ما ثواب العمرة

ما ثواب العمرة
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

بيت الله الحرام مكانٌ ومكانةٌ

بيت الله الحرام مكانٌ يحفل بمكانةٍ عظيمةٍ عند الله تعالى، وعند كلّ المؤمنين من كلّ أصقاع الأرض، بل هو عشق قلوبهم، وقرّة أعينهم، وهو قبلتهم التي تجمعهم على طاعة الله ووحدانيته، وجعل الله البيت الحرام مثابة للنّاس وأمناً، فإليه تشدّ الرّحال، وتسير الرّكبان، وتُحشد الحشود، امتثالاً لأمر الله -سبحانه- إذ يقول: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)،[1] واستجابةً لنداء إبراهيم عليه السلام: (رَبَّنا إِنّي أَسكَنتُ مِن ذُرِّيَّتي بِوادٍ غَيرِ ذي زَرعٍ عِندَ بَيتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقيمُوا الصَّلاةَ فَاجعَل أَفئِدَةً مِنَ النّاسِ تَهوي إِلَيهِم وَارزُقهُم مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُم يَشكُرونَ)،[2] وقد جعل الله قصد بيته الحرام سبيلاً لتحصيل الكثير من الأجور والمنافع؛ ففتح الله لعباده باب الحجّ والعمرة، وجعل الحجّ فرضاً لازماً لمن استطاع إليه سبيلاً، ورتّب على أداء العمرة أجراً عظيماً، وفضلاً كبيراً؛ فما هو ثواب العمرة؟

ثواب العمرة

تعدّ العمرة من الأعمال والمناسك التي يتقرّب بها العبد إلى الله تعالى، وقد دأب المسلمون على أدائها، والتماس فضلها لما ورد من الحثّ عليها في هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك:

  • رغّب النبي -عليه السلام- بأداء العمرة، وبيّن أجرها؛ فقال: (العمرةُ إلى العمرةِ كفَّارَةٌ لمَا بينَهمَا، والحجُّ المبرورُ ليسَ لهُ جزاءٌ إلّا الجنَّةُ)،[3] والمعنى المراد أنّ الله -تعالى- يكفّر عن المسلم ما وقع فيه من معاصٍ وآثامٍ بين العمرتين ما لم يأتِ كبيرةً من الكبائر، وذلك مصداقاً لقول الله سبحانه: (إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ).[4][5]
  • أكرم الله -تعالى- عباده بأنْ جعل ثواب أداء العمرة في شهر رمضان يعادلُ في الأجر أجر حِجّة، وفي هذا يقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (عُمرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةٌ)،[6] وهذا الأجر متحصّلٌ عليه في جميع أيام وليالي شهر رمضان، ولا يقتصر على العشر الأواخر منه.[7]
  • قرن النبي -عليه السلام- الحثّ على أداء العمرة وتكرارها بالأمر بالحجّ، وهذا يدلّ على عظمة مكانة وفضل العمرة، والمراد استشعار عظمة العمرة، وعدم الوقوع في إهمالها، حيث يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (تابِعوا بينَ الحجِّ والعُمرةِ فإنَّهما ينفيانِ الفقرَ والذُّنوبَ كما ينفي الكيرُ خبَثَ الحديدِ)،[8][9]
  • حمل الحديث السّابق فضائلاً عظيمةً بحقّ المسلم الذي يتابع ويداوم على أداء العمرة، حيث إنّها سببٌ في:[9]
  • زيادة البركة في رزق المعتمر، فهي طاردةٌ للفقر، وجالبةٌ للرزّق وهنأة العيش، وهذا باب من أبواب الرّزق التي تفضّل الله -تعالى- بها على عباده.
  • مفغرة الذنوب وتكفير السّيئات، فيرجع المسلم منها نقيّاً صافياً من كلّ الأدران التي تجلبها المعاصي على حياة المسلم.

