ما حكم صلاة الوتر

ما حكم صلاة الوتر

صلاة النفل

شرع الله -عزّ وجلّ- الصلاة؛ لتكون وسيلة اتصالٍ بين المسلم وخالقه، يؤديها متى شاء في النهار أو الليل بعد أن يؤدّي ما افترضه الله عليه من الصلوات الخمس، وقد شُرعت بعض الصلوات تبعاً للصلوات المفروضة؛ لتكمّلها وتُتمّها؛ كالسنن الراتبة، وسنن الصلوات الأخرى، كما شُرعت بعض الصلوات لأسبابٍ أخرى؛ منها: التقرّب من الله -تعالى- كصلاة النافلة، أو اللجوء إليه وقت الحاجة؛ كصلاة الحاجة والاستخارة، أو الصلوات التي يكون لها أسباب تتعلّق بالوقت؛ كصلاتي الكسوف والخسوف، أو كصلاة الوتر التي تتعلّق بدخول وقت العشاء فيؤدّيها المسلم بعد الانتهاء من صلاة العشاء، ويتسائل الكثير من الناس عن الحكم الشرعي لصلاة الوتر هل هي مفروضة كباقي الصلوات، أم أنّها سنة كباقي السنن؟

حكم صلاة الوتر

اختلف الفقهاء في حكم صلاة الوتر على عدّة أقوال، فبينما يرى بعض الفقهاء وجوب صلاة الوتر، وأنّها تعتبر من حيث الحكم الشرعي كباقي الفرائض الخمس، ذهب آخرون إلى أنّها سنة مؤكّدة وليست واجبة، وفيما يأتي بيان آراء الفقهاء، وأدلّتهم حول حكم صلاة الوتر:[1]

  • ذهب الإمام مالك والإمام الشافعي إلى القول بأنّ صلاة الوتر سنة مؤكّدة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأنّه لا ينبغي التهاون في أدائها مطلقاً، وقد استدلّوا على ما ذهبوا إليه بعدّة أدلة؛ منها ما رواه طلحة بن عُبيد الله رضي الله عنه، حيث قال: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فإذا هو يسأله عن الإسلام، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: خمس صلوات في اليومَ والليلة، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: لا، إِلّا أَنْ تَطَّوَّعَ)،[2] وحيث لم يُذكر من الصلوات المفروضة في الحديث المروي عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلّا الصلوات الخمس المعروفة، فلا تكون الوتر واجبة، بل تكون أدنى من الفرائض الخمس، فتكون من السنّة، وقد ذكر الإمام الحافظ ابن حجر العسقلانيّ ما يؤيّد ذلك في كتابه فتح الباري بشرح صحيح البخاري فقال: (لا يَجِب شَيْء مِنْ الصَّلَوَات فِي كُلّ يَوْم وَلَيْلَة غَيْر الْخَمْس خِلافًا لِمَنْ أَوْجَبَ الْوِتْر أَوْ رَكْعَتَيْ الْفَجْر)، ومع ذلك فتعدّ صلاة الوتر آكد الصلوات المسنونة، حيث أمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه بالالتزام بها، ونهاهم عن التهاون في أدائها في عدّة مواضع، لذلك ينبغي المحافظة عليها في الحضر والسفر؛ لفعل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ومداومته عليها في جميع أحواله، وقال الإمام أحمد بن حنبل إنّ من ترك الوترعامداً يعدّ رجل سوء، ولا تُقبل منه الشهادة.
  • يرى فقهاء الحنفية أنّ صلاة الوتر واجبة، لا يجوز تركها بحالٍ، وقد استدلّ أصحاب هذا القول على ما ذهبوا إليه بأدلّة؛ منها: أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- جعل الوتر حقّ واجب على جميع المسلمين، ونفى صفة اتّباعه عمّن ترك صلاة الوتر، وذلك ظاهر بقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث، وترداده لذلك بقوله: (الوَتْرُ حقٌّ فمَنْ لمْ يُوتِرْ فليسَ مِنَّا، الوَتْرُ حقٌّ فمَنْ لمْ يُوتِرْ فليسَ مِنَّا، الوَتْرُ حقٌّ فمَنْ لمْ يُوتِرْ فليسَ مِنَّا)،[3] كما استدلّوا بأنّ صلاة الوتر هي صلاة مؤقتة، وأنّها تُقضى كما جاء في السنة، فدلّ ذلك على وجوبها.[4]

