ماذا لو احبك الله

ماذا لو احبك الله
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

حب الله لعباده

خلق الله -تعالى- الإنسان، ونفخ فيه من روحه، وفضّله على كثيرٍ من المخلوقات، فأسجد الملائكة لآدم عليه السلام؛ رفعاً لقدره وقدر ذريته ومنزلتهم، وسخّر الله -عزّ وجلّ- الكون بكلّ ما فيه لخدمة الإنسان، وتحقيق النفع والخير له، فأطعمه، وسقاه، وآواه، وشافاه عند مرضه، وعافاه عند سقمه، وإنّ من واجب الإنسان عبادة الله -عزّ وجلّ- على الوجه الذي يرضاه، فذلك مدعاةً لحبّ الله -تعالى- لعبده، ومن الجدير بالذكر أنّ حبّ الله -تعالى- لعباده لا يُشبه حبّ البشر للبشر، فالبشر يُحبّون بعضهم البعض لحاجةٍ يجدوها عند المحبوب، بينما حبّ الله -تعالى- لعباده حبّاً ليس متبوعاً بطلبٍ أو حاجةٍ، فالله -تعالى- هو الغنيّ، وهذا الحبّ هو حبّ القويّ للضعيف، وحبّ العظيم للصغير، وقد قدّم الله -عزّ وجلّ- في القرآن الكريم حبّه لمخلوقاته على حبّ مخلوقاته له، فقال في مُحكم كتابه الكريم: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)،[1] وإنّ هذا من فضل الله على عباده، ولطفه، ورحمته بهم، وقد جاء في سبب تقديم الله -عزّ وجلّ- حبه لعباده على حبّ عباده له؛ بأنّ حب العباد لله -تعالى- لا يكون إلّا بتسخير الله -تعالى- قلوبهم لذلك، والله يُسخّر قلوب من يُحبّهم ليُحبّوه، هذا بالإضافة إلى بيان معنى الاستمرارية الذي دلّ عليه استخدام الفعل المضارع، وقد بيّن الله -تعالى- حبّه لعباده بوجوهٍ عديدةٍ، فمنهم من سمّاهم الله -تعالى- بأسمائهم في كتابه العظيم، ومن ذلك قوله: (إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى*أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)،[2] ومن أوجه محبة الله -تعالى- لعباده اتخاذه لإبراهيم -عليه الصلاة والسلام- خليلاً، وقد ورد في ذلك قول الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا).[3][4]

دلائل وآثار محبة الله لعبده

هناك مجموعة من الدلائل التي تدلّ المسلم على حبّ الله -تعالى- له، منها:[5][6]

  • إشغال الله -تعالى- لعبده بمحبته وطاعته، فترى الذين يُحبّهم الله -سبحانه- يُسارعون إلى فعل الخيرات، ويحرصون على الالتزام بالطاعات، والبعد عن المنكرات، ويُحبّون ما يُحبّ الله عزّ وجلّ، وينفرون ممّا يبغضه، وترى ألسنتهم ذاكرة لله -تعالى- على الدوام، فتتيسّر أمورهم من حيث لا يحتسبون، وتتدبّر شؤونهم من غير ذلٍّ للبشر، ويُسدّد الله -تعالى- خطاهم ودروبهم وبواطنهم.
  • اختيار الإنسان لأسهل الخيارات، واتصافه بالرفق واللين.
  • القبول في الأرض، وما يدلّ على ذلك قول الرسول محمّد صلّى الله عليه وسلّم: (إذا أحبّ الله عبداً نادى جبريل: إنّ الله يحبّ فلاناً فأحبّه، فيحبّه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إنّ الله يحبّ فلاناً فأحبّوه، فيحبّه أهل السماء، ثمّ يُوضع له القبول في الأرض)،[7] ويُقصد بالقبول في الأرض أنّ الله -جلّ علاه- يُحبّب عباده به، فيجعل قلوب الناس تميل إليه، فيرضون عنه، ويُثنون على تصرفاته.
  • ابتلاء الله -تعالى- لعبده، فقد جاء في السنة النبوية الشريفة أنّ ابتلاءات الله -تعالى- قد يخصّ بها عباده الذين يُحبّهم.
  • التوفيق لعمل الخير والصلاح قبل أن يحين الأجل.
  • إجابة الله -تعالى- لدعاء العبد، فهذا دليل على محبّته له، وكذلك من آثار محبة الله -تعالى- لعبده أن يُسدّد قوله وفعله.
  • نجاته من عذاب الله تعالى، وما يدلّ على ذلك قول الله عزّ وجلّ: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ).[8]
  • رحمة الله -تعالى- له، وحشره مع الذين يُحبّهم يوم يبعث عباده.
  • حمايته من الفتن التي قد تظهر في الدنيا، وتؤثّر في دين الإنسان وعقيدته.

أسباب حب الله لعباده

حتى يفوز الإنسان بمحبة الله -تعالى- له، لا بُدّ من حبّه لما يُحبّ الله وبغضه لما يُبغض الله جلّ علاه، ومن الأمور التي تساعد على ذلك وتتسبّب بمحبة الله لعبده:[6]

  • الصبر؛ ويُقصد بذلك الصبر على الشدائد والمحن، والصبر على طاعة الله تعالى، واجتناب نواهيه.
  • الأخذ بالأسباب والتوكّل على الله -عزّ وجلّ- صدق التوكل، وإنّ التوكّل على الله يشمل جلب النفع ودفع الشر.
  • اتخاذ الإحسان منهجاً في المعاملة، وذلك في معاملة الإنسان للغير، وعبادته لله عزّ وجلّ.
  • الجهاد في سبيل الله تعالى.
  • بر الوالدين وطاعتهما، والصلاة على وقتها.
  • الالتزام بأداء الفرائض، والحرص على أداء النوافل بعد ذلك، وما يدلّ على ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما تقرّب إليّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممّا افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أُحبّهُ).[9]
  • الحرص على ذكر الله تعالى، والمواظبة على ذلك.
  • المداومة على الأعمال الصالحة وإن قلّت.
  • الالتزام بمكارم الأخلاق، بما فيها الحياء، والستر، والكرم، والحلم، والمسامحة، والأناة، والرفق، وغير ذلك.
  • الإكثار من قول: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، وما يدلّ على ذلك ما جاء في الحديث النبوي الشريف من قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان علي اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم).[10]
  • تجنب ما يُبغض الله تعالى، وما لا يُحبّ، ومن ذلك الكفر به، والاستكبار عن عبادته، والإساءة للآخرين والاعتداء عليهم، وظلم الناس، والإسراف، والمنّ، والإعجاب بالنفس، والتعالي على الغير.

المراجع

  1. ↑ سورة المائدة، آية: 54.
  2. ↑ سورة طه، آية: 38-39.
  3. ↑ سورة النساء، آية: 125.
  4. ↑ "حب الله تبارك وتعالى لعباده"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-7-2018. بتصرّف.
  5. ↑ "دلائل محبة الله لعبده"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-7-2018. بتصرّف.
  6. ^ أ ب "محبة الله جل جلاله لعبده: أسبابها وآثارها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-7-2018. بتصرّف.
  7. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 283، صحيح.
  8. ↑ سورة المائدة، آية: 18.
  9. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1782، صحيح.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 7563، صحيح.