سنة وفاة الرسول

سنة وفاة الرسول
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

خاتم الأنبياء

من رحمة الله -تعالى- بعباده أن بعث إليهم رسلاً وأنبياء؛ لهدايتهم ودعوتهم إلى عبادة الله -تعالى- وحده، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، فأول هؤلاء الرسل سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام، وآخرهم سيدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وكان كلّ نبي من الأنبياء -عليهم السلام- يُبعث إلى قومه خاصّةً، أمّا رسول الله محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- فقد بعثه الله -تعالى- للناس كافّةً؛ قال الله -تعالى- في القرآن الكريم: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)،[1] وقد أنزل الله -تعالى- على رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- القرآن الكريم، المعجزة الخالدة؛ لهداية الناس بإذن ربهم، قال الله تعالى: (الر كِتابٌ أَنزَلناهُ إِلَيكَ لِتُخرِجَ النّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ بِإِذنِ رَبِّهِم إِلى صِراطِ العَزيزِ الحَميدِ).[2][3]

اسم الرسول ومولده ونشأته

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مُرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مُدركة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان، وُلد يوم الاثنين، الثاني من شهر ربيع الأول، وقيل: في الثامن منه، وقيل: العاشر، وقيل: الثاني عشر، من عام الفيل، مات أبوه عبد الله وهو في بطن أمّه، استُرضع في بني سعد، فأرضعته حليمة السعدية، وبقي عندها نحو أربع سنوات، إلى أن حصلت حادثة شقّ الصدر، فردّته إلى أمّه، ثمّ خرجت به أمّه إلى المدينة لزيارة أخواله، فتوفيت في منطقة تعرف بالأبواء، عند عودتهم إلى مكة، وكان عمره حينها ست سنوات، وثلاثة أشهر، وعشرة أيّام، وبعد وفاة أمّه حضنته أمّ أيمن، وكفله جدّه عبد المطّلب، وعندما بلغ من العمر ثماني سنوات، توفي جدّه، فأوصى به إلى عمّه أبي طالب.[4]

وفاة الرسول

توفيّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ضحى يوم الاثنين؛ الموافق الثاني عشر من شهر ربيع الأول، من السنة الحادية عشرة للهجرة، فقد روى الصحابي الجليل أنس بن مالك فقال: ( أنّ المسلمين بينما هم في الصلاة الفجر، من يوم الاثنين، وأبو بكر يصلّي بهم، لم يفجأهم إلّا ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد كشف سترَ حجرة عائشة رضي الله عنها، فنظر إليهم، وهم في صفوف الصلاة، ثمّ تبسّم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظنّ أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يريد أن يخرج إلى الصلاة، فقال أنس: وهمّ المسلمون أن يَفتتنوا في صلاتهم؛ فرحاً برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأشار إليهم بيده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أن أتِمّوا صلاتكم، ثمّ دخل الحجرة، وأرْخى السِتْر)،[5] وعندما بدأ رسول الله الاحتضار، أسندته عائشة -رضي الله عنها- إليها، وكانت تقول: (إنّ من نعم الله عليّ: أنّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- توفي في بيتي، وفي يومِي، وبين سحري ونحري، وأنّ الله جمع بين ريقي وريقه عِندَ موته: دخل علي عبد الرحمن، وبيده السواك، وأنا مسندة رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنّه يحبّ السواك، فقُلْت: آخذه لك؟ فأشار برأسه: أن نعم، فتناولته، فاشتدّ عليه، وقُلْت: ألينه لك؟ فأشار برأسه: أن نعم، فلينته، فأمره، وبين يديه ركوة أو علبة -يشكّ عمر- فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه، يقول: لا إله إلّا الله، إنّ للموت سكرات، ثمّ نصب يده، فجعل يقول: اللهمّ في الرفيق الأعلى، حتى قبض، ومالت يده).[6][7]

