ما هو الخشوع في الصلاة

ما هو الخشوع في الصلاة

حقيقة الخشوع في الصلاة

يسعى المسلم في أثناء أدائه للصلاة أن يبلغ درجة الخشوع المطلق؛ حتى يستشعر لذّة الصلاة، ومكانتها، وحقيقتها، ولكي ينال الفضل والخير الذي وعده الله به بعد أدائه الصلوات المفروضة، وأداء النوافل، والسنن الرواتب، والسنن الأخرى بخشوعٍ تامٍ، فالصلاة هي الركن الأهمّ في أركان الإسلام، والخشوع فيها يعني قبولها، ونيل الأجر والثواب عليها، وهي دلالةٌ على قبولها عند الله تعالى، أمّا كيفية الوصول إلى الخشوع في الصلاة فإنّ ذلك ممّا تكلّم فيه العلماء وبحثوه وكثرت الأقوال عند العلماء فيه، بل إنّ بعضهم وضعوا له أسساً وطرقاً وهيئاتً وأحوالاً، وفي هذه المقالة سيتم عرض الطرق والأسباب المعينة على الوصول إلى الخشوع في الصلاة، وأثر تلك الأسباب في الخشوع، وحقيقة الخشوع، وأهميته، وغير ذلك من النقاط المتعلّقة بالخشوع في الصلاة.

الخشوع في الصلاة

توجد العديد من الأمور التي من خلال استحضارها والاستعانة بها يصل المسلم إلى الخشوع التام في صلاته، ومن أبرز وأهمّ تلك النقاط والأسباب المعينة على الوصول إلى الخشوع في الصلاة ما يأتي:[1][2]

  • أن يستحضر المصلّي عند وقوفه لأداء الصلاة عظمة الله تعالى، وأنّه أثناء وقوفه لأداء الصلاة وعند شروعه فيها واقفاً بين يَدَي ملك السماوات والأرض، الجبّار المتكبّر، وأنّه بين يدي الله يفعل به ما يشاء، وأمره إلى الله، حيث قال الله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).[3]
  • أن ينظر المصلّي أثناء الصلاة إلى موضع سجوده، ولا يلتفت يميناً أو شمالاً، أو إلى ما حوله من الأشياء، أو إلى السماء، فذلك أحرى أن يتدبّر في الصلاة، وما يُتلى فيها من القرآن الكريم، ويتدبّر في معانيها وحقيقتها حتى يصل إلى الخشوع المطلوب.
  • أن يتدبّر المسلم أثناء صلاته ما يُتلى عليه في الصلاة، ويستمع إليه، ويُنصت إلى قراءة الإمام إن كان مأموماً، ويتدبّر الآيات التي يستمع إليها، ويتدبّر ما يقرأه من القرآن إن كان منفرداً أو إماماً، ويتدبّر الأذكار والأدعية التي تعرض عليه في الصلاة، ويستشعر معناها وما تدعو إليه، فذلك أوعى لقلبه، وأبلغ في الوصول إلى الخشوع التام الذي يسعى إليه.
  • أن يتدبّر المصلّي الآيات التي تذكر الموت، أو يذكر الموت في صلاته، مع استشعاره بأنّه يصلّي صلاته الأخيرة التي سيُقبض بعدها، ثمّ سيلقى الله -تعالى- على تلك الحالة، وكأنّه يصلّي صلاة مودّع.
  • أن يُهيئ المصلّي المكان الذي سيؤدّي فيه صلاته، ويهيئ حاله النفسيّ والعقليّ والجسديّ؛ لاستقبال الصلاة، فلا يترك حوله من الأشياء والرسومات والحيوانات ما يُشغله عن الصلاة، أو يكون بحاجةٍ لشيءٍ يجعله يفقد الخشوع في الصلاة؛ كأن يصلّي وهو بحاجةٍ لقضاء الحاجة مثلاً، أو يُصلّي بحضرة الطعام، وأن يُزيل ما يُمكن أن يشغل نظره من الزخارف والمناظر والصور؛ حتى لا يتشتت خشوعه بسبب تلك الأمور.
  • أن يُجاهد نفسه للوصول إلى الخشوع، حيث إنّ الخشوع ليس من الأمور السهلة التي يصل إليها المسلم براحةٍ دون بذل جهدٍ أو مجاهدة نفسٍ، بل لا بدّ له من أن يجاهد نفسه ويصبر ويحاول مرّاتٍ ومرّاتٍ بلوغ الخشوع في الصلاة؛ حتى يسهل عليه ذلك، ويستشعر الخشوع في صلواته بكل سلاسةٍ وراحةٍ.
  • أن يُدرك المصلّي الفضل العظيم والأجر الجزيل الذي أعدّه الله -تعالى- لمن يخشع في صلاته، فقد ثبت عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (ما منِ امرئٍ مسلمٍ تحضرهُ صلاةٌ مكتوبةٌ فيُحسنُ وضوءَها وخشوعَها وركوعَها، إلّا كانتْ كفارةً لما قبلها منَ الذنوبِ ما لمْ يؤتِ كبيرةً، وذلكَ الدهرَ كلَّهُ).[4]

