع في المساجد فذلك أفضل.[١]

صلاة الظّهر وسنّتها

فيما يأتي حديثٌ عن صلاة الظّهر، وما ورد في سنّتها.

صلاة الظّهر

تعدّ صلاة الظهر من الصّلوات الخمس المفروضة، وتؤدّى في وقت الظّهيرة، حيث يبدأ وقتها عند الزّوال، وهو الوقت الّذي تميل فيه الشّمس عن وسط السّماء، فإذا جاء وقتها ودخل، فقد حان ووجب أداؤها، وينتهي وقتها عندما يصبح ظل كل شيء مثله، ولصلاة الظّهر تسميةٌ أخرى وهي الصّلاة الأولى، وجاءت هذه التّسمية بسبب صلاة الوحي جبريل عليه السّلام أوّل مرّة لهذه الصّلاة بالنّبي صلّى الله عليه وسلّم، وتعدّ صلاة الظّهر أوّل صلاة ظهرت في الإسلام، ويجوز للمسلم حسب رأي جمهور الفقهاء تأخير أداء صلاة الظّهر عند اشتداد الحرّ وقت الظّهيرة إلى حين حصول البرودة في الجوّ، في حين يميل الحنفيّة في رأيهم أنّه يستحبّ عندهم تأخير أداء صلاة الظّهر في الصّيف على الإطلاق، فليس هنالك تقييدٌ عندهم بشدّة الحر.[٣]

سنّة صلاة الظّهر

إنّ السّنن الرّواتب هنّ اثنتا عشرة ركعة، خُصّص منها لصلاة الظّهر ستّ ركعات، أربعٌ منها سنّة قبل صلاة الظّهر، ويكون الإتيان بها على تسليمتين؛ أي ركعتين ركعتين، وركعتان سنّة بعد صلاة الظّهر، ويكون الإتيان بها بتلسيمةٍ واحدة، ودليل ذلك ما ورد في الحديث الشّريف، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من صلَّى في اليومِ و الليلةِ اثنتي عشرةَ ركعةً تطوُّعًا ، بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ : أربعًا قبلَ الظُّهرِ ، و ركعتَين بعدها ، و ركعتَين بعد المغربِ ، و ركعتَينِ بعد العشاءِ ، و ركعتَينِ قبلَ صلاةِ الغَداةِ)،[٤] وهذه السّنن هي المعروفة بالرّواتب، ويجوز للمسلم أن يصلّي أربع ركعاتٍ سنّة قبل صلاة الظّهر، وأربع ركعاتٍ بعدها، وذلك أفضل، والدّليل في ذلك ما ورد في الحديث الشّريف، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من حافظ على أربعٍ قبل الظهرِ وأربعٍ بعدها حرمَّه اللهُ على النار)،[٥] ولكن لا تعدّ هذه الأربع ركعات البعديّة من الرّواتب، لأنّ الرّواتب اثنتان، أمّا من يؤدّيها امتثالاً لفعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فهو خيرٌ له.[٦]

قضاء السّنن الرّواتب

لقد ورد خلافٌ بين الأئمّة حول جواز قضاء النّوافل الرّاتبة عند ذهاب وقتها، وورد هذا الخلاف على رأيين، هما:[٧]

  • الرّأي الأوّل: وهو رأي الحنفيّة، والحنابلة، والقول المشهور عند المالكيّة، وهو انّه لا يجوز قضاء النّوافل الرّاتبة، واستثنوا من ذلك سنّة صلاة الفجر، حيث يجوز قضاؤها بعد انقضاء وقتها.
  • الرّأي الثّاني: وهو رأي الشّافعيّة، وهو أنّ النّوافل غير المؤقّتة لا يجوز قضاؤها، ومن أمثلتها: صلاة الاستسقاء، وصلاة ركعتي تحيّة المسجد، والصّلاة الّتي تشرع عند كسوف الشّمس، في حين أنّ النّوافل المؤقّتة يجوز قضاؤها، ومن أمثلتها: صلاة العيدين، والضّحى، والسنن الرّواتب الّتي تتعلّق بالصّلوات المفروضة، وهذا القول هو من المشهور عند الحنابلة أيضاً.

والرّاجح من الرّأيين، هو الرّأي الثّاني، وهو أنّ النّوافل الرّاتبة يجوز قضاؤها، والأدّلة الواردة في الأحاديث الشّريفة بهذا الخصوص كثيرة، ومنها: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (مَن لم يصلِّ رَكْعتيِ الفجرِ فليُصلِّهما بعدَ ما تطلعُ الشَّمسُ)،[٨] وأيضاً ما روته عائشة رضي الله عنها: (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ كان إذا لم يُصلِّ أربعًا قبلَ الظهرِ ، صلَّاهنَّ بعدَها)،[٩] وأيضاً ما رواه أبو سعيد الخدريّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ( من نام عن الوِتْرِ أو نَسِيَهُ ؛ فليصلِّ إذا ذكر – أو إذا استيقظ -)،[١٠] والأفضل أن يحرص المسلم دائماً على أداء السّنن الرّواتب في وقتها، والمحافظة على ادائها قدر المستطاع، وعدم التّغافل عنها، اقتداءً برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وحتى يكتب له الأجر من الله تعالى.[٧]

المراجع

  1. ^ أ ب اللجنة العلمية في مكتب الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات (20-9-2018)، "السنن الرواتب"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2018.بتصرّف
  2. ↑ "الرواتب والسنن القبلية والبعدية"، www.binbaz.com، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2018.بتصرّف
  3. ↑ وزارة الاوقاف والشئون الإسلامية (1404هـ-1427هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: ماطبع دار الصفوة، صفحة 309-311، جزء 27.بتصرّف
  4. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، الصفحة أو الرقم: 6362، خلاصة حكم المحدث : صحيح .
  5. ↑ رواه ابن باز، في فتاوى نور على الدرب لابن باز ، عن رملة بنت صخر بن حرب، الصفحة أو الرقم: 10/372، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح.
  6. ↑ "السنن الرواتب وكيفية أدائها"، www.binbaz.com، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2018.بتصرّف
  7. ^ أ ب "قضاء السنن الرواتب"، www.islamweb.net، 22-11-2004، اطّلع عليه بتاريخ 31-12-2018.بتصرّف
  8. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 423، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  9. ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 426، خلاصة حكم المحدث : صحيح.
  10. ↑ رواه الألباني، في تخريج مشكاة المصابيح، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1231، خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح .