ما حكم تسقيط الجنين

ما حكم تسقيط الجنين

نعمة الذريّة

إنّ الذريّة الطيّبة من أفضل النعم التي يتفضّل بها الله تعالى على عباده، كما أنّ الله تعالى وصف الذريّة بزينة الحياة الدنيا في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا)،[1] كما أنّ تنشئة الذريّة على الأعمال الصالحة له أجرٌ عظيمٌ من الله تعالى، كما أنّ تربية الأولاد تعدّ أمانةً مكلّفٌ بها الوالدين، ويُسألان عنها يوم القيامة، حيث قال الله تعالى: (وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ)،[2] ويجب أن تقوم التربية على مبادئ القرآن الكريم والسنّة النبويّة، اقتداءً بما قام به الأنبياء والمرسلون عليهم السلام، كما أنّها عبادةٌ يتقرّب بها العبد إلى الله تعالى، ويحصّل الثواب العظيم منها.[3]

حكم تسقيط الجنين

يختلف حكم إسقاط أو إجهاض الجنين باختلاف الأحوال والظروف، وفيما يأتي بيان ذلك بشكلٍ مفصّل:

  • لا يجوز إسقاط الجنبين في أيّ مرحلةٍ من مراحل تكوّنه، إلّا بوجود عذرٍ شرعيّ يبيح ذلك، وفي حالاتٍ محدودةٍ جداً، إلا أنّه يجوز إسقاطه في المرحلة الأولى من مراحل تكوّنه؛ أي خلال أول أربعين يوماً من الحمل، بشرط وجود عذرٍ شرعيّ أو لدفع ضرر، ولا يعدّ الخوف والقلق من تربية الأولاد أو الخوف من مصاريف المعيشة وتكاليفها، أو التعليم، أو عدم تأمين مستقبلهم، أو الاكتفاء بعددٍ معين من الأولاد من الأسباب التي تجوّز إسقاط الجنين، حيث قال الله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا)،[4] كما أنه لا يجوز إسقاط الجنين في المرحلتين الثانية والثالثة من تكوّنه، ويطلق عليهما: العلقة والمضغة، إلا في حالة الخوف على حياة الأمّ بقرارٍ من لجنةٍ طبيّةٍ موثوقةٍ، بعد تجربة جميع الوسائل التي تحول دون إسقاط الجنين، ومن الجدير بالذكر أنّه لا يجوز إسقاط الجنين بعد تمام أربعة شهورٍ، إلا إذا قررت مجموعةٌ من الأطباء الثقات المتخصّصين بأنّ بقاء الحمل يتسبب وفاة الأم أو الإضرار بها، وذلك بعد انعدام جميع الوسائل التي تبقي الأمّ على قيد الحياة؛ وذلك دفعاً للضرر الأعظم وجلباً للمصلحة الأعظم.[5]
  • يجب تجنّب الوقوع في الأسباب التي تؤدي إلى إصابة الجنين بالأمراض، أو تشوّهه، كما أنّ الإسلام والطبّ حثّا ورغّبا في ذلك، ومن التعاليم التي أقرّها الإسلام تجنّباً لذلك: تحريم الزنا وشرب الخمر وتعاطي المخدرات، كما أنّ الطبّ حذّر الأمهات الحوامل من التعرّض للأشعة السينية أو أشعة جاما، وخاصّةً في بداية الحمل، وتناول بعض العقاقير والأدوية، إلا أنّه إذا كان تشوّه الجنين ثبت بشكلٍ قطعيّ من لجنة طبّيّةٍ موثوقةٍ وصادقةٍ، وكان التشوّه ممّا لا يُعالج بقدرات أهل الطبّ المتخصّصين، فإنّه يجوز إسقاطه، بشرط أن يكون ذلك قبل مرور مئة وعشرين يوماً على الحمل، وذلك بسبب ما يلحقه من مشاق وصعوباتٍ في حياته، كما أنّ المجتمع يبذل جهوداً كبيرةً في الاعتناء به ورعايته، ومن الجدير بالذكر أنّه لا يجوز إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه؛ أيّ بعد مرور مئة وعشرين يوماً، مهما كان مشوّهاً؛ لأنّه أصبح نفساً يجب المحافظة عليها ورعايتها، سواءً أكانت سليمةً أم مصابةً بأي مرضٍ من الأمراض، ويجوز إسقاط الجنين المشوّه بعد نفخ الروح فيه إن كان في إتمام الحمل خطراً على حياة الأمّ، حيث إنّ الله تعالى لم يخلق شيئاً إلا لحكمةٍ أرادها، حيث قال في كتابه الكريم: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).[6][7]

