من هو سليمان القانوني
سليمان القانوني
يُعتبَر سليمان القانونيّ، وهو مَن يُعرَف عند الغرب بسُليمان العظيم، أحدَ أهمّ، وأشهر السلاطين في الدولة العُثمانيّة، والذي تُعَدُّ فترة حكمه للدولة الأطول؛ حيث حكمَ الدولة العُثمانيّة مدّة ثمانية وأربعين عاماً،[1] وهو يحتلُّ المرتبة العاشرة بين السلاطين العُثمانيّين، علماً بأنّ الدولة العُثمانيّة في عَهده كانت مُزدهِرة، حيث وصلت إلى أوجها في مختلف الجوانب السياسيّة، والعسكريّة، والثقافيّة أيضاً.[2] ويُذكَر أنّ لَقَب القانونيّ قد أُطلِق على سليمان؛ نسبةً إلى قوانينه التي وضعها؛ بهدف تنظيم دولته، وحرصه الشديد على أن تكون هذه القوانين مستمَدَّةً من الشريعة الإسلاميّة.[3]
نشأة سليمان القانونيّ
وُلِد سليمان القانونيّ في عام 900 للهجرة في طرابزون، وهو الابن الوحيد للسُّلطان سليم الأوّل الذي اهتمَّ بتنشئته، وتربيته منذ الصِّغَر؛ فأصبح سليمان مُحبّاً للعِلم، والعلماء، والأدب، والأدباء، والفقهاء، علماً بأنّه كان يشتهرُ بالوقار، والجدّية في شبابه،[1][4] ومن الجدير بالذكر أنّ لسليمان صديق مُقرَّب كان يقضي معه الوقت في صغره، وهو أخوه في الرضاعة (يحيى)، حيث تعلَّما صياغة الجواهر سويّةً، وعندما أصبح شابّاً، أصبح يراقب ما يدور حوله من عمليّات عسكريّة، كما يُعتقَد بأنّه شارك في إحدى هذه العمليّات إلى جانب والده السُّلطان سليم الأوّل.[5]
سليمان القانونيّ وتولّيه الحُكم
بعد وفاة السُّلطان سليم الأوّل عام926 للهجرة، تولّى سليمان الحُكم، وبدأ بتوجيه السياسات في الدولة، علماً بأنّ خطاباته كانت تبدأ بآية من القرآن الكريم، وهي قوله تعالى: (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)،[6] وفي بداية حُكمه، تمكَّن من فَرض هَيبة الدولة؛ حيث قضى على الخارجين عليها، وعلى كلِّ مَن كان يُحاول الاستقلال عنها من الوُلاة، وقد أظهر عزيمته القويّة عندما قضى على تمرُّد الغزاليّ في الشام، وتمرُّد أحمد باشا في مصر، بالإضافة إلى تمرُّد قلندر جلبي في قونية، ومرعش.[1]
الإنجازات العسكريّة والسياسيّة لