طريقة صلاة الاستخارة بالتفصيل

طريقة صلاة الاستخارة بالتفصيل
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

صلاة الاستخارة

يجري كلُّ أمرٍ في هذهِ الدُّنيا بأمرِ الله وإرادته وتحت عِلمه جلَّ جلاله، فلا يعلم الغيب والشّهادة إلّا الله، ولا يملك مفاتِح الخير والبركة والتّوفيق إلّا الله سُبحانهُ وتعالى، والمؤمن بربِّه والمتوكِّل عليه دائمُ الاطمئنانِ والسُّكون والهدوء، فلا تراه يجزَع لمَصائب الحياة وتقلُّباتٍها؛ لأنّهُ يعلم أنّ الله لا يختار لعباده إلّا ما هوَ خيرٌ لهُم في دينهم ودُنياهُم.

المُسلم الذي يُريد أن يُقبِل على أمرٍ ذي بال بالإضافة إلى الإيمان الرّاسخ لديه بعلم الله بخوافي الأمور وبواطنها كلّها ينبغي عليه أن يسأل الله عزَّ وجلّ أن يُيسِّر له الخير فيه، حيث كانَ الصّحابة رُضوانُ الله عليهم يسألون الله عزَّ وجلّ في كُلِّ أمرٍ، وفي كُلِّ شأنٍ من شؤون حياتهم وشؤون دينهم.

معنى صلاة الاستخارة

الصّلاة في اللّغة: الدُّعاء، وقيلَ: التّعظيم، [1]، والاستخارة لغةً: من استخارَ يستخير استخارةً، فهو مُستَخير، واستخار اللهَ تعالى: أيْ سأله أن يوفِّقه إلى اختيار ما فيه مصلحته، وأن يُعجِّله له، وصلاة الاستخارة: هي صلاةٌ تُؤدّى لطلب الخِيَرَةِ في الشّيء، واستخار الشَّيءَ: انتقاه واصطفاه،[2]أمّا الاستخارة اصطلاحاً: هي طلب الخِيَرة من الله تعالى في أَمرٍ من الأمور المَشروعَةِ أو المُباحَة.[3]

صلاة الاستخارة في السنّة النبويّة

  • جاء في صحيح الإمام البخاريِّ عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُ أصحابَه الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كما يُعَلِّمُ السورةَ من القرآنِ، يقولُ: (إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركَعْ ركعتينِ من غيرِ الفريضةِ، ثمّ لْيقُلْ: اللهمَّ إنّي أَستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقُدرتِك، وأسألُك من فضلِك، فإنّك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ، اللهمَّ فإن كنتَ تَعلَمُ هذا الأمرَ -ثمّ تُسمِّيه بعينِه- خيرًا لي في عاجلِ أمري وآجلِه -قال: أو في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري- فاقدُرْه لي، ويسِّرْه لي، ثمّ بارِكْ لي فيه، اللهمّ وإن كنتَ تَعلَمُ أنّه شرٌّ لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري -أو قال: في عاجلِ أمري وآجلِه- فاصرِفْني عنه، واقدُرْ ليَ الخيرَ حيثُ كان ثمّ رَضِّني به)،[4] ذكر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في هذا الحديث النبويّ أنّه من أراد الاستخارة فعليه أن يبدأ بصلاة ركعتين من غير الفريضة، أمّا الحديث الثّاني فقد خلا من ذلك بل جاء فيه: فليقل: (كذا وكذا).
  • أورد ابنُ حبان في صحيحه من حديث أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( إذا أراد أحَدُكم أمرًا فلْيقُلِ: اللَّهمَّ إنِّي أستخيرُكَ بعِلْمِكَ، وأستقدِرُكَ بقدرتِكَ، وأسأَلُكَ مِن فضلِكَ العظيمِ، فإنَّكَ تقدِرُ ولا أقدِرُ، وتعلَمُ ولا أعلَمُ، وأنتَ علَّامُ الغُيوبِ، اللَّهمَّ إنْ كان كذا وكذا -للأمرِ الَّذي يُريدُ- خيرًا لي في دِيني ومعيشتي وعاقبةِ أمري فاقدُرْه لي، ويسِّرْه لي، وأعِنِّي عليه، وإنْ كان كذا وكذا -للأمرِ الَّذي يُريدُ- شرًّا لي في دِيني ومعيشتي وعاقبةِ أمري فاصرِفْه عنِّي، ثمَّ اقدُرْ لي الخيرَ أينما كان، لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ)،[5] في هذا الحديث النبويّ ذكر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما على المسلم قوله في الاستخارة.

