أين نزل سيدنا آدم

أين نزل سيدنا آدم

خلق آدم

ذكر الله سُبحانه وتَعالى في القرآنِ الكريم قصّةَ خلق آدم - عليه السّلام - في مَواضع كثيرة؛ فقد خلقه الله من ترابٍ ونفخ فيه من روحه، ثمّ أمَرَ الله تعالى الملائكة بالسّجود له تكريمًا لشأن خالقه وتَعظيمًا لأمره، ثمّ أمر الله - سبحانه وتعالى - آدم عليه السّلام أن يدخل الجنّة بعد أن أنشأ منه زوجه حواء، وكان لهما بأمر الله أن يتنعّما في الجنة ولا يجوعا فيها ولا يعريا، وقد نهاهما الله عن أمرٍ واحدٍ هو الأكل من شجرةٍ معيّنة، فغوى آدم بفعل الشيطان عن أمر ربّه وأكل من الشجرة التي نهاه الله عن الأكل منها هو وزوجه، وحينها أمره الله بالنّزول إلى الأرض هو وزوجه حواء، ومنها بدأ التّناسل والتّكاثر في الأرض، إلى أن أصبح الناس أُمَماً وأقواما، فأين كان نزول سيّدنا آدم - عليه السلام - وما هي حيثيات ذلك النزول؟

مكان نزول آدم

لم يرد نصٌّ صريحٌ في القرآن الكريم أو عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر مكان نزول آدم - عليه السلام - وزوجه حواء، إنما ذكر العلماء بعض الأقوال في ذلك، والتي ربّما تصحُّ أو يصحُّ شيءٌ منها، وربما لا يصحُّ شيءٌ منها على الإطلاق، وتبقى تلك الروايات ممّا يؤخذ بجيده ويُترك سقيمه إن كان مُخالفاً للكتاب والسنة، وكون ما جاء فيها من الأقوال ليس مخالفاً للقرآن والسنة فلا ضير في نقله على سبيل الاستئناس لا الإثبات، وفي الآتي بيانُ ما جاء في ذلك عن العُلماء:[1]

  • قيل: إنّ آدم آدم نزل في الهند، بينما كان نزول حواء بجدة في المملكة العربية السعودية، وقد رُوي هذا القول عن الحسن البصري رحمه الله.
  • قيل: كان نزولهما جميعا في الهند، وأنَّهما لم يَفترقا من حيث النزول، وقد نقل هذا القول ابن كثير عن السُّدي رحمهما الله.
  • قال آخرون: أُهبِط آدم بمنطقةٍ بين مكة والطائف تُسمى دحنا، ولم تذكر هذه الرواية موضع نزول حواء، ويؤيّد هذه الرواية ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - من قوله: (أُهبِطَ آدمُ إلى أرضٍ يقالُ لَها دَحنا بينَ مَكَّةَ والطَّائفِ).[2]
  • قال بعض القدامى: أُهبِط آدم بالصفا في مكة المكرمة، وأهبطت حواء بالمروة، وقد رُوي هذا القول عن ابن عمر رضي الله عنهما.

سبب نزول آدم من الجنة

لمّا خلق الله آدم بيديه أمر الملائكة بالسجود له تَكريماً له، وتعظيماً لله الذي صنعه بيديه، فسجد الملائكةُ لآدم سجود تكريمٍ لا سجود عبادة، وكان ذلك طاعةً والتزاماً بأمر الله سبحانه، وكان ذلك ديدنهم على الدوام، فهم عباد الله الذين لا يعصون ما أمره، ويفعلون ما يؤمرون، لكنَّ إبليس الذي كان في تلك الفترة يُعد من الملائكة استكبر عن أمر الله وامتنع من السجود لآدم، وقد عَلَّل سبب رفضه الخضوع لأمر الله بالسجود لآدم بأنه خيرٌ منه فهو مخلوقٌ من نار، أما آدم فمخلوقٌ من طين، قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا)،[3] حينها سخط الله على إبليس وطرده من بين ملائكته بعد أن أدناه منه وجعله واحداً منهم.[4]

بدأ إبليس بإغواء آدم -عليه السّلام- حيث أوهمه أنّ الشجرة التي منعه الله وزوجه من الأكل منها ما هي إلا شجرة الخلود في الجنة، وأنه إن أكل منها سيعيش أبد الدهر ولن يموت أبداً، بل سيُصبح ملكاً من الملائكة المقربين، والذين لا يصدق عليهم الموت، فأغواهما بما يحبانه من الخلود وأن يكونا من الخالدين، فأكلا من الشجرة وعصيا أمر ربِّهما فاستحقا العقوبة لانتهاكهما ما أمر الله بعدم المساس به أو الاقتراب منه، لذلك أنزلهما الله من الجنة إلى الأرض بعد أن استغفر آدم ربّه فغفر له،[4] قال تعالى: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ*فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ*وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ*فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ).[6]

موت آدم عليه السلام

جاء ذكر قصة موت آدم - عليه السلام - في السنة النبوية، حيث كانت وفاته - عليه السلام - يوم الجمعة، وفي تفاصيلها فإن الملائكة قد جاءت آدم بكفنٍ وحنوطٍ من الجنة، وقام بأعباء الأمر بعد آدم - عليه السلام - من بعده ابنه شيث، وقد علَّمه آدم قبل ذلك الأمور كلَّها، ويقال: إنّ انتساب الناس جميعاً ينتهي إلى شيث بن آدم عليهما السلام.[7]

أمّا ما رُوي في السنة النبوية عن قصة موت آدم؛ فقد روى أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لما حضر آدم عليه السلامُ قال لبنيه انطلقوا فاجنوا لي من ثمار الجنة فخرج بنوه فاستقبلتهم الملائكة فقالوا أين تريدون يا بني آدم قالوا بعثنا أبونا لنجني له من ثمار الجنة فقالوا ارجعوا فقد كفيتم فرجعوا معهم حتى دخلوا على آدم فلما رأتهم حواء عليها السلام ذعرت منهم، وجعلت تدنو إلى آدم وتلصق به، فقال لها آدم: إليك عني فمن قبلك أتيت خل بيني وبين ملائكة ربي فقبضوا روحه ثم غسلوه وحنطوه وكفنوه ثم صلوا عليه ثم حفروا له ثم دفنوه ثم قالوا يا بني آدم هذا سنتكم في موتاكم فكذاكم فافعلوا)[8]

المراجع

  1. ↑ محمد صالح المنجد (22-11-2009)، "لم يثبت شيء في المكان الذي أهبط إليه آدم من الأرض"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 29-4-2017. بتصرّف.
  2. ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في تحفة النبلاء، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 117، إسناده صحيح.
  3. ↑ سورة الكهف، آية: 50.
  4. ^ أ ب ت "الكيفية التي وسوس بها الشيطان لآدم وحواء"، إسلام ويب، 3/2/2003، اطّلع عليه بتاريخ 28/1/2017. بتصرّف.
  5. ↑ سورة الأعراف، آية: 12-18.
  6. ↑ سورة الأعراف، آية: 19-22.
  7. ↑ ابن كثير (1988)، البداية والنهاية (الطبعة الأولى)، بيروت: دار إحياء التراث العربي، صفحة 109-112. بتصرّف.
  8. ↑ رواه ابن الملقن، في تحفة المحتاج، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 588/1، صحيح أو حسن [كما اشترط على نفسه في المقدمة].