وقت صلاة الوتر

لصلاة الوتر وقت مخصوص، لا يجوز أداؤها إلّا فيه، فإن خرج وقتها لم يجز للمسلم أن يصلّيها إلّا قضاءً، على قول من أجاز قضاءها، وفيما يأتي بيان وقت صلاة الوتر تفصيلاً:[4]

  • ذهب الفقهاء بالاتفاق إلى القول بأنّ وقت صلاة الوتر يبدأ من بعد صلاة العشاء، ويمتدّ إلى دخول وقت صلاة الفجر، فإذا دخل وقت الفجر انتهى وقت صلاة الوتر، يرى الفقهاء كذلك أنّ أفضل أوقات صلاة الوتر هو وقت السحر.
  • اختلف الفقهاء في أداء صلاة الوتر بعد طلوع الفجر، فقالت جماعة أنّه يجوز أداؤها بعد طلوع الفجر، ما لم يكن قد صلّى الفجر، فإذا صلّى الفجر لم يجز له أن يصلّيها، وذهب آخرون إلى القول بأنّه لا يجوز أداؤها بعد طلوع الفجر.
  • إنّ من لم يصلِّ الوتر حتى دخل وقت الفجر يجوز له قضاؤه بعد الفجر، والقضاء يكون بشفع الوتر بركعةٍ أخرى وقت الضحى.

كيفية صلاة الوتر وعدد ركعاتها

صلاة الوتر صلاة فردية من حيث عدد الركعات، وأقلّ عدد ركعات صلاة الوتر ركعة واحدة، بينما أكثر عدد ركعاتها إحدى عشرة ركعة، فيجوز للمسلم أن يصلّي بين هذين العددين ما شاء من الركعات، ما دامت صلاته فردية، فيجوز أن يصلّي ركعةً، أو ثلاث ركعات بسلامين، أو خمس ركعاتٍ بثلاث تسليمات؛ بحيث يسلّم بين كلّ ركعتين، ويختم بركعة وترية، ويجوز أن يصلّيها سبعاً أو تسعاً، ولا يجوز له بحالٍ أن يزيد على إحدى عشرة ركعة، ولا يجوز له المداومة على أقلّ الوتر الذي هو ركعة واحدة، بل الأولى أن يُصلّي أقلّ الكمال، الذي هو ثلاث ركعات بتسليمتين.[5]

ويرى الحنفية أنّه لا يجوز الاقتصار في صلاة الوتر على صلاة ركعةٍ واحدةٍ فرديةٍ، بل الأولى أن يصلّي ثلاث ركعات على الأقلّ، ويجوز لمن يريد أداء صلاة الوتر أن يوصل بين الركعات الثلاث بتسليمةٍ واحدةٍ، كصلاة المغرب، إلّا أنّه يقرأ بعد الفاتحة ما تيسّر من القرآن الكريم في الركعة الثالثة، كما يجوز له أن يصلّي خمس ركعاتٍ، أو سبع ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدةٍ، لا يجلس فيهنّ إلّا في الركعة الأخيرة، وإن صلّى تسعاً دون فصلٍ بينهن فلا يجلس إلّا في الثامنة، ثمّ يتشهّد ثمّ يقوم ويأتي بركعةٍ قبل أن يسلّم، ثمّ يتشهّد لها، ويسلّم.[4][5]

المراجع

  1. ↑ محمد صالح المنجد (6-6-2005)، "حكم التهاون في أداء الوتر"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2018. بتصرّف.
  2. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن طلحة بن عبيد الله، الصفحة أو الرقم: 2678، صحيح.
  3. ↑ رواه العيني، في عمدة القاري، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم: 7/16، صحيح.
  4. ^ أ ب ت محمد الطايع (16-2-2010)، "صلاة الوتر فضائل وأحكام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-6-2018. بتصرّف.
  5. ^ أ ب الحاجة درية العيطة (2010)، فقه العبادات على المذهب الشافعي، السعودية: المكتبة الشاملة - مرقم آلياً، صفحة 357. بتصرّف.