أين دفن الرسول

أين دفن الرسول

مرض النبي عليه السلام

يقول بعض العلماء بأنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قد حاز النبوة والشهادة معاً، ففي خبرٍ ورد عنه أنّه يوم خيبرٍ في السنة السابعة للهجرة، قدّمت له امرأةٌ يهوديّةٌ شاةً هديةً، وهي في الحقيقة مسمومةً، فأكل منها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لقمةً واحدةً، ولم يستسغها؛ فلفظها، لكنّه شعر بأثر سمّها في نفسه، حتى كان قد أخبر عائشة -رضي الله عنها- أنّه لا يزال يشعر بألمٍ جرّاء تلك اللقمة، حتى ظنّ أنّها تتسبب في قطع شريانه الأبهر، ويقصد بذلك أنّه قد تأذّى أذىً كبيراً، والشريان الأبهر: هو شريانٌ رئيسيٌ يتصل بالقلب مباشرةً، فإذا انقطع تسبب ذلك بالموت الفوري، ولذلك فقد ظلّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يعاني أثر أكلته من تلك الشاة المسمومة، من السنة السابعة حتى الحادية عشرة للهجرة؛ وهو العام الذي توفّي فيه، ولمّا اقترب أجل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ذهب إلى البقيع، وشهد جنازةً فيها، ورجع إلى بيته، وهو يعاني صُداعاً شديداً، وحُمّى قد أصابته، فظلّ على ذلك الحال يشتدّ الألم عليه ويخفّ، مدّة ثلاثة أو أربعة عشر يوماً.[1][2]

في تلك الأيام بقي النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يؤمّ الناس في صلاتهم، حتى آخر أربعة أيامٍ قبل وفاته، إذ اشتدّ عليه الألم، حتى لزم فراشه، فلم يستطع القيام إلى الصلاة، فأمر أبا بكر -رضي الله عنه- أن يؤمّ المسلمين، وقبل يومٍ واحدٍ من وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أعتق غلمانه، وتصدّق بما عنده من دراهمٍ، ووهب أسلحته للمسلمين، وفي اليوم الذي توفّي فيه النبي؛ وهو يوم الاثنين، أطلّ على المسلمين فجراً، وقد انتظموا للصلاة، فاستبشر المسلمون حينما رأوه قد نهض، وتنحّى أبو بكرٍ مفسحاً للنبي المجال، فأشار إليه النبي ليكمل صلاته بالمسلمين، وعاد إلى فراشه، فكانت تلك آخر مرّةٍ يطلّ فيها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على المسجد النبوي، وبعد ذلك أرسل النبي إلى ابنته فاطمةً -رضي الله عنها- ليودّعها، فسرّها فبكت، ثم سارّها مجدّداً فضحكت، فأخبرت فاطمة -رضي الله عنها- بعد وفاته؛ أنّه في المرة الأولى أخبرها أنّه سيُقبض في مرضه ذلك؛ فبكت، ثمّ أخبرها أنّها أول أهله لحاقاً به؛ ففرحت، ثمّ ما إن أضحت الشمس، والنبي في نحر عائشة رضي الله عنها؛ فاضت روحه، وهو يردّد: (اللَّهُمَّ اغفِر لي وارحَمني وألْحِقْني بالرَّفيقِ الأعلَى).[3][1][2]

