-

من هو نابليون بونابرت

من هو نابليون بونابرت
(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

نابليون بونابرت

نابليون الأوّل، أو المعروف باسم (نابليون بونابرت) هو قائد عسكريٌّ فرنسيٌّ الجنسيّة، استلمَ مقاليد الحُكم كإمبراطور لدولة فرنسا، حيث كان في زمنه واحداً من أشهر القادة العسكريّين، كما كان ذا فِكر مُحنَّكٍ، وعقليّة عبقريّة، إضافة إلى أنّه مثَّلَ أشهر من حمل رُتبة لواء في التاريخ، وقد تمكَّن نابليون بونابرت خلال قيادته العسكريّة من تكوين إمبراطوريّة عظيمة ضمَّت معظم الجزء الغربيّ من القارّة الأوروبّية، ووسطها، علماً بأنّه حَظِي بلَقَب العريف الصغير في معركة لودي التي اندلعت بالقُرب من مدينة ميلانو الإيطاليّة عام 1796م.[1]

مولده وعائلته

وُلِد نابليون بونابرت في عام 1769م في مدينة أجاكسيو عاصمة جزيرة كورسيكا، وكان ذلك بعد عام من تنازل مدينة جنوة الإيطاليّة عن الجزيرة لصالح دولة فرنسا. وينتمي نابليون الأوّل إلى عائلة تكسانيّة من أصول إيطاليّة، كانت قد هاجرت إلى جزيرة كورسيكا بعد أن تعرَّضت للجوع، والفَقر، والده هو شارل بونابرت، وأمّه ليتيشا راموليتا، وله أربعة إخوة، وثلاث أخوات، وهم: جوزيف، ولوسين، ولويس، وجيروم، وليزا، وباولينا، وكارولينا. علماً بأنّ والد نابليون يُعَدُّ واحداً من أشهر الشخصيّات في جزيرة كورسيكا، أمّا أمّه ليتيشا راموليتا فقد تميَّزت بقوّة العقل، والجسم؛ حيث يُقال بأنّها أنجبَت نابليون وهي في طريقها إلى الكنيسة؛ لحضور حفل العيد المُقدَّس.[2]

صفاته

تميَّز القائد العسكريّ نابليون بونابرت بإمكانيّات عقليّة كبيرة، وشخصيّة جذّابة، كما تمتَّع بعَزْم راسخ، وسرعة في اتِّخاذ القرار دون تردُّد، وحماسة مُرهَفة، وواقعيّة، وخيال واسع خَصْب؛ حيث إنّ اهتماماته كانت كثيرة، ومُتعدِّدة، كما أنّه كان يسعى دائماً إلى دراسة القرارات، والمواضيع دراسةً عميقةً قبل الإقدام عليها، وبالإضافة إلى ذلك، اتَّصف بونابرت بالتركيز العالي، والانتقال في التفكير من موضوع إلى آخر بسرعة كبيرة، وقوّة ذاكرة مُدهِشة، ومقدرة عجيبة على تحمُّل العمل الشاقّ، وصراحته، وعدم مجاملته في مختلف المناسبات.[3]

حياته وتعليمه

بدأ نابليون بونابرت حياته مع أبناء نُبلاء جزيرة كورسيكا، وتعلَّم منهم اللغة الإيطاليّة، ثمّ التحقَ في سِنٍّ مُبكِّر بمدرسة أتون، وتعلَّمَ فيها اللغة الفرنسيّة، وتمكَّن من تعلُّم الكتابة، والقراءة خلال أقلّ من ثلاث شهور؛ فقد وُصِف بالذكاء، والعبقريّة، وفي سنّ العاشرة، التحقَ بونابرت بمدرسة بريان العسكريّة الواقعة في مدينة بربين، واستمرَّ فيها إلى عمر الرابعة عشر، ثمّ انتقل بعد ذلك إلى مدرسة سان سير العسكريّة، وحقَّق فيها نجاحاً باهراً في مختلف المجالات، سواء العسكريّة، أو العلميّة، وفي عمر السادسة عشر تخرَّج بونابرت من المدرسة برُتبة مُلازم ثانٍ في سلاح المدفعيّة، ثمّ التحق كضابط بالجيش الفرنسيّ، أمّا في عام 1789م، بدأ بونابرت بالمشاركة في الحملة على إيطاليا؛ فأُرسِل على رأس قوّة عسكريّة إلى مدينة سور؛ للقضاء على الاحتجاجات، والمظاهرات التي اندلعت ضِدّ التاج، ثمّ التحقَ بالثكنة العسكريّة في أوكسون، وساهم في القضاء على هجوم قصر التويلري في باريس.[2]