تتعلّق بإجهاض الجنين عدّة أحكامٍ، وفيما يأتي بيان بعضها:

  • إنّ المرأة التي تسقط الجنين بعد إتمامه أربعة أشهرٍ عمداً، تكون قد ارتكبت إثماً غظيماً، وعليها التوبة والرجوع إلى الله تعالى، مع العزم على عدم الرجوع لمثل ذلك الفعل، كما أنّ عليها تقديم ديةٍ لأهله إن طلبوها منها، وتقدّر الدية بعُشر دية المرأة، ولا يترتّب عليها الكفارة؛ لأنّها تعمّدت إسقاط الجنين، بخلاف إن كان الجنين لم يتمّ أربعة أشهرٍ، حيث إنّه لا تجب عليها الدية، وإنّما عليها التوبة، والعزم على عدم العودة لمثل ذلك الفعل فقط.[8]
  • إن سقط الجنين في الشهر الخامس أو بعده، فإنّه يسمّى، وتذبح له عقيقةٌ؛ لأنّه آدمي، كما أنّه يجب تغسيله والصلاة عليه، وأمّا من يسقط في الشهر الثالث أو الرابع، فلا يأخذ حكم الأموات، وإنّما يدفن دون تغسيله أو الصلاة عليه، كما أنّ الأمّ تأخذ حكم النفساء، فلا تصوم ولا تصلّي، مع العلم بأنّ مدّة النفاس أربعون يوماً، وإن طهرت خلال مدّة الأربعين يوماً، فتصلّي وتصوم، وبعد الأربعين يوماً تصلّي وتصوم وإن استمرّ الدم، ويجب الوضوء لكلّ صلاة كالمستحاضة، وإن كان الجنين الذي سقط لم يتبيّن خلقه، فلا يجوز للمرأة ترك الصلاة والصوم والجِماع، إن لم ترَ الدم، وإن رأت الدم يجب عليها الوضوء لكلّ صلاةٍ، مع وجوب الصلاة والصيام عليها وإتيان زوجها.[9]
  • لا يجوز إجهاض الجنين الناتج من الزنا المحرّم، حيث إنّ في ذلك عقاباً لطفلٍ بريءٍ، وسكوتاً عن المجرمين الحقيقيّين الفاعلين للزنا، فالجنين لا ذنب له بهذا الفعل، وإنّما الذنب على من قام بالفعل المحرّم، كما أنّه يجب تطبيق العقوبات التي شرعها الله تعالى عقوبةً على فعل الزنا، والالتزام بالأحكام التي تحدّ منه، من حيث ضبط الاختلاط بين الجنسين، وإيقاع العقوبة على من تعدّى حدود الله تعالى.[10]

المراجع

  1. ↑ سورة الكهف، آية: 46.
  2. ↑ سورة الصافات، آية: 24.
  3. ↑ "أمانة الأولاد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2018. بتصرّف.
  4. ↑ سورة الإسراء، آية: 31.
  5. ↑ "حكم إجهاض الحمل في الأشهر الأولى"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2018. بتصرّف.
  6. ↑ سورة الملك، آية: 14.
  7. ↑ "إسقاط الجنين المشوه خلقياً"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2018. بتصرّف.
  8. ↑ "ما يلزم المرأة إذا أسقطت الجنين متعمدة"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2018. بتصرّف.
  9. ↑ "من أحكام السقط"، binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2018. بتصرّف.
  10. ↑ "لا يجوز إجهاض الحمل الناتج عن الزنا"، aliftaa.jo، اطّلع عليه بتاريخ 30-6-2018. بتصرّف.