قصة غزوة بدر

قصة غزوة بدر
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

غزوة بدر

كانت غزوة بدر أول صدامٍ مسلّحٍ في الإسلام، وكانت تلك المعركة فاصلةً بين الحقّ والباطل، ولذلك سُميّت بالفرقان، وقد ضرب الصحابة -رضي الله عنهم- فيها أروع الأمثلة في الجهاد في سبيل الله، والتضحية، والثبات، حيث رُوي أنّ عُمير بن الحمام -رضي الله عنه- كان يمسك بتمراتٍ يريد أن يأكلها، فلمّا سمع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو يحرّض المسلمين على القتال قُبيل المعركة، ويعدّ من يُقتل صابراً، محتسباً، مُقبلاً غير مدبرٍ بجنةٍ عرضها السماوات والأرض، فقال: (لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنّها لحياةٍ طويلةٍ)، ثمّ ألقى التمرات، وقام وقاتل حتى قُتل.[1]

أسباب غزوة بدر

ثمّة العديد من الأسباب التي أدّت إلى غزة بدر، وفيما يأتي بيان البعض منها:[2]

  • استعادة أموال المسلمين التي سيطرت عليها قريش بعد هجرتهم من مكّة المكرمة، بالإضافة إلى إضعاف قريش اقتصادياً، ولذلك قرّر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- استهداف قوافل قريشٍ التي كان جزءاً منها يُجهّز من أموال المهاجرين، والاستيلاء عليها.
  • شعور قريش بالخطر الذي يهدّد حياتهم وتجارتهم؛ بسبب وجود رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والصحابة -رضي الله عنهم- في مكانٍ قريبٍ من طريق قوافلهم المتوجّهة إلى الشام.
  • وجود معسكر الحق المتمثّل برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والمسلمين، ومعسكر الباطل المتمثّل بقريش، ولا بُدّ من تصادم الحقّ والباطل، لإحقاق الحقّ.
  • ثوران قريش وتخبطها بسبب السريّ، التي كانت تخرج من المدينة المنورة، باتجاه نخلةٍ التي تقع بين مكة والطائف.
  • خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والصحابة رضي الله عنهم، للاستيلاء على قافلةٍ عائدةٍ من الشام بقيادة أبي سفيان بن حرب، وفيها أموالاً لقريش، فقال الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه: (هذه عيرُ قُريشٍ، فيها أموالُهم، فاخرُجوا إليها، لعلَّ اللهَ يُنفِلُكُموها)،[3] فلمّا وصلت الأخبار إلى أبي سفيان، استأجر رجلاً يُدعى ضمضم بن عمرو الغفاري، ليذهب مُسرعاً إلى مكة، ليُخبر قريش حتى يخرجوا للدفاع عن أموالهم، ففعل ذلك.

أحداث غزوة بدر

بعد أن وصل خبر خروج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والصحابة رضي الله عنهم، للاستيلاء على العير إلى كفار قريش، هاجوا وماجوا، وبدأوا يعدّون العدّة لحرب المسلمين، ثمّ خرج من مكة جيشٌ قِوامه ألفٌ وثلاثمئة مقاتلٍ، ومئة فارسٍ، وستون درعاً، وتوجّهوا إلى بدرٍ والحقد يملئ قلوبهم، وفي تلك الأثناء استطاع أبو سفيان بحنكته ودهائه أن يُفلت بالقافلة، وأرسل إلى القرشيين أن ارجعوا فقد نجت أموالكم، فهمّ الناس بالرجوع، إلّا أنّ أبا جهلٍ أصرّ على المضي قدماً وقتال المسلمين، فأطاعته قريش، ولمّا وصلت الأخبار إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ عقد مجلساً لاستشارة أصحابه -رضي الله عنهم- في خوض تلك المعركة، فتكلّم أبو بكرٍ، وعمر، والمقداد رضي الله عنهم، وأحسنوا القول، ثمّ أعاد النبي -عليه الصلاة والسلام- طلب المشورة فقال: ( أشيروا عليَّ أيها الناسُ)، فعلم سعد بن معاذ -رضي الله عنه- أنّ رسول الله يريد رأي الأنصار فقال سعد: (لكأنَّكَ تريدنا يا رسولَ اللهِ؟)، قال: ( أجل)، فقال سعد: (فقد آمنَّا بك، وصدَّقناكَ، وشهدنا أنَّ ما جئتَ بهِ هوَ الحقُّ، وأعطيناكَ على ذلك عهودنا، ومواثيقنا على السمعِ والطاعةِ لكَ، فامضِ يا رسولَ اللهِ لما أردتَ فنحنُ معك، فو الذي بعثكَ بالحقِّ لو استعرضتَ بنا البحرَ فخضْتَه لخُضْنَاهُ معكَ، ما تخلَّفَ منا رجلٌ واحدٌ وما نكرَهُ أن تَلْقى بنا عدوَّنا غدًا إنَّا لصبرٌ في الحربِ صدقٌ عندَ اللقاءِ، لعل اللهَ يُرِيَكَ منا ما تقَرُّ بهِ عينُك، فسِرْ على بركةِ اللهِ)، فسُرّ رسول الله بما سمع، وقال: (سيروا وأبشروا فإنَّ اللهَ قد وعدني إحدى الطائفتينِ).[4][1]