وقد كان بونابرت من مُؤيِّدي فكرة استقلال كورسيكا، وداعِمي أفكار جان جاك روسو التي تدعو إلى تأسيس جمهوريّة فرنسيّة؛ حيث أدَّت اتّجاهات بونابرت هذه إلى وقوع نزاع بينه، وبين عائلته من جهة، وبينه، ومع الحِزب المَلَكيّ من جهة أخرى، ممّا دَفَعه إلى الهجرة، والإقامة في فرنسا بعد ذلك، علماً بأنّ بونابرت عاد إلى حياته العمليّة من جديد بعد ثبات براءته من التُّهم المُوجَّهة إليه، وترقيته إلى رُتبة نقيب، وفي عام 1793م، أُسنِدت قيادة الجيش الفرنسيّ إليه؛ لفَكِّ الحصار عن ميناء طولون الفرنسيّ، ومن الجدير بالذكر أنّه تزوّج في عُمر 27 سنة بأرملة تُدعى جوزفين دى بوهارنيه؛ حيث تعرَّف عليها عن طريق رئيسه ديبارا، وفي عام 1796م، تمّ تعيين بونابرت؛ لقيادة الحملة الفرنسيّة على إيطاليا، وكانت هذه المناسبة هي فرصته لإبراز مواهبه في الحرب، والإدارة، فقد تمكَّن خلال هذه الحملة من احتلال كافّة بلاد بيدمونت، وإجبار جيوش سردينيا على عَقْد صُلْحٍ مع فرنسا، إضافة إلى احتلاله مقاطعة لومبارديا، ومدينة ميلانو، وإجباره للدولة البابويّة على الاستسلام.[2]

وفي عام 1799م، استلمَ بونابرت زِمام الدولة الفرنسيّة بعد انقلاب برومير، وبعد أن سقطَ مجلس النوّاب، وضعَ بونابرت دستوراً يُخوِّله تولِّي السُّلطة الكافية؛ لتنظيم البلاد، وقد نصَّ هذا الدستور على أنّ السُّلطة التنفيذيّة تكون بيد ثلاثة قناصل، وأنّ نابليون هو القُنصل الأوّل، وبهذا أصبحَ بونابرت هو الحاكم الفعليّ لفرنسا، حيث عُرِفت هذه الفترة باسم (القُنصليّة)، علماً بأنّ نابليون أعادَ تنظيم البلاد، والنظام المركزيّ في الحُكم بعد أن قَضت عليه الثورة الفرنسيّة، وفي عام 1804م، تمّت تسمية نابليون إمبراطوراً على فرنسا بعد إجراء التصويت، وأصبح صاحب أكبر سُلطة، وحُكم مُطلَق مُقارَنة بلويس الرابع عشر.[2]

الحروب التي خاضها

خاض نابليون بونابرت العديد من الحروب خلال حياته العسكريّة، وأهمّ هذه الحروب ما يأتي:[4]

