متى فرضت زكاة الفطر على المسلمين

متى فرضت زكاة الفطر على المسلمين
(اخر تعديل 2023-08-06 01:31:13 )

الزكاة

جاءت كلمة الزكاة في اللغة من الفعل زكا، والمراد بها؛ النماء والزيادة والبركة، وتأتي كذلك بمعنى الطهارة، وقد عرّفها الفقهاء بعدة تعريفاتٍ متقاربةٍ بالمعنى، فالحنفية يقولون في تعريفهم للزكاة أنّها إيتاء جزءٍ مقدّرٍ من النصاب الحولي للفقراء لوجه الله تعالى، أمّا المالكية فيقولون في تعريفها أنها إخراج مقدارٍ مخصوصٍ من مالٍ مخصوصٍ لمن يستحقه، على أن يبلغ النصاب المطلوب، ويكون الملك تاماً، وقد حال الحول عليه، وعرّفها الشافعية بأنّها اسمٌ صريحٌ لأخذ شيءٍ مخصوصٍ، من مالٍ مخصوصٍ، على أوصافٍ مخصوصةٍ، لطائفةٍ مخصوصةٍ، وعرّف الحنابلة الزكان بأنّها حقٌ واجبٌ في مالٍ مخصوصٍ، لطائفةٍ مخصوصةٍ، في وقتٍ مخصوصٍ، وقد عبّر الشيخ صالح الأزهري عن الانسجام والتوافق بين المعنى اللغوي لكلمة الزكاة، والمعنى الاصطلاحي الشرعي لها، بقوله إنّ الجزء المخصوص من المال للزكاة ينمو عند الله تعالى، كما جاء في النصوص الشرعية، كما أنّ الزكاة تطهّر المال، وتطهّر نفس صاحبها، ثم تؤدي إلى البركة والنمو في الربح والمال والإثمار.[1]

أنعم الله -عزّ وجلّ- على عباده بالكثير من النعم، ولم يطلب من عباده إلا إخراج القليل منها في الزكاة، كما وعد بأن يخلف من يخرج الزكاة بأكثر منها، وقد أوجب الله -تعالى- الزكاة على كلّ مسلمٍ حرٍ ملك نصاباً من المال، وحال عليه الحول سنةً كاملةً، وتقسم الزكاة إلى قسمين رئيسيين: الأول منهما زكاة المال، والثاني زكاة الفطر، وفيما يتعلق بزكاة المال، فإنّها تجب في خمسة أصنافٍ: الأول منها السائمة من بهيمة الأنعام؛ وهي الإبل والبقر بما في ذلك الجاموس، والغنم بما في ذلك الماعز، والصنف الثاني الحبوب والثمار الخارجة من الأرض، وتلك لا يشترط فيها الحول، وإنّما تؤدى زكاتها يوم حصادها، والصنف الثالث هو الذهب والفضة، والأوراق النقدية؛ كالدراهم، والدولارات، والريالات، ونحو ذلك، و الصنف الرابع هو العروض المخصصة للتجارة، ويراد بها كل ما كان مخصصاً للبيع والشراء بقصد الربح؛ من آلاتٍ وحيواناتٍ وطعامٍ وعقارٍ، و الصنف الخامس والأخير هو الرّكاز، ويقصد به الكنز الذي يكون من دفن الجاهلية.[2]

زكاة الفطر ووقت تشريعها

زكاة الفطر هي الزكاة التي تجب على المسلم عند فطره من رمضان، وحكمها الوجوب في حقّ كلّ مسلمٍ كبيراً كان أو صغيراً، رجلاً أو امرأة، حراً أl عبداً، ودليل ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال: (فرَض رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زكاةَ الفِطرِ، صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعيرٍ، على العبدِ والحرِّ، والذكرِ والأنثى، والصغيرِ والكبيرِ، من المسلمينَ)، [3] وقد فرض الله -تعالى- زكاة الفطر على المسلمين في شهر شعبان، من السنة الثانية للهجرة، وكان تشريعها لحكمٍ عديدةٍ، منها: أن تكون زكاة الفطر طهرةً للصائم بعد صيامه شهر رمضان، مما يكون قد وقع فيه من لغوٍ أو رفثٍ، ولتكون أيضاً عوناً للفقراء والمحتاجين، وقد بيّن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- الحكمة من زكاة الفطر بقوله: (زكاةُ الفطرِ طُهْرَةٌ للصائِمِ مِنَ اللغوِ والرفَثِ، و طُعْمَةٌ للمساكينِ)،[4] وتجب زكاة الفطر على المسلم إن ملك مقدار صاعٍ من الطعام، زائدٌ عن قوته وقوت عياله، ليومٍ وليلةٍ، فيخرجها عن نفسه، وعمّن يعول.[5]

