ما هي أركان الصيام

ما هي أركان الصيام

تعريف الصيام ومشروعيته

شهر رمضان المبارك هو الشهرالتاسع من شهور السنة الهجريّة ، وقد جاء الأمر الإلهيّ بصيامه في السنة الثانية من الهِجرة، وقد صام الرسول -صلى الله عليه وسلم- رمضان تسع مرّات وصام معه المسلمون، والصيام ركن من أركان الإسلام، وقد أجمع العلماء على وجوب صيامه، لقوله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)،[1] ويبدأ وقت الصيام سواء كان صيام واجباً أو تطوّعاً من بعد أذان الفجر الثاني، وينتهي بدخول وقت صلاة المغرب، قال الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)،[2] وقد تناول العلماء فريضة الصيام بالبحث والنّظر؛ فأجادوا وأفادوا، وبيّنوا للأمة أحكامه ومسائله وأركانه ومبطلاته.

أركان الصيام

الصيام عند العلماء له ركنان أساسيان، هما: النيّة والإمساك عن المفطرات، وفي ما يلي تفصيلهما.[7]

النيّة

وتعني القصد، أي: اعتقاد قلب المرء فعل أمرٍ معيّن، والعزم على فعله بلا تردد، والمقصود هنا عزم المرء على الصوم عزماً مستجمعاً قصده في قلبه، من غير شكّ أو تردّد فيه، واستدلّ أهل العلم على كون النيّة ركناً من أركان الصيام، بما روته أم المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- أنّ رسول الله -عليه السلام- قال: (مَن لمْ يُبيِّتِ الصيامَ مِنَ الليلِ فلا صيامَ له)،[8] وبالحديث الذي يرويه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لكلِّ امرئٍ ما نوى)،[9] والنية محلّها القلب، ولا يشرع أو يشترط أنْ يتلفّظ بها الصائم، فهي عمل قلبي لا علاقة للسان به، وحقيقة النّية هنا؛ قصد الفعل استجابةً لأمر الله سبحانه، وطلباً للأجر والمثوبة، ويشترط انعقاد النيّة ليلاً لصوم رمضان، وهو ما يسمّيه العلماء تبييت النيّة، وتجوز النيّة في أيّ جزء من أجزاء الليل، وعلى المسلم أن لا يستجيب لوساوس الشيطان في انعقاد نيّته للصيام؛ فالأمر لا يحتاج إلى تكلّف، وإنما يكفي استحضارها بالقلب، بل إنّ سحوره بنيّة الصيام يُعدّ انعقاد قلبه بها.[7]

الإمساك عن المفطّرات

إذ يجب على الصائم أن يمتنع عن المفطّرات من المطعومات، والمشروبات، وممارسة الجماع، وذلك ابتداءً من طلوع الفجر الصادق إلى تحقّق غروب شمس نفس اليوم، استناداً لقول الله عز وجل: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)،[2] ويقصدُ بالخيط الأبيض والخيط الأسود اللّذين ورد ذكرهما في الآية السابقة الذكر: بياض النّهار وسواد الليل، ويحصل ذلك ببزوغ الفجر الصادق؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (إذا أقبل الليلُ من ها هنا، وأدبر النهارُ من ها هنا، وغربتِ الشمسُ، فقد أفطر الصائِمُ)،[10] وقوله أيضاً: (لا يغرنَّكم من سحورِكم أذانُ بلالٍ، ولا بياضُ الأفقِ المستطيلِ هكذا، حتى يستطيرَ هكذا).[11][7]

فضل الصيام

شهر رمضان شهرٌ عظيم مُبارَك، اختصّه الله -عز وجل- ليكون موسماً للرّحمات، وقد استفاضت أخبار فضائل صيام رمضان، ومن ذلك ما يأتي:[12]

  • يفتح الله -عز وجل- فيه أبواب الجنّة؛ لكثرة ما فيه من الأعمال الصالحة، مثل: الصيام، والقيام، ويُغلِق أبواب النار؛ لقلّة معاصي أهل الصيام.
  • في رمضان كثر فُرص المسلم في تحصيل مغفرة الذنوب، حيث جاء في الحديث الذي يرويه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنّ الصيام من أهمّ الأعمال التي يحقّق العبد بها مغفرة ذنوبه، فقال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)،[13] وقال أيضاً: (الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ).[14]
  • يعطي المولى -عز وجل- الصائم أجره بغير حساب؛ وهذا يؤكّد أنّ الصوم عبادةٌ خالصةٌ بين العبد وربّه، حيث يتجلّى في قلب العبد مقام المراقبة والإحسان، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (كلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ لَه إلَّا الصَّومَ، فإنَّهُ لي وأَنا أجزي بِه، ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيبُ عندَ اللَّهِ من ريحِ المسكِ).[15]
  • الصيام سبب في تحصيل الشفاعة لصاحبه يوم لقاء الله، فقد جاء في الحديث أنّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قال: (الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ).[16]
  • إنّ صيام يومٍ في سبيل الله، كفيلٌ بأن يُباعد الله تعالى وجهه صاحبه عن النار سبعين خريفاً، فقد صحّ أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما منْ عبدٍ يصومُ يوماً في سبيلِ اللهِ، إلَّا باعدَ اللهُ بذلكَ اليومِ وجهَهُ عن النَّارِ سبعينَ خريفًا).[17]
  • اختصّ الله -عز وجل- الصائمين في الآخرة ببابٍ لهم دون غيرهم، يدخلون منه إلى منازلهم في الجنّة، اسمه: باب الرّيان.

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 185.
  2. ^ أ ب سورة البقرة، آية: 187.
  3. ↑ أحمد بن فارس (1979م)، معجم مقاييس اللغة، بيروت: دار الفكر، صفحة 323، جزء 3. بتصرّف.
  4. ↑ علي الجرجاني (1983م)، التعريفات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 136.
  5. ↑ سورة البقرة، آية: 183.
  6. ↑ محمد الرازي (1420هـ)، مفاتيح الغيب (الطبعة الثالثة)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 239، جزء 5. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت محمود سعدات (18-6-2016)، "شروط الصيام وأركانه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2018. بتصرّف.
  8. ↑ رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن حفصة بنت عمر، الصفحة أو الرقم: 914، صحيح.
  9. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1 ، صحيح.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن الخطاب، الصفحة أو الرقم: 1954 ، صحيح.
  11. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم: 1094 ، صحيح.
  12. ↑ رأفت صلاح الدين (6-6-2016)، "فضل صيام رمضان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-4-2018. بتصرّف.
  13. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2014.
  14. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 233 ، صحيح.
  15. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5927 ، صحيح.
  16. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 3882 ، صحيح.
  17. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1153 ، صحيح.