كان أيّوب -عليه السلام- يمتلك الكثير من المال والأنعام، إضافةً إلى الأراضي الواسعة، فجمع الله له زينة الحياة من المال والولد، إلّا أنّ الخالق له حكمته في كُلّ شيءٍ، حيث ابتلاه بخسران المال وهجران الأهل والأصدقاء، إلّا أنّه بقي حامداً لله تعالى، فزاد الابتلاء بالمرض حتى أصاب الجسد ما أصاب، ولم يبق شيئاً سليماً لديه إلّا قلبه ولسانه،[1] فاجتمع عليه عذاب الجسد وفقدان المال ومتعته، بالإضافة إلى العذاب النفسيّ الذي تمثّل في وساوس الشيطان بأنّ الله ترك نبيّه في ابتلاءٍ دون شفاءٍ، إلّا أنّ أيّوب استمرّ في صبره وحمده لله فأصبح إمام الصابرين، فمصيبته لم تُثنيه عن عبادة الله وطاعته، حتى رحمه جلّ في علاه، فأزال عنه البلاء وأعاد عليه نعمة الأهل والمال، قال تعالى: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ)،[2][3] وتجدر الإشارة أنّ ابتلاء الله لنبيّه أيّوب لم يكن على عقوبةٍ أو ذنبٍ، بل لحكمةٍ لا يعلمها إلّا هو، وهذا حال الأنبياء في الصبر والثبات، فيرفع الله لهم الدرجات العالية والمقامات السامية.[4]
في قصص الأنبياء الكثير من العبر التي ثبّتت قلب الرسول وزادت من صبره، وكانت نبراساً في شدّ عزمه وعزم المؤمنين، ومن هذه القصص ابتلاء أيّوب، والتي تمتلك الكثير من الدروس والعِبر، منها:[5]
هو نبيّ الله أيّوب بن أموص بن رازح بن عيصو بن نبيّ الله إسحاق عليهما السلام، وقيل إنّ زوجته هي بنت أفرايم بن يوسف بن يعقوب، وأسمها إيليا، وتُذكر عند أهل الأثر باسم رحمة، أمّا والدته فهي بنت النبيّ لوط، وكان من بعده ابنه بشر والذي سُمّي بذي الكفل،[6] ومعنى اسم أيّوب هو العودة إلى الله -تعالى- في كُلّ الأحوال، إذ أصبح رمزاً للصبر والثبات، حتى وصل لدرجة أنّه لم يطلب من الله أن يرفع عنه البلاء إلّا شفقةً بزوجته، وكُلّ ذلك بهدف الحصول على رضى الله تعالى.[7]