الواجب في مقدار زكاة الفطر أن تكون صاعاً من أيّ شيءٍ يعتبر قوتاً؛ كالأرز، أو البر، أو الذرة، أو الإقط، أو التمر، أو الشعير، كما يجوز إخراج قيمة الزكاة من النقود عند أبي حنيفة رحمه الله، وتصرف زكاة الفطر على ذات مصارف الزكاة الثمانية المذكورين في قول الله -تعالى- في القرآن الكريم: (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلفُقَراءِ وَالمَساكينِ وَالعامِلينَ عَلَيها وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَفِي الرِّقابِ وَالغارِمينَ وَفي سَبيلِ اللَّهِ وَابنِ السَّبيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَليمٌ حَكيمٌ)،[6] وأولى تلك الأصناف الثمانية بها هم الفقراء؛ لما ورد في حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من أنّ الحكمة من زكاة الفطر أن تكون طعمةً للمساكين.[5]

وقت وجوب زكاة الفطر

اتفق الفقهاء على وجوب زكاة الفطر في آخر شهر رمضان المبارك، إلّا أنّهم اختلفوا في تحديد الوقت الذي تجب فيه، ونتج عن خلافهم ذلك رأيين رئيسيين، وفيما يأتي بيان ذلك:[5]

  • الرأي الأول: تجب زكاة الفطر بغروب الشمس من ليلة عيد الفطر؛ لأنّ ذلك الوقت هو وقت الفطر من رمضان، وقد ذهب إلى ذلك الرأي مجموعة من الفقهاء، منهم: الإمام الثوري، والإمام أحمد، والإمام الشافعي في مذهبه الجديد.
  • الرأي الثاني: تجب زكاة الفطر بطلوع الفجر من يوم العيد، وبذلك الرأي قال أبو حنيفة، والليث، ومالك في أحد الروايتين عنه، والشافعي في مذهبه القديم.

وتظهر فائدة ذلك الخلاف الحاصل في وقت وجوب زكاة الفطر، في حكم زكاة الفطر على المولود الذي يولد قبل طلوع فجر يوم العيد، وبعد مغيب الشمس في ليلته، فعلى الرأي الأول تكون الزكاة غير واجبةٍ بحقّه؛ لأنّه لم يكن مولوداً وقت وجوبها، أمّا على القول الثاني، فإنّ زكاة الفطر واجبةٌ عليه؛ لأنّه وُلد قبل وقت الوجوب، وأجاز جمهور العلماء إخراج زكاة الفطر معجّلةً؛ أيّ قبل يوم العيد بيومٍ أو يومينٍ، إلّا أنّهم اختلفوا فيما زاد عن اليومين في تعجيله، فذهب أبو حنيفة إلى جواز تعجيل إخراجها على شهر رمضان، وقال الشافعي يجوز تعجيلها من أول الشهر، وذهب مالك، وأحمد في المشهور عندهم، إلى جواز تعجيل زكاة الفطر يوماً أو يومين، واتفقوا جميعاً على عدم سقوط زكاة الفطر بالتأخير عن وقت الوجوب، بل تصير ديناً في ذمّة صاحبها، ويلزمه أداؤها ولو في آخر العمر.[5]

المراجع

  1. ↑ د. أحمد بن محمد الخليل (2014-4-6)، "تعريف الزكاة والدين لغة واصطلاحا"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-4. بتصرّف.
  2. ↑ الشيخ محمد طه شعبان (2017-2-25)، "أقسام الزكاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-4. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1503، صحيح.
  4. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3570، صحيح.
  5. ^ أ ب ت ث "زكاة الفطر"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-4. بتصرّف.
  6. ↑ سورة التوبة، آية: 60.