وقت صلاة الاستخارة

ليس لصلاة الاستخارةِ وقتٌ محدّدٌ، فللمسلم متى أهمَّهُ أمرٌ وأراد أن يطلب الخيَرة من الله أن يتوجَّه إليه بالصّلاة ويسألَ حاجته، إلا أنَّ أداء الصّلاة محصورٌ بأوقات الاستحباب والإباحة، فعليه أن يبتعد عن الأوقات التي تُكره فيها الصَّلاة، وهي ما بعد أداء صلاة الفجر إلى طلوع الشّمس بقدر رُمح أي من وقت الانتهاء من صلاة الفجر إلى وقت الضّحى، ووقت توسُّط الشّمس في السّماء أي من فترة الزّوال إلى الظّهر، وما بعد الانتهاء من صلاة العصر إلى ما بعد الغروب أي من صلاة العصر إلى صلاة المغرب، فإن ابتعد عن تلك الأوقات جازَ له أن يُصلِّيها متى أراد.[6]

طريقة صلاة الاستخارة

صلاة الاستخارة لها هيئتان خاصّتان، وأمورٌ وأعمالٌ يجب القيام بها ومراعاتها، حتّى تقع الاستخارة تامّةً صحيحةً، وهما:

الاستخارة بصلاة ركعتين

  • يُسَنّ لطلب الاستخارة أن يتوضّأ المسلم فيُحسِنَ الوضوء.[7]
  • يُصلي المستخير ركعتين من غير الفريضة؛ فيقرأ في الركعة الأولى سورة الكافرون، وفي الرّكعة الثّانية سورة الإخلاص.[8]
  • يستقبل القبلة عندما ينتهي من أداء الصّلاة؛ لكي يقول دعاء الاستخارة. [7]
  • يفتتح دعاءه بحمدِ الله والصّلاة على رسوله، ويختتم بهما.[8]
  • يقول دعاء الاستخارة.
  • يُسنُّ له أن ينام على طهارةٍ.[7]
  • إذا رأى في منامه بياضاً أو خُضرَةً فذلك الأمر خيرٌ، وإن رأى فيه سواداً أو حُمرَةً فهو شَرٌ ينبغي أن يجتنبه، وعلى طالب الاستخارة أن يُسلِّم أمره لله عزَّ وجلَّ؛ فيتوكّل عليه حقَّ التوكّل، وإنّ ما من خيرٍ أو شرٍّ يأتيه إلّا بعلم الله وإرادته. [7]

تجدُر الاشارة إلى أنّ ظُهور أَثَرِ الاستخارة لا يقتصرُ على الرُّؤية أو المنامات فقط، إنّما يأتي دور التّوفيق الرَّبانيّ؛ فإنَّ الله إن لجأ عبده لاستخارته، ثمّ توكَّل عليه حقَّ التوكُّل فإنّه يُيسِّر له ذلك الأمر إن كان خيراً، فيجد طريقه سهلاً سلساً مُيسّراً بتوفيق الله عزّ وجلّ، وإن كان الأمر غير ذلك وجد طريقه صعباً شائِكاً حتّى يصرفه الله عنه.

الاستخارة بقول الدُّعاء

يدعو طالب الاستخارة في الهيئة الثانية دون صلاةٍ:

  • يُسَنّ لطاب الاستخارة أن يتوضّأ فيُحسِنَ الوضوء.[7]
  • يستقبل القبلة؛ كي يقول دعاء الاستخارة.[7]
  • يفتتح دعاءه بحمد الله والصّلاة على رسوله، ويختتم بهما.[8]
  • يقول دعاء الاستخارة.

المراجع

  1. ↑ جمال الدين، محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (1968)، مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار (الطبعة الثالثة)، الهند: مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، صفحة 344، جزء 3.
  2. ↑ أحمد مختار عبد الحميد عمر (2008)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، بيروت: عالم الكتب، صفحة 711، جزء 1.
  3. ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، مختصر الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية ، صفحة 698، جزء 2.
  4. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله السلمي، الصفحة أو الرقم: 7390.
  5. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 885، صحيح.
  6. ↑ سليمان بن محمد بن عمر البُجَيْرَمِيّ (1995)، حاشية البجيرمي على الخطيب، بيروت: دار الفكر، صفحة 428، جزء 1. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت ث ج ح زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتاب الإسلامي، صفحة 56، جزء 2.
  8. ^ أ ب ت وهبة مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1064-1065، جزء 2. بتصرّف.