  • حرب الائتلاف الثالث: استعدَّ نابليون في عام 1805م؛ لغزو بريطانيا، إلّا أنّ الحكومة البريطانيّة كانت قد أقنعَت كُلّاً من روسيا، والنمسا بالدخول معها في حِلف واحد؛ لمُحارَبة فرنسا، فوضعَ نابليون خُطّة تقضي بأن تَخرِقَ القُوّات البحريّة الفرنسيّة الحصارَ البريطانيَّ لمدينتَي تولون، وبريست، إلّا أنّ انتصار القُوّات البريطانيّة في معركة رأس فينيستر البحريّة، وانسحاب أدميرال الأسطول البحريّ بيير تشارلز قد جعل نابليون يُدرك صعوبة الوصول إلى بريطانيا، ومحاربتها في أراضيها؛ ولذلك غَضَّ نابليون الطَّرْف عن غَزْو بريطانيا، واتّجه نحو ألمانيا، واستطاعت قُوّاته حصار القُوّات النمساويّة، وهزيمتها، إلّا أنّ الأسطول البحريّ الفرنسيّ تعرَّض للهجوم من قِبَل القُوّات البريطانيّة، واستطاع نابليون بعد ذلك هزيمة الجيشَين الروسيّ، والنمساويّ في معركة أوسترليتز، وبذلك انتهت حرب الائتلاف الثالث.
  • التحالُف مع العثمانيّين والفرس: بَذَل نابليون في عام 1803م جُهداً كبيراً؛ لإقناع الدولة العثمانيّة بالتعاوُن معه ضِدَّ الإمبراطوريّة الروسيّة، وقد تحقَّق له ذلك؛ حيث استطاع نابليون الانتصار في معركة أوسترليتز، والقضاء على إمبراطوريّة هابسبورغ التابعة للنمسا، وبعد ذلك، أنشأ نابليون حِلفاً مع الدولة الفارسيّة القاجاريّة ضِدَّ بريطانيا، وروسيا.
  • حرب الائتلاف الرابع: تألَّف الائتلاف الرابع من ستّ دُول، وهي: بريطانيا، وبروسيا، وروسيا، والسويد، وسكسونيا، وصقلية، وقد تشكَّل هذا التحالُف في عام 1806م؛ لمحاربة فرنسا، حيث تمكَّن نابليون في هذه المعركة من هزيمة بروسيا في معركة ينا، واحتلال عاصمتهم برلين، كما تمكَّن من هزيمة الجيش الروسيّ في معركة إيلاو، وإنشاء دوقية وارسو في إحدى مناطق بولندا.
  • حرب شبه الجزيرة الإيبيريّة: اتَّفق نابليون مع إسبانيا على غزو البرتغال، وتحقَّق له ذلك، إلّا أنّه طمع في إسبانيا نفسها، وأبقى قُوّاته فيها بحُجّة الحِلف القائم بين الدولتَين، إلّا أنّ الجيش الإسبانيّ حاربهم فيما يُعرَف ب(انتفاضة الثاني من مايو)، ثمّ اتَّجه نابليون لقتال الثوّار الإسبان المُتمَركِزين في الشاطئ الشماليّ لشبه الجزيرة الإيبيريّة، إلّا أنّه سرعان ما اضطرَّ إلى تَرك إسبانيا، والعودة إلى بلاده، بعد أن أعلنت النمسا الحرب على فرنسا.
  • حرب الائتلاف الخامس: فضَّت النمسا التحالُف القائم مع فرنسا، وهاجمت الجيش الفرنسيّ، إلّا أنّ نابليون استطاع التغلُّب عليهم في بادئ الأمر، ولكنّ القُوّات النمساويّة هزمتهم بالقُرب من فيينا في معركة آسبيرن، ولم يستغلّ النمساويّون هذا الوضع؛ ممّا أدّى إلى هزيمة الجيش النمساويّ من جديد في معركة فاغرام بقيادة نابليون.

وفاته

بعد أن تعرَّض نابليون إلى هزيمة قاسية في معركة واترلو، حاول الهرب إلى الولايات المُتَّحِدة، إلّا أنّه لم يستطع ذلك؛ حيث اعترضت سفينتَه بعضُ القُوّات البريطانيّة، فسلَّم نفسه لهم، وتمّ اعتقاله، وسجنه لفترة قصيرة، ثمّ نفته بريطانيا إلى جزيرة القدِّيسة هيلانة الواقعة في وسط المحيط الأطلسيّ الجنوبيّ بين البرازيل، وأفريقيا، فعاش في منزل قديم خَرِب، وكان يشتكي دوماً من ظروف العيش السيِّئة، وفي عام 1821م، بدأت صحّة نابليون بالتراجُع، ممّا استدعى وجود طبيبَين بريطانيَّين؛ للكشف عليه، فأعطَوه بعض المُسكِّنات، إلّا أنّ حالته الصحّية ازدادت سوءاً، ممّا أدّى إلى وفاته بعد يومين من إجراء الكشف، وقد أوصى قَبل أن يُفارق الحياة بدفنه على ضفاف نهر السِّين، إلّا أن حاكم جزيرة القِدِّيسة هيلانة رَفَض نَقْل جُثمانه إلى فرنسا، وأمر بأن يتمّ دَفْنه على الجزيرة في منطقة تُعرَف ب(وادي الصفصاف).[4]

المراجع

  1. ↑ دائرة المعارف العالمية، باحثون عرب، الموسوعة العربية العالمية ، السعودية : مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع، صفحة 9، جزء الخامس والعشرون. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ث وداد زوبيري، حملة نابليون بونابارت على مصر، صفحة 8-16. بتصرّف.
  3. ↑ د.حسن زغير حزيم، ارتقاء نابليون بونابارت للسلطة في فرنسا، صفحة 59. بتصرّف.
  4. ^ أ ب -، جيش الشعب مظلة الثورة ، صفحة 29-34 ، 39-41. بتصرّف.