ما حكم عقوق الوالدين

ما حكم عقوق الوالدين
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

تعريف البرّ والعقوق

يُقصد بعقوق الوالدين وبرّهما ما يأتي:

تعريف العقوق لغةً: هو العصيان، وترك الشفقة والإحسان والرحمة، والعُقق هو: قاطع الرحم.[1]

تعريف العقوق اصطلاحاً: اختلف معنى العقوق على عدّة أشكال؛ إذْ عرّفه القرطبيّ أنّه: مخالفة الوالدين في أغراضهما وحاجاتهما، فإن كانت أوامر الوالدين لا تدخل في حرام؛ فرفض طاعتهما، والترحيب بذلك والإقبال عليه هو العقوق، وقد عرّف ابن الصّلاح العقوق أنّه: كلّ فعلٍ يتأذّى به الوالد، أو نحوه، تأذياً ليس بالهيِّن، مع كونه ليس من الأفعال الواجبة.[2]

تعريف البرّ لغةً: هو الإحسان والطاعة، ويشتمل اللفظ معانٍ واسعةً من الخير؛ كالصلاح، والعطاء، والخير بعمومه.[3]

تعريف البرّ اصطلاحاً: هو بذل الوُسع لإرضاء الوالدين؛ لنيل رضا الله تعالى، وإطاعتهما في كلّ أوامرهما؛ ما لم يكن معصيةً أو محرّماً، وقد ذكر السمرقنديّ في حقوق الوالدين وكيفيّة برّهما: (إنّ من حقوق الوالد على ولده أن يطعمه إذا احتاج إلى طعمة، ويكسوه إذا قدر).[4]

حكم عقوق الوالدين

يرى الشّرع أنّ عقوق الوالدين من أعظم المحرّمات، وأكبر الكبائر التي قد يأتيها الإنسان، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ألا أنبِّئُكم بأكبرِ الكبائرِ، ثلاثاً، قالوا: بلَى يا رسولَ اللهِ، قال: الإشراكُ باللهِ، وعقوقُ الوالدينِ، وجلَس وكان متكئاً، فقال: ألا وقولُ الزُّورِ)،[5] فعقوق الوالدين بأيّ شكلٍ كان يُوصل صاحبه إلى سخط الله -تعالى- وعقابه، ولقد وردت أحاديث كثيرة تتحدّث عن قبح هذا الفعل، وعاقبة أمره على صاحبه، منها: قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (من الكبائرِ شتمُ الرَّجلِ والدَيْه، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وهل يشتُمُ الرَّجلُ والدَيْه؟ قال: نعم؛ يسبُّ أبا الرَّجلِ، فيسُبُّ أباه، ويسُبُّ أمَّه، فيسُبُّ أمَّه)،[6] فإذا كان من الكبائر أن يسبّ الرجل أباه، فلا شكّ أنّ إيذاء الرجل لأباه، أو إهانته، أو ضربه، ستكون أعظم في ميزان الله تعالى، وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في سوء عاقبة العاقّ لوالديه: (أَرْبَعٌ حَقٌّ على اللهِ أن لا يُدْخِلَهُم الجنةَ، ولا يُذِيقَهم نَعِيمَها: مُدْمِنُ خَمْرٍ، وآكِلُ الربا، وآكِلُ مالِ اليتيمِ بغيرِ حَقٍّ، والعاقُّ لوالِدَيْهِ)، فكانت الجنة محرّمة على أهل العقوق، وفي ذلك من شدّة الترهيب من ذلك الفعل الشنيع.[2][7]

مظاهر عقوق الوالدين

هناك الكثير من الأمور التي قد يأتيها المرء التي تدخل ضمن عقوق الوالدين، منها:[2]

  • عدم إبرار قسمهما، مع القدرة على ذلك.
  • عدم المُسارعة إلى طاعتهما، مع القدرة على ذلك، وبرغم خلوّ أمرهما من معصيةٍ لله سبحانه.
  • خيانتهما، أو خيانة أحدهما على أمرٍ أمّنا الابن عليه.
  • الانضمام إلى الجهاد المفروض فرض كفاية دون إذنهما.
  • السفر سفراً شاقّاً عليهما، رغم أنّه ليس واجباً.
  • الغياب الطويل عنهما، أو عن أحدهما، دون مبرّرٍ حقيقي، مثل: التفرّغ للعلم، أو طلب كسب حلال.
  • شتم أحدهما تصريحاً أو تلميحاً.
  • العبوس في وجههما أثناء طاعتهما.
  • عدم توقيرهما بالشكل الذي يستحقّانه؛ مثل: أن يمشي الرجل أمام والده، أو يجلس قبله، أو يأكل قبله.
  • استثقال أوامرها، والتضجّر منها باستمرار.
  • الامتناع عن الإنفاق عليهما، او على أحدهما.
  • التقصير في الدعاء لهما أحياءً، وعدم الاستغفار لهما أمواتاً.
  • عدم المسارعة أو المبادرة بسدّ ديونهما أحياءً أو أمواتاً.