صفة العمرة وأعمالها

على مَن سهّل الله له طريقاً إلى أداء العمرة، وعزم على المسير أنْ يُحرم من الميقات، أو من مكانٍ يحاذي ميقاته، ثمّ يشرع بالتّلبية، حتى إذا وصل إلى بيت الله الحرام يشرع بالطّواف بالبيت سبعاً وهو ملتزم بطهارته، وقبل أنْ يسعى بين الصفا والمروة سبعاً، يُسنّ له صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم، وبعد إتمام السّعي يحلقُ شعره أو يقصّره، ويكون بذلك قد أتمّ نسكه، وقضى عمرته، ويحلّ له عندئذٍ ما كان محظوراً عليه منذ أنْ أحرم من الميقات، أمّا بالنسبة لأركان العمرة وواجباته وسننه؛ فهي:[10]

  • أركان العمرة ثلاثة؛ فلا تجوز إلّا بها؛ وهي: الإحرام، والطّواف حول البيت سبعة أشواطٍ، والسّعي بين الصفا والمروة سبعاً.
  • واجبات العمرة؛ وهي: أنْ ينوي المعتمر الإحرام من ميقاته، وهذا لغير أهل الحلّ، وأنْ يتجرّد الرّجل من المخيط، وأنْ يحلق شعر رأسه أو يقصّره؛ فمن ترك من هذه الواجبات أمراً يلزمه ذبح.
  • مستحبّات العمرة كثيرة؛ لكنّ أهمّها: تقليم الأظافر، والاغتسال، والتّطيّب قبل الإحرام، أمّا بعد الإحرام فيستحبّ له رفع صوته بالتّلبية بالنسبة للرجال، وتقبيل الحجر الأسود دون أنْ يؤدّي به ذلك إلى إيذاء نفسه أو غيره، وأنْ يضطبع؛ بحيث يبرز كتفه الأيمن عند الطّواف، وأنْ يرملَ؛ بحيث يسرع في المشي في أوّل ثلاثة أشواطٍ، وأنْ يستغلّ وقته بالذّكر والدعاء والمناجاة، ويسنّ له صلاة ركعتين بعد الطواف عند مقام إبراهيم إنْ تيسّر له ذلك، ويستحبّ للمعتمر أنْ يسرع في المشي دون أنْ يتجاوز حدّ الهرولة في السّعي بين الحدّين الأخضرين الظاهرين، وأنْ يشغل وقته بالذكر، والتّسبيح، والثناء على الله -تعالى- بين الصفا والمروة.

عدد عمرات النبي عليه السلام

لقد حرص النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على أداء العمرة أكثر من مرّةٍ في حياته، حيث أخبر أنس رضي الله عنه: (أنَّ نبيَّ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- اعتمَر أربعَ عُمَرٍ كلُّهنَّ في ذي القَعدِة)،[11] ولم يرد خلافاً بين العلماء على هذا العدد، وجاء في عدّة روايات أنّ هذه العُمَر كانت كلّها في شهر ذي القعدة، وذكر العلماء أنّ علّة ذلك أنّ العرب في الجاهلية كانوا يعدّون قصد بيت الله الحرام في شهر ذي القعدة من أفجر الأعمال؛ فأراد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنْ يُبطل ما كان من أمر الجاهلية بالتأكيد غير مرّةٍ على جوازه ومشروعيته، وكانت أوّل عمرةٍ عمرة الحديبية في السّنة السّادسة للهجرة، حين صدّه المشركون ومن معه من المسلمين فنحر الإبل، وحلق وتحلّل من إحرامه، ورجعوا إلى المدينة المنورة، والعمرة الثانية هي عمرة القضية بعد الحديبية بعامٍ، حيث أقام يومها بمكة ثلاثة أيامٍ منذ أنْ دخلها، أمّا عمرته الثالثة فكانت تلك التي قرنها مع حجّته، وعمرته الرابعة كانت من الجعرانة يوم أنْ خرج إلى حنين.[12]

المراجع

  1. ↑ سورة البقرة، آية: 196.
  2. ↑ سورة إبراهيم، آية: 37.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1773، صحيح.
  4. ↑ سورة النساء، آية: 31.
  5. ↑ ابن باز، "فضل الإكثار من العمرة"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 21-7-2018. بتصرّف.
  6. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3700، أخرجه في صحيحه.
  7. ↑ محمد المنجد (24-9-2008)، "استحباب العمرة في جميع رمضان"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 21-7-2018. بتصرّف.
  8. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن شفيق بن عبد الله، الصفحة أو الرقم: 3693، أخرجه في صحيحه.
  9. ^ أ ب فريق الموقع (28-8-2016)، "تابعوا بين الحجّ والعمرة"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-7-2018. بتصرّف.
  10. ↑ فريق الموقع (14-9-2002)، "العمرة...أركانها..واجباتها..ومستحباتها"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-7-2018. بتصرّف.
  11. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3764، أخرجه في صحيحه.
  12. ↑ محمد المنجد (26-8-2001)، "كم مرة اعتمر الرسول صلى الله عليه وسلم ؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 21-7-2018. بتصرّف.