-

ما فضل أيام عشر ذي الحجة

ما فضل أيام عشر ذي الحجة
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

استقبال الأيام العشر من ذي الحجة

خلق الله سبحانه وتعالى الزمان، وجعل بعضه مفضلاً عن بعض، وجعل الناس في هذه الدنيا كمثل التجار في أسواقهم، فهم يتاجرون فيها مع الله عز وجل الذي لا تنفذ خزائنه ولا ينقص شيء مما عنده، والتجارة معه جل وعلا لا تبور أبداً، حيث قال: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ)،[1] فالإنسان حين يتاجر مع الناس يكسب مكاسب ضئيلة جداً، أما حين يتاجر مع الله جل جلاله فإن تجارته تؤتي ثمارها كثيرة وافرة، فالحسنة عنده سبحانه بعشر أمثالها، وتصل إلى سبعمئة ضعف، كما أن الله عز وجل يضاعف لمن يشاء، ومن فضل الله تعالى على الناس أن جعل لهم مواسم يزداد فيها كسبهم وربحهم، فهي مواسم للطاعات والقربات، ويستكثر فيها الإنسان من العبادة والعمل الصالح، ويتنافس فيها مع غيره من المسلمين في تحصيل الربح الوفير والأجر العظيم، فالسعيد الفائز من استثمر هذه المواسم واجتهد فيها بأقصى ما يمكنه، ومن هذه المواسم العظيمة، موسم الأيام العشر من ذي الحجة، وهي الأيام التي شهد لها الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها أفضل أيام الدنيا، ووجه المسلمين فيها إلى الاستكثار من العمل الصالح.[2][3]

وحتى يتمكن المسلم من الاستفادة من الأيام العشر من ذي الحجة بأكبر قدر ممكن، ويستغلها بأفضل ما لديه من طاعات وقربات فلا بدّ له أن يتهيأ لاستقبالها بعدّة أمور مهمة، ومنها التوبة الصادقة، فحري بالمسلم أن يستقبل هذه الأيام الفاضلة بتوبة نصوحة صادقة إلى الله تعالى يعزم فيها على عدم الرجوع إلى المعاصي أو التقصير في الطاعات، ومما يحسن للمسلم أن يفعله لاستقبال هذه الأيام أيضاً أن يعزم النية الأكيدة على اغتنامها، فيحرص على ملء هذه الأيام بالأعمال الصالحة والأقوال التي ترضي الله عز وجل، وينوي في نفسه أن يجتهد أيّما اجتهاد في تحصيل أجورها وبركتها، فمن عزم على أمر ما بصدق، أعانه الله تعالى عليه، ويسّر له من الأسباب ما يعينه على ذلك أيضاً، وأخيراً فإن على المسلم أن يستقبل الأيام العشر من ذي الحجة بالبعد عن المعاصي وهجر الذنوب والآثام، فإن الطاعات سبب في قرب العبد إلى الله تعالى، والمعاصي سبب في بعده عنه، وقد يُحرم الإنسان رحمة الله بذنب أذنبه، فالواجب إذن أن يحذر من ارتكاب المعاصي في تلك الأيام العظيمة.[3]

فضل الأيام العشر من ذي الحجة

الأيام العشر من ذي الحجة أيام عظيمة الشأن في الإسلام، وقد ورد في تعظيم شأنها عدد من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وفيما يأتي بيان جانب من فضلها:[3][4]

  • أقسم الله تعالى بالأيام العشر من ذي الحجة في قوله (وَالْفَجْرِ*وَلَيَالٍ عَشْرٍ)،[5] وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنه وعن غيره قولهم إن المراد بالعشر في الآية الكريمة العشر من ذي الحجة، وإذا أقسم الله تعالى بأمر ما فهذا دليل على عظمة مكانته، لأن العظيم سبحانه لا يقسم إلا بعظيم.
  • أخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن العابد في الأيام العشر من ذي الحجة أفضل من المجاهد في سبيل الله تعالى، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (ما العملُ في أيامِ العشْرِ أفضلَ من العملِ في هذه، قالوا: ولا الجهادُ؟ قال: ولا الجهادُ، إلا رجلٌ خرجَ يخاطِرُ بنفسِه ومالِه، فلم يرجِعْ بشيءٍ)[6].
  • قال جمهور العلماء ومنهم ابن عباس أن الأيام العشر من ذي الحجة هي الأيام المعلومات المذكورة في قول الله تعالى (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ)[7].
  • أخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن العمل في الأيام العشر من ذي الحجة هو أحب إلى الله تعالى من العمل في غيرها، قال صلى الله عليه وسلم: (ما من أيامٍ أعظمُ عند اللهِ ولا أحبُّ إليه العملُ فيهن من أيامِ عشرِ ذي الحجةِ)[8].
  • يأتي يوم عرفة في الأيام العشر من ذي الحجة، وهو يوم عظيم في الإسلام، فهو يوم الحج الأكبر ويوم مغفرة الذنوب والعتق من النيران.
  • يأتي في الأيام العشر من ذي الحجة يوم النحر أيضاً، وهو أفضل أيام العام في قول بعض العلماء.
  • تجتمع في الأيام العشر من ذي الحجة أمهات العبادات من صيام وصدقة وحج وصلاة، وهذا لا يكون في غيرها من أيام العام أبداً.

يستحب للمسلم أن يكثر من الطاعات والعبادات في هذه الأيام، ومما ورد من تلك الطاعات المستحبة فيها ما يأتي:[9]

  • الصيام، فيستحب للمسلم أن يصوم الأيام التسع الأولى من الأيام العشر من ذي الحجة، لما في الصيام من فضائل وأجور عظيمة، ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم تلك الأيام.
  • الإكثار من ذكر الله تعالى، ومنه التهليل والتكبير والتحميد، فهي سنّة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأيام العشر من ذي الحجة، والتكبير فيها صار من السنن المهجورة في هذا الزمن، فينبغي الجهر به إحياءً لهذه السنة بين الناس وتذكير الغافلين منهم.
  • أداء نسك الحج والعمرة، وهذه من أعظم الأعمال التي يمكن للمسلم القيام بها في الأيام العشر من ذي الحجة.
  • الأضحية، وهي من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى، فيستسمن أضحيته ويبذل ماله في سبيل ذلك ثم يذبحها قربة إلى الله عز وجل.

المراجع

  1. ↑ سورة فاطر، آية: 29.
  2. ↑ الشيخ عبيدالله بن أحمد القحطاني، "أبواب الأجر .. في الأيام العشر"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-10. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت "عشر ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبة فيها"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-10. بتصرّف.
  4. ↑ "فضل أيام عشر ذي الحجة "، www.ar.islamway.net، 2015-9-14، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-10. بتصرّف.
  5. ↑ سورة الفجر، آية: 1-2.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 969، صحيح.
  7. ↑ سورة الحج، آية: 28.
  8. ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في الأمالي المطلقة، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 14، حسن.
  9. ↑ "يسأل عن فضل العشر من ذي الحجة"، www.islamqa.info، 2007-12-10، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-10. بتصرّف.