مكان دفن الرسول

دُفن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في بيته، في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، وتحديداً في مكان فراشه الذي كان فيه لحظة وفاته، فبعد وفاته احتار المسلمون بمكان دفنه، فأخبرهم أبو بكرٍ -رضي الله عنه- أنه كان قد سمع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقول؛ بأنّ يُدفن في المكان الذي يُقبض فيه، فرفع الصحابة -رضوان الله عليهم- فراش النبي، وحفروا له حفرةً مكانه، ودفنوه فيه ليلة الأربعاء، وكان ممّن نزل في القبر عليٌ رضي الله عنه، والفضل بن العباس، وقثم أخوه، ومولى النبي شُقران، وكانوا هم من غسّلوه كذلك، فبعد أن تحيّر الصحابة في خلع النبي ملابسه في غسله أم لا؛ أنامهم الله تعالى، وأوحى إليهم ألّا يجردونه من ثيابه، فنهضوا يغسّلونه وهو في ملابسه، فكان العباس والفضل، وقثم، يقلّبان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وعليّ يغسّل النبي ويدلّكه بقميصه، وشقران وأسامة بن زيد، يصبان الماء، وكان قد أسنده أوسٌ إلى صدره، وكانت عائشة -رضي الله عنها- بعد ذلك تقول: (لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُه ما غسَّله إلَّا نساؤُه).[4][5]

وصايا النبي قبل وفاته

كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- خلال فترة مرضه يخفّ عليه المرض أحياناً، فيستطيع أن يقوم إلى المسجد، فيخطب الناس، ويجمعهم، ثمّ يعطيهم بعض الوصايا في أمور دينهم ودنياهم، وفيما يأتي بيان بعض وصايا رسول الله الأخيرة:[2]

  • أوصى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه والمسلمين من بعده، ألّا يتّخذوا قبره وثناً وصنماً، كما فعلت اليهود والنصارى، حيث قال: (لعنةُ اللهِ على اليهودِ والنصارى، اتَّخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجدَ)،[6] ثمّ دعا قائلاً: (اللَّهمَّ لا تجعَلْ قَبري بَعدي وثَنًا يُعبَدُ).[7]
  • أوصى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ألّا يتشاحن المؤمنون من بعده، ثمّ أوصى بالأنصار خيراً من بعده، فقال: (أوصيكم بالأنصارِ، فإنهم كَرِشي وعَيبَتي، وقد قَضَوا الذي عليهم وبَقيَ الذي لهم، فاقبَلوا من مُحسِنِهم وتجاوَزوا عن مُسيئِهم).[8]
  • أوصى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين بالتمسّك بالقرآن الكريم، وتحدّث في بعض الوصايا متفرّقة ما يأتي: (فأمَرهم بثلاثٍ، قال: أخرِجوا المشرِكينَ من جَزيرةِ العَرَبِ، وأجيزوا الوَفدَ بِنحوِ ما كنتُ أُجيزُهم، والثالثةُ خيرٌ، إما أن سكَتَن عنها، وإما أنْ قالها فَنَسيتُها).[9]
  • أوصى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بعد ما صعُب عليه أن يذهب إلى المسجد، أن يؤمّ أبو بكر الناس في الصلاة، فلمّا أخبروا أبا بكرٍ بذلك، شقّ عليه لرقّته، فأشار إلى عمر أن يصلّي في الناس، فقال له عمرٌ أنّه أحقّ منه بالإمامة، فأمّ أبو بكرٍ بعد ذلك المسلمين، وبعد ذلك شعر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بخفّةٍ يوماً في صلاة الظهر، فخرج إلى صلاة الجماعة في المسجد، يتّكىء على عمّه العبّاس، ورجلٍ آخرٍ، وأمر أبا بكرٍ أن يُتمّ إمامته، فصلّى أبو بكر إماماً، والنبيُّ قاعدٌ بجانبه.

المراجع

  1. ^ أ ب "وفاة النبي عليه السلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-28. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت "وفاة النبي صلى الله عليه وسلم"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-28. بتصرّف.
  3. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 4440 ، صحيح.
  4. ↑ رواه ابن عبد البر، في التمهيد، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 2/159، صحيح.
  5. ↑ "وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-28. بتصرّف.
  6. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة وعبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 4443، صحيح.
  7. ↑ رواه الألباني، في فقه السيرة، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 53، صحيح.
  8. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3799، صحيح.
  9. ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 3168 ، صحيح.