آثار عقوق الوالدين على الإنسان

إنّ من عدل الله -تعالى- أن يجعل عاقبة عقوق الوالدين تعود سريعاً على صاحبها؛ وفي ذلك تنبيهاً له لعلّه يتوب، ويُقلع عن ذنبه، أو يُعاقب بسبب عقوقه، وفي ما يأتي بعض آثار العقوق التي تعود على صاحبها:[2]

  • الحرمان من دعوات الوالدين؛ حيث إنّ دعوة الوالد عن الله -تعالى- لها منزلة رفيعة، وهي قريبة من الاستجابة، لكنّ العاقّ لا ينال فضل دعوات والديه فيخسر بذلك الكثير.
  • نزول سخط الله -تعالى- على العاقّ، فإنّ الوالدين ووجودهما يعدّ من أجلّ نعم الله -تعالى- على الإنسان، فإذا أهان الولد والديه وعقّهما كان ذلك كفراناً لنعمة الله -سبحانه- عليه وجحوداً، فبذلك يكون العاقّ قد أوجب سخط الله -تعالى- وعقوبته عليه من حيث لا يحتسب.
  • سقوط هيبة العاقّ لوالديه، ووقاره بين الناس، فالناس تحترم من يحترم أهله ويجلّهم، وتبغض من كان عاقّاً، فمن لم يكن فيه خير لوالديه، فذلك أدعى أن ينقطع خيره عن عموم الناس من حوله.
  • استحقاق الولد العاقّ أن يكون أولاده عاقّين له بعد مرور زمن؛ فالجزاء من جنس العمل، فمن كان عاقّاً لوالديه، رُزق بأولادٍ يعقّون والديهم.
  • الحرمان من جنّة الله -تعالى- ورضوانه، ولذّة النّظر لوجهه الكريم، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ثلاثةٌ لا يدخلون الجنَّةَ: العاقُّ لوالدَيْه، والدَّيوثُ، ورجُلةُ النِّساءِ).[8]

التّوبة عن العقوق

إنّ عقوق الوالدين يعدّ من أكبر الكبائر، وأعظم الذنوب، ولقد رأى العلماء أنّ الكبائر لا تكفّرها الأعمال الصالحة وإن كثُرت، بل إنّها تحتاج لتوبةٍ صادقةٍ حتى يكفر الله الذنب ويمحوه،[9] وفي ما يأتي بيان شروط التوبة:[10]

  • الإقلاع عن الذنب، وتركه نهائياً وإن تكرّرت ظروفه.
  • الندم على ما قدّم الإنسان من سوء.
  • عقد العزم على عدم العودة إلى الذنب.

وأمّا مَن كان والديه متوفّيان، فإنّه يتوب توبةً نصوحاً إلى الله -تعالى- عمّا بدر منه في حياة والديه من تقصير، وعليه أن يعلم أنّ من تاب، تاب الله عليه، ومن ثمّ عليه أن يكثر من الدعاء، والصدقات، والاستغفار لهما، وقضاء حقوقهما وديونهما؛ فإنّ أجر ذلك يصلهما بإذن الله تعالى.[11]

المراجع

  1. ↑ "معنى كلمة العقوق"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث "عقوق الوالدين"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  3. ↑ "معنى كلمة البر"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  4. ↑ "بر الوالدين كفارة للكبائر"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  5. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن نفيع بن الحارث الثقفي أبي بكرة، الصفحة أو الرقم: 6919، صحيح.
  6. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 90، صحيح.
  7. ↑ "حرمة العقوق وبيان ما يجب على الولد والوالد تجاه بعضهما"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  8. ↑ رواه المنذري، في الترغيب والترهيب، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 3/143 ، إسناده حسن أو صحيح او ما قاربهما.
  9. ↑ "كفارة عقوق الوالدين"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  10. ↑ "كيفية التوبة الصادقة"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  11. ↑ "ما ينبغي فعله للوالدين بعد وفاتهما"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.