متى يجوز الجمع والقصر للمسافر

جمع الصلاة وقصرهاشرع الله سبحانه لعباده جمع الصلاة وقصرها في بعض الحالات، وقصر الصلاة هو أن تصبح الصلاة الرباعيّة ركعتين فقط عند السفر، وقد دلّ على مشروعيّة

متى يجوز الجمع والقصر للمسافر

جمع الصلاة وقصرها

شرع الله سبحانه لعباده جمع الصلاة وقصرها في بعض الحالات، وقصر الصلاة هو أن تصبح الصلاة الرباعيّة ركعتين فقط عند السفر، وقد دلّ على مشروعيّة ذلك القرآن الكريم، والسنة النبويّة الشريفة، فمن القرآن الكريم قول الله تعالى: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)،[1] وظاهر الآية الكريمة أنّها خصّت قصر الصلاة على الفتنة من الكافرين؛ إلاّ أنّ هذا التخصيص جاء لبيان الحال الذي كان عليه واقع الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في أسفاره، فقد كان معظمها مظنّة الخوف والفتنة من الكفار، إلا أنّه يجوز قصر الصلاة للسفر في حال الأمن أيضاً، أمّا في السنة النبويّة فقد ثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان لا يزيد عن ركعتين أثناء سفره، فيكون بذلك حكم قصر الصلاة في السفر رخصةً جائزةً، يجوز فيها للمسافر أن يُقصر صلاته أو يُتمّها، والأولى أن يُقصرها اقتداءً برسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأمّا جمع الصلاة فهو أن يقوم المسلم بأداء صلاتي الظهر والعصر معاً، أو أداء صلاتي المغرب والعشاء معاً في وقت إحداهما، فإن أدّاهما في وقت الأولى منهما كان ذلك جمع تقديمٍ، وإن أدّاهما في وقت الثانية منهما كان ذلك جمع تأخيرٍ، ودليل ذلك ما ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من حديث معاذ -رضي الله عنه- حين قال: (إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ كانَ في غزوةِ تبوكَ إذا ارتحلَ قبلَ أن تزيغَ الشَّمسُ أخَّرَ الظُّهرَ حتَّى يجمعَها إلى العصرِ فيصلِّيَهما جميعاً وإذا ارتحلَ بعدَ زيغِ الشَّمسِ صلَّى الظُّهرَ والعصرَ جميعاً ثمَّ سارَ وَكانَ إذا ارتحلَ قبلَ المغربَ أخَّرَ المغربَ حتَّى يصلِّيَها معَ العشاءِ وإذا ارتحلَ بعدَ المغربِ عجَّلَ العشاءَ فصلَّاها معَ المغربِ)،[2] وهكذا يظهر أنّ للمسافر أن يصلّي الظهر والعصر معاً، في وقت إحداهما، جمعاً وقصراً، وله كذلك أن يصلّي كلّاً من المغرب والعشاء معاً، في وقت إحداهما، جمعاً وقصراً أيضاً، وقد أجمع العلماء على جواز الجمع للحاجّ في عرفة ومزدلفة، واختلفوا في غير ذلك، إلّا أنّ الجمهور على جوازه إذا وُجد العذر.[3][4]

حالة جواز الجمع والقصر للمسافر

يجوز للمسافر أن يجمع الصلاة ويُقصرها؛ إذا توفّرت في حالته الشروط المُبيحة للجمع والقصر، وهذه الشروط هي:[5][6]