ثمّ توجّه المسلمون نحو أرض بدرٍ، ولمّا وصلوا أشار الحباب بن المنذر -رضي الله عنه- بالاقتراب من مصدر المياه، ليمنع المشركين من الوصول إلى الماء، ففعلوا، ثمّ بدأ الجيشان بالتجهّز للمعركة، وجاءت ساعة اللقاء، وكانت شعلة البداية بالمبارزة بين ثلاثة فرسانٍ من قريش، وهم: عتبة، وأخوه شيبة، وابنه الوليد، فخرج لهم ثلاثةٌ من الأنصار، فرفضوا قتالهم، وطلبوا ثلاثةً من المهاجرين، فأمر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عمّه حمزة بن عبد المطلب، وابنا عمه علي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم، بالخروج للقتال، فهزم المسلمون الكفار، وأجهزوا عليهم، فغضب المشركون لقتل فرسانهم، وهاجموا المسلمين، ودارت رحى المعركة، وانتشر الغبار، وتعالت الصيحات، وتطايرت الأشلاء، وفي تلك الأثناء أغفى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ رفع رأسه، وقال لأبي بكرٍ رضي الله عنه: (أبشِر يا أبا بكرٍ أتاكَ نصرُ اللَّهِ؛ هذا جِبريلُ آخذٌ بعَنانِ فرسِهِ يقودُهُ علَى ثَنايا النَّقعِ)،[5] فخرج وهو يقول: (سَيُهَزمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)،[6] وما هي إلّا ساعاتٍ قليلةٍ حتى انقشع الغبار عن أرض المعركة، وظهرت نتائجها، فكان النصر حليف المسلمين، والهزيمة الساحقة للكفار، حيث قُتل سبعون من قادة قريش، وأُسر سبعون آخرون.[1]

نتائج غزوة بدر

بعد الانتصار العظيم الذي حقّقه المسلمون في معركة بدر، انتشرت الأخبار في الجزيرة العربية، ممّا أدى إلى تحسين سمعتهم، وزيادة هيبتهم بين القبائل، بالإضافة إلى زيادة تمكين رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، وزيادة إيمان المسلمين بربهم عزّ وجلّ، وتوطيد ثقتهم بنبيهم، وارتفاع نجم الإسلام، وزادت قوتهم في المدينة، حتى أصبح المشركون عاجزين عن إظهار شركهم، ممّا أدى إلى ظهور النفاق، والمكر، والخداع، وعلى الصعيد العسكري اكتسب المسلمون مهاراتٍ، وخبراتٍ جديدةٍ في الحرب، وشهرةً كبيرةً في الجزيرة العربية، وخارجها.[7]

المراجع

  1. ^ أ ب ت "غزوة بدر الكبرى .. يوم الفرقان"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2018. بتصرّف.
  2. ↑ " أسباب غزوة بدر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2018. بتصرّف.
  3. ↑ رواه الألباني، في فقه السيرة، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 218، صحيح.
  4. ↑ رواه أحمد شاكر، في عمدة التفسير، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2/103، أشار في المقدمة إلى صحته.
  5. ↑ رواه الألباني، في فقه السيرة، عن عبد الله بن ثعلبة، الصفحة أو الرقم: 227، إسناده حسن.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3953، صحيح.
  7. ↑ "معركة بدر.. فاتحة عهد جديد (2)"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-11-2018. بتصرّف.