بعثة الرسول وهجرته

بعث الله -تعالى- نبيه محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- على حين فترةٍ من الرسل، وهو في عمر الأربعين، جاءه الوحي وهو يتعبّد في غار حِراء؛ وهو غار يقع في أعلى جبل النور، الموجود شرقيّ شمال مكة، على يمين الداخل إليها، فكان أول ما نزل عليه قول الله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ*خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ*اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ*الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ*عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)،[8] فأخبر زوجته خديجة -رضي الله عنها- بما جرى معه، فكانت خير مُعينٍ له، وذهبت إلى ورقة بن نوفل، وأخبرته بما حصل مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال: (يا ليتني فيها جذَعٌ، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّمَ: أومخرجيّ هم؟ قال: نعم، لم يأتِ رجل قطُّ بمثل ما جئت به إلّا عُودي، وإن يدركني يومك، أنصرْك نصراً مؤَزراً، ثمّ لم ينشب ورقة أن توفي، وفتر الوحي)،[9] ثمّ أنزل الله -تعالى- على رسوله قوله: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ*قُمْ فَأَنْذِرْ*وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ*وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ*وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ).[10][11]

قام الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وبشّر قومه وأنذرهم، فكان أوّل من أجابه من غير أهل بيته أبو بكر رضي الله عنه، وبقي الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يدعو الناس سرّاً، حتى نزل قول الله تعالى: ( فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)،[12] فجهر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بدعوته، وكانت قريش تسخر منه، وتستهزئ به، ويؤذونه بالقول وبالفعل، وكان من أشدّ الناس إيذاءً له وسخريةً به عمّه أبو لهب، ولمّا رأى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- استهانة قومه به، ذهب إلى الطائف؛ يدعو رؤساءها إلى الإسلام، فقابلوه بأمر غلمانهم بضربه، فعاد يشكو همّه إلى خالقه.[11]

ثمّ أرسل الله -تعالى- الأنصار إلى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، فبايعوه على عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يمنعوه إذا قدم عليهم ممّا يمنعون منه نساءهم وأبناءهم، ثمّ بعد ثلاث عشرة سنة من مبعثه أذن الله -تعالى- له بالهجرة إلى المدينة، وكان بصحبته أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه، فكانت الهجرة في شهر ربيع الأول، فلمّا عَلِم الأنصار بهجرة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وصاحبه، كانوا يخرجون كلّ يوم إلى حرّة المدينة؛ يستقبلون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حتى يردّهم حرّ الظهيرة، فلمّا كان اليوم الذي وصلَ فيه الرسول، اجتمعوا إليه مُحيطين به؛ متقلّدين سيوفهم، وخرج النساء والصبيان، وكلّ واحدٍ يأخذ بزمام ناقة الرسول صلّى الله عليه وسلّم؛ يريد أن يكون نزوله عنده، وهو يقول: دعوها فإنّها مأمورة، حتى إذا أتت محلّ مسجده بركت، ثمّ بعد ذلك أذن الله -تعالى- له بقتال أعدائه الذين كانوا يصدّون عن سبيل الله، وأيّد نبيه بالنصر.[11]

المراجع

  1. ↑ سورة سبأ، آية: 28.
  2. ↑ سورة ابراهيم، آية: 1.
  3. ↑ محمد بن ابراهيم التويجري، "نبذة يسيرة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-6-2018. بتصرّف.
  4. ↑ ابن كثير (1429)، مختصر الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم (الطبعة الأولى)، السعودية: مدار الوطن، صفحة 6-9. بتصرّف.
  5. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 4448، صحيح.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4449، صحيح.
  7. ↑ "وفاة النبي صلى الله عليه وسلم"، WWW.islamweb.net، 18-7-2002، اطّلع عليه بتاريخ 9-6-2018. بتصرّف.
  8. ↑ سورة العلق، آية: 1-5.
  9. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 3، أورده في صحيحه.
  10. ↑ سورة المدثر، آية: 1-5.
  11. ^ أ ب ت الشيخ ابن عثيمين (24-4-2007)، "بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته ووفاته"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 9-6-2018. بتصرّف.
  12. ↑ سورة الحجر، آية: 94.