تعريف الخشوع في الصلاة

يعدّ الخشوع في الصلاة من الأمور الهامّة لقبول صلاة المسلم، وفيما يأتي بيان المعنيين اللغوي والاصطلاحي للخشوع في الصلاة:

  • معنى الخشوع لغةً: مصدر خَشَعَ يخشع خشوعاً، فهو خَشوع وخاشع، وخشوع الطرف: أي غضّه، والصلاة خشوع: أي الصلاة في استكانةٍ وتذلّلٍ لله وسكون، وخشوع القلب: ضراعته وسكونه، وخشع لله: ركن له واستكان، ويُقال كذلك: خشع بصره؛ أي انكسر، ويُقال: خشع الصوت؛ أي انخفض.[5]
  • معنى الخشوع اصطلاحاً: يُقصد بالخشوع في الاصطلاح الشرعيّ خشوع القلب في الصلاة، والوصول إلى الخوف من الله أثناء الصلاة، واستشعار عظمة الله، وقيل الخشوع في الصلاة يعني: إقبال المسلم عليها في قلبه وشعوره، وقيل: بل يعني السكون فيها، وقيل: هو ألّا يُحدّث المصلّي نفسه خلال الصلاة.[6]

حكم الخشوع في الصلاة

اختلف العلماء في حكم صلاة مَن لم يخشع في الصلاة، ولم يصل إلى مرحلة الخشوع، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوال بيانها على النحو الآتي:[6]

  • مع الأهمية البالغة التي يحتلّها الخشوع في الصلاة، فإنّ صلاة مَن لم يخشع في صلاته ولم يصل إلى الخشوع المطلق صحيحة ولا شيء فيها عند جمهور العلماء، وقد نقل الإمام النووي أنّ ذلك هو المتفق عليه بين العلماء.
  • ذهب ابن حامد والإمام ابن الجوزي من فقهاء المذهب الحنبلي أنّ مَن لم يصل في صلاته إلى الخشوع فقد بطلت صلاته.
  • ذهب بعض العلماء أنّه يُشترط الخشوع في الصلاة ولو في جزءٍ يسيرٍ منها، وقد جعل البعض هذا الجزء متلخصاً في أي جزءٍ من الصلاة، ولو كان بمقدار تكبيرة الإحرام فقط، فالمهم عند أصحاب هذا القول بلوغ الخشوع ولو يسيراً، ولا يرون اشتراط الخشوع طوال الصلاة.

المراجع

  1. ↑ أمين بن عبد الله الشقاوي (16-1-2010)، "الخشوع في الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2018. بتصرّف.
  2. ↑ أبو بكر، "كيف تخشع في الصلاة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2018. بتصرّف.
  3. ↑ سورة الزمر، آية: 67.
  4. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عثمان بن عفان، الصفحة أو الرقم: 228، صحيح.
  5. ↑ "تعريف ومعنى الخشوع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2018.
  6. ^ أ ب "الخشوع؛ معناه وحكم الصلاة بدونه"، www.fatwa.islamweb.net، 9-10-2002، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2018. بتصرّف.