ما مكانة الصلاة في الإسلام

ما مكانة الصلاة في الإسلام

عبادة الله تعالى

العبادة في لغة العرب تعني الخضوع والتذلل، ويمكن القول: إنّها كلّ ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة، ويعتقد بعضُ الناس أن العبادة محصورةٌ في الصلاة والصيام والحجّ، والحقيقة أنّ مفهوم العبادة أعمّ وأشمل من ذلك؛ وهي طاعة الله تعالى في كلّ ما أمر، وتعظيم أمره، والخضوع والتذلّل له، بحيث تسقط كلّ الأوامر عند أمره عزّ وجلّ، ومن الأمثلة على العبادة؛ حب الله تعالى ورسوله، والصبر لحكمه، والرضا بقضائه، وخشية الله تعالى والإنابة إليه، بالإضافة إلى الصلاة، والصيام، والزكاة، وحجّ البيت، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، وصدق الحديث، وصلة الرحم، وجهاد الكفار والمنافقين، ولا بُد من توّفر ركنين أساسيين؛ ليتحقق معنى العبادة لله تعالى، وهما؛ غاية الذلّ و الخضوع لله، وغاية المحبّة له تعالى، ومن الجدير بالذكر أنّ العبادة تنقسم إلى نوعين من حيث نفعها؛ فمنها ما يكون نفعها ذاتياً، كالصلاة والصيام و قراءة القرآن، ومنها ما يكون نفعها متعدياً، كالزكاة مثلاً، وبالرغم من الفضل العظيم للنوع الأول، إلا أنّ النوع الثاني -وهو ما يتعدى نفعه للناس ككافل الأرملة والمسكين- أفضل وأعظم أجراً، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (السَّاعي على الأرملةِ والمسكينِ، كالمُجاهدِ في سبيلِ اللَّهِ، أو القائمِ الليلَ والصائمِ النهارِ)،[1] وقال عليه الصّلاة والسّلام: (أنا وَكافِلُ اليتيمِ في الجنَّةِ هَكذا، وقالَ بإصبعيهِ السَّبَّابةِ والوُسطَى).[2][3]

مكانة الصلاة في الإسلام

إنّ الصلاة من أعظم شرائع الإسلام؛ إذ إنّ الله تعالى خاطب رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- بلا واسطةٍ، وفرضها على المسلمين في السماء في ليلة الإسراء والمعراج، ولم يفرضها بإرسال ملكٍ من الملائكة كالشرائع الأخرى، وقد ذكرها في القرآن الكريم في الكثير من المواضع، ومنها قوله سبحانه وتعالى: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)،[4] وممّا يدل على أهمية الصلاة وعظم مكانتها في الإسلام ما يأتي:[5]

  • أنّ الصلاة ركنٌ من أركان الإسلام، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ).[6]
  • أنّ الصلاة آخر ما وصى به النبي -عليه الصّلاة والسّلام- وهو في سكرات الموت، كما روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (كان آخر ُكلامِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: الصلاةَ الصلاةَ! اتقوا اللهَ فيما ملكت أيمانُكم).[7]
  • أنّ الصحابة قالوا بكفر تارك الصلاة، كما قال التابعي شقيق بن عبدالله رحمه الله: (كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة).
  • أنّ الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، كما قال رسول الله عليه الصّلاة والسّلام: (أوَّلُ ما يحاسَبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ ، فإِنْ صلَحَتْ صلَح له سائرُ عملِهِ، وإِنْ فسَدَتْ، فَسَدَ سائرُ عملِهِ).[8]
  • أنّ الصلاة تُفرّق بين المسلم والكافر، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (بين الرجلِ وبين الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ).[9]
  • أنّ الصلاة على وقتها من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى، فقد سأل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- النبي -عليه الصّلاة والسّلام- عن أحب الأعمال إلى الله، فقال: (الصلاة على وقتها).[10]
  • أنّ أحداً من الصحابة -رضي الله عنهم- لم يكن يتخلّف عن الصّلاة، إلا منافقٌ معلوم النفاق أو مريضٌ، وحتى المريض في بعض الأحيان، كان يُحمل إلى المسجد ثمّ يصلي، كما أخبر بذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

مكانة الصلاة عند السلف

من المواقف التي تدل على عظم مكانة الصلاة عند السلف رضي الله عنهم ما يأتي:[11]

  • عمر بن الخطاب رضي الله عنه: وقد ضرب مثالاً في تعظيم الصلاة؛ فعندما طعنه المجوسي عدة طعناتٍ بسكينٍ ذات حدين في صلاة الفجر، ما كان من عمر إلا أن أمسك بيد عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- وقدّمه؛ ليُكمل الصلاة بالناس، ثمّ أُغشي عليه، وحمله الصحابة الكرام إلى بيته، فلمّا أرادوا أن يوقظوه من إغمائه، قال بعضهم: إنّ قلب عمر -رضي الله عنه- مُعلّقٌ بالصلاة، فنادوه إلى الصلا،ة وسيجيبكم إن كانت به حياةٌ، فما أن صاحوا: الصلاة يا أمير المؤمنين الصلاة، حتى أجابهم رضي الله عنه: (الصلاة والله)، ثم سأل عبد الله بن عباس: (أصلى الناس؟)، قال: نعم، فقال: (لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة)، و طلب الماء فتوضأ وصلى وجرحه ينزف دماً، هكذا كان حالهم مع الصلاة في أصعب الأحوال، حتى عند سكرات الموت، لم يتهاونوا فيها.
  • سعيد بن المسيب: لم تفته صلاة في جماعةٍ لمدة أربعين سنة.
  • ابن الزبير، كان إذا قام للصلاة؛ كأنّه عودٌ، وفي يوم من الأيام وهو يصلي في الحجر، رُمي بالحجارة من المنجنيق فلم يلتفت.
  • يعقوب بن إسحاق: سُرق رداؤه عنه وهو في الصلاة، فلم يشعر؛ من شدة إنشغاله بعبادة ربه، ثمّ أُعيد إليه فلم يشعر أيضاً.
  • علي بن الحسين: كان يصلي في بيته، فاشتعلت فيه النار، فقام الناس يطفئونها، وهو لم يلتفت في صلاته حتى انطفئت النار، فسأله الناس ألم تشعر بالنار من حولك، فقال لهم:(ألهتني عنها نار الآخرى).
  • سعيد بن عبد العزيز، كان يبكي إذا فاتته صلاة الجماعة.

المراجع

  1. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 5353، صحيح.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم: 6005، صحيح.
  3. ↑ "مفهوم العبادة"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-5-2018. بتصرّف.
  4. ↑ سورة الانعام، آية: 162.
  5. ↑ "الصلاة ومكانتها في الإسلام ووجوب صلاة الجماعة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-5-2018. بتصرّف.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 8، صحيح.
  7. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داوود، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 5156، صحيح.
  8. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2573، صحيح.
  9. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن جابر بن عبد الله ، الصفحة أو الرقم: 82، صحيح.
  10. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 527، صحيح.
  11. ↑ "حالنا وحالهم مع الصلاة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 18-5-2018. بتصرّف.