  • أن تكون مسافة سفره هي المسافة المُبيحة للقصر، وهي تساوي ما يقارب الثمانين كيلو متراً، وفق رأي جمهور العلماء، وقد ذهب علماءٌ آخرون إلى عدم تحديد مسافةٍ معينةٍ للقصر، حيث إنّ السفر يحدّد تبعاً للعرف.
  • اشترط جمهور العلماء لجواز ترخّص المسافر برُخص الجمع والقصر أن يكون سفره مباحاً، فلو سافر الإنسان من أجل قطع الطريق، أو ارتكاب الفاحشة، أو فعل معصيةٍ من المعاصي فلا يجوز له الترخّص برُخص المسافر، إلّا أنّ الإمام أبي حنيفة لم يشترط هذا الشرط.
  • أن ينوي المسافر الإقامة في المكان الذي سافر إليه مدة أربعة أيامٍ، أو أقلّ، فإن نوى أن يُقيم في ذلك المكان أكثر من أربعة أيامٍ، لم يجز له أن يترخّص برخص المسافر، من قصرٍ، وجمعٍ، وفطرٍ في رمضان.
  • لا يجوز للمسافر أن يبدأ باستخدام رُخص السفر قبل أن يخرج من مدينته.
  • اشترط جمهور الفقهاء أن يوالي المسافر بين الصلاتين في جمع التقديم، فلا يفصل بينهما بوقتٍ طويلٍ، إلّا أنّ شيخ الإسلام ابن تيمية لم يشترط هذا الشرط.
  • اشترط الجمهور أن يرتّب المصلّي بين الصلاتين اللتين قام بجمعهما.
  • أن يكون للمسافر وجهةٌ ينوي الوصول إليها، أمّا إن كان هائماً لا يدري أين يذهب، أو إن كان يبحث عن ضالته، فلا يجوز له قصر الصلاة.

المدّة التي يجوز فيها قصر الصلاة

لم يرد في مسألة تحديد المدة التي يجوز فيها للمسافر أن يقصر صلاته دليلٌ قاطعٌ يفصل في الأمر، لذلك فقد اختلف العلماء فيها إلى عددٍ من الأقوال، وفيما يأتي بيان ما ورد في ذلك من آراءٍ:[7]

  • يرى بعض العلماء أنّ المسافر إن نوى الإقامة في مكان سفره أكثر من أربعة أيامٍ، انقطع بذلك حكم السفر في حقّه، وحينها يلزمه أن يتمّ صلاته ولا يُقصرها، وهذا هو رأي الحنابلة في المسألة، وقد استدلّوا له بما ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث إنّه وصل إلى مكة في حجّة الوداع يوم الأحد، فأقام فيها الأحد، والاثنين، والثلاثاء، والأربعاء، ثمّ انطلق يوم الخميس إلى مِنى، وكان يقصر الصلاة في الأيام الأربعة التي قضاها في مكة.
  • يرى الإمام مالك والإمام الشافعي أنّ المسافر إذا نوى أن يُقيم في مكان سفره مدّة أربعة أيامٍ؛ لزمه حينها أن يتمّ صلاته، ولا يجوز له قصرها.
  • يرى الحنفية أنّ من نوى الإقامة في مكان سفره أكثر من خمسة عشر يوماً؛ لم يجز له أن يقصر صلاته، ويلزمه أن يتمّها.
  • يرى الإمام ابن تيمية -رحمه الله- أنّ المسافر إذا لم ينوِ الاستيطان، أو الإقامة المطلقة في البلد التي سافر إليها، بقيت أحكام القصر جاريةً عليه، وبقي قصر الصلاة جائزاً في حقّه، سواءً كان في نيته الإقامة أربعة أيامٍ، أو أكثر، أو أقلّ، واستدلّ لرأيه بأنّ الأدلة التي وردت في مشروعيّة قصر الصلاة للمسافر، لم تحدّد مدةً ينقطع فيها حكم السفر.

المراجع

  1. ↑ سورة النساء، آية: 101.
  2. ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن معاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم: 1220، صحيح.
  3. ↑ "الفرق بين الجمع والقصر"، www.islamqa.info، 2008-10-21، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-24. بتصرّف.
  4. ↑ "صلاة المسافر ومدة القصر "، www.ar.islamway.net، 2014-4-17، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-24. بتصرّف.
  5. ↑ "شروط الجمع بين الصلاتين في السفر"، www.islamqa.info، 2010-10-19، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-24. بتصرّف.
  6. ↑ "شروط قصر الصلاة الرباعية في السفر"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-24. بتصرّف.
  7. ↑ "اختلاف أقوال العلماء في مدة الجمع والقصر"، www.fatwa.islamweb.net، 2000-10-15، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-24. بتصرّف.

المقال السابق: كيف أقضي على الصيبان والقمل
المقال التالي: تخفيض ضغط الدم بالطرق الطبيعية

متى يجوز الجمع والقصر للمسافر: رأيكم يهمنا

متى يجوز الجمع والقصر للمسافر

0.0 / 5

0 تقييم

5
(0)

4
(0)

3
(0)

2
(0)

1
(0)

التعليقات

تعليقات الزوار: