فضل الصيام

فضل الصيام

تعريف الصيام وأهميته

يعرّف الصوم لغةً بالإمساك، والركود، والصمت، أمّا الصوم شرعاً: فهو الإمساك عن المفَطِّرات، وهي؛ الأكل، والشرب، والجماع، والاستقاء، والاستعاط، تقرّباً وتعبّداً إلى الله سبحانه، وفي وقت من اليوم مقداره من الفجر إلى المغرب،[1] فالصوم عبادةٌ من أهمّ العِبادات، وطاعةٌ من الطاعات المباركة التي لها آثارٌ عظيمةٌ في الدنيا والآخرة؛ كتزكية النفس، وصلاح القلب، وحفظ الحواس والجوارح من الشرور والفتن، وفيها ما يُعين على تحصيل الأجر العظيم، وتكفير السيِّئات المُهلِكات، وتحصيل أعلى الدرجات، وقد اختصَّ الله -سبحانه وتعالى- هذا الركن العظيم من بين العبادات بفضائل عظيمة.[2]

فضائل الصيام

الصيام مدرسةٌ صحيةٌ واجتماعيةٌ وتربويةٌ، مبناها الصبر، وعمودها مخالفة الهوى، وكسر الشهوات، والانشغال بالعبادات؛ من صلاةٍ، وصيامٍ، وقيامٍ، وذكرٍ، واعتكافٍ، وقراءةٍ قرآن، وإحسانٍ إلى الفقراء والمحتاجين، وكل ذلك رغبةً من المسلم بنيل فضائل الصيام التي رتّبها الله -تعالى- على الصيام، ومن هذه الفضائل ما يأتي:[3]

  • إضافة الصيام لله سبحانه وتعالى: أضاف الله -سبحانه وتعالى- الصيام لنفسه ليعرف المسلم عظيم أجره، وشرف قدره، فكل شيء يُضاف -لله تعالى- يَعظُم قدره، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (قال اللَّه: كلُّ عمل ابن آدم له، إلَّا الصِّيام، فإنَّه لي وأنا أجزي به)،[4] وقد ذكر العلماء أسباب اختصاص الصيام بهذا الفضل عندما شرحوا الحديث، ومنها ما يأتي:
  • إنّ الرياء لا يتسرب إلى الصيام، كما يقع في غيره من العبادات.
  • إنّ الخالق -سبحانه وتعالى- تفَّرَّد بمعرفة مقدار ثواب الصيام، ومضاعفة الحسنات فيه.
  • إنّ الصيام من العبادات المحببة لله -تعالى- والمقدّمة عنده.
  • إنّ العبادة بالصيام لله وحده، فلم يُعبَد غير الله -تعالى- بالصيام.
  • الصيام من أفضل الأعمال: جعل الله -سبحانه وتعالى- الصيام من الأعمال الصالحة التي لا مثيل لها، ودليل ذلك ما رواه أبو أمامة الباهلي -رضي الله عنه- قال: (قلتُ يا رسول اللَّه مرني بعملٍ قال: عليك بالصَّوم فإنَّه لا عدل له قلت: يا رسول اللَّه مرني بعملٍ قال عليك بالصَّوم فإنَّه لا عدل له).[5]
  • الصيام جُنَّة: جعل الله -سبحانه وتعالى- الصيام حصناً حصيناً وسدّاً منيعاً يقي المسلم من الوقوع في المعاصي والشهوات في الدنيا، ويقيه من عذاب النّار في الآخرة، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (الصِّيام جُنَّةٌ).[4]
  • مضاعفة أجر الصائم: استثنى الله -سبحانه وتعالى- الصيام من الأعمال التي يُضاعَف أجرها بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، وجعل أجره غير محصور؛ وعدَّه من الصبر، حيث قال الله -تعالى- في أجر الصبر: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)،[6] وقد ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنّه سمّى رمضان بشهر الصبر، ولا يخفى اجتماع جميع أنواع الصبر في الصيام، ففيه صبرٌ على طاعة الله تعالى، وصبرٌ عن ما حرَّم الله -تعالى- على الصائم من الشهوات، وصبرٌ على المشقة من العطش والجوع وضعف البدن والنفس، ولا شك أنّ هذا الصبر كلّه يُثاب فاعله، ويزداد هذا الأجر في صيام رمضان، وكذلك في صيام عشر ذي الحجة لشرف الزمان.[7]
  • الصيام سبب لسعادة المسلم: أكرم الله -سبحانه وتعالى- الصائم بأنّ جعل له فرحتان:[7]
  • الصيام باب من أبواب الخير: دلّ الرسول الكريم صاحبه معاذ بن جبل على الصيام عندما سأله عن أبواب الخير، وذلك لأنه طريقٌ لجلب الخير العظيم للصائم، وسببٌ لمغفرة الذنوب، والحصول على الأجر العظيم، كما يعتبر الصيام سبباً للتحصين من جهنم والابتعاد عنها سبعين خريفاً، ويتحقّق ذلك في صيام يومٍ واحدٍ في سبيل الله، كما إنّ للصائم دعوةً لا تُرَدّ، والصيام يعين على ضبط النفس وإبعادها عن الشهوات والمغريات، وهو سببٌ لتحقيق التقوى، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[8] ويدخل الصائم من باب الريان الذي أُعِدَّ للصائمين بشكل خاص، وينال الشفاعة بإذن الله، فالقرآن والصيام يشفعان لصاحبهما يوم القيامة، ومن فضائل الصيام كذلك الفوز بمحبة الله تعالى، حيث إنّ خَلوف فم الصائم أطيب عند الله -تعالى- من ريح المسك.[2]
  • الصيام يكفّر للذنوب: جعل الله -تعالى- الصيام من الكفارات لبعض الذنوب؛ وذلك لِعِظَم أجره وثوابه، ومن الذنوب التي يكفّرها الصيام كفارة ما يأتي:[9]
  • كفارة فدية الأذى: أي من كان في رأسه أذى في الحج، ولم يستطع أن يحلق رأسه، فعليه أن يُكَفِّر عن ذلك بالصيام.
  • كفارة اليمين: وهي صيام ثلاثة أيام لمن لم يجد إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة.
  • كفارة من لم يجد الهدي في الحج: فمن كان متمتّعاً بالحج ولم يكن من أهل مكة، ولم يجد الهدي، عليه صيام عشرة أيام؛ ثلاثة أيامٍ في الحج، وسبعة إذا رجع إلى بلده.
  • كفارة القتل الخطأ: وهي صيام شهرين متتابعين عند عدم التمكن من تحرير رقبة.
  • الصيام جزاء قتل الصيد في حالة الإحرام: فجزاء قتل الصيد للمحرم إطعام مساكين، أو عدل ذلك صياماً.
  • كفارة الظهار: فمن ظاهر امرأته وأراد أن يراجعها كفارته تحرير رقبة، فإن لم يجد فعليه صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فعليه إطعام ستين مسكيناً.
  • الفرحة الأولى: فرحة الصائم عندما يتناول طعام الإفطار، فإنّ نفسه مجبولةٌ على حب الطعام والشراب والجماع الذي مُنعت منه في وقت معيّن، ثم أبيح لها في وقتٍ آخر، وهو بالحالين يكون في عبادة، فقد تركها عندما طُلِبَ منه ذلك، وبادر إليها عندما أُذِنَ له ذلك، ويمكن أن يغتنم المسلم فضائل الصيام بالقيام بأمرين:
  • الفرحة الثانية: فرحته عند لقاء الله تعالى، فإنّ الصائم يجد ثواب صومه في الدنيا مدّخراً له عند الله -تعالى- في وقتٍ أحوج ما يكون إليه في الآخرة.
  • أن ينوي الصائم بأكله وشربه تقوية بدنه على الصيام والقيام، وينوي بنومه في ليله ونهاره أن يتقوّى على العبادات، وهو بذلك يصبح ليله ونهاره في عبادة، فهو في نهاره صابرٌ صائمٌ، وفي ليله شاكرٌ طاعمٌ.
  • أن يكون فطره على ما أحلَّ الله تعالى، لأنّه إذا أفطر على ما حرَّم الله وقع في الإثم.

أيام يُستحَبّ فيها صيام التطوع

هناك العديد من الأيام التي يُستحَبّ للمسلمين أن يصوموا فيها صيام تطوع إذا تيسّر لهم ذلك، وهذه الأيام هي:[10]

  • صيام الاثنين والخميس، وبالنسبة للمرأة إذا كان لها زوج فلا بد من رضاه.
  • صيام ستة أيام من شوال.
  • صيام التسع أيام الأوائل من ذي الحجة لغير الحاج، أمّا الحاج فلا يصوم يوم عرفة.
  • صيام يوم وفطر يوم، وهذا أفضل الصيام.
  • صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فعلى المسلم أن يحرص على صيام الأيام البيض، لأنّها أفضل وهي: يوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر من كل شهرٍ هجري، وإن صام ثلاثة أيام من كل شهرٍ غير البيض فلا بأس بذلك.

المراجع

  1. ↑ محمود عويضة (2002)، الجامع لأحكام الصيام (الطبعة الثانية)، صفحة 10. بتصرّف.
  2. ^ أ ب د محمود سعادات (16-6-2016)، "فضائل الصيام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-4-2019. بتصرّف.
  3. ↑ محمد الشوبكي، "الصيام وفضائله"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-4-2019. بتصرّف.
  4. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1904، صحيح.
  5. ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أبي امامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 2222، صحيح.
  6. ↑ سورة الزمر، آية: 10.
  7. ^ أ ب "فضل الصيام"، www.ar.islamway.net، 12-9-2007، اطّلع عليه بتاريخ 9-4-2019. بتصرّف.
  8. ↑ سورة البقرة، آية: 183.
  9. ↑ د سعيد القحطاني، فضائل الصيام وقيام صلاة التراويح، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 29-32. بتصرّف.
  10. ↑ "الأيام التي يستحب فيها الصيام"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 9-4-2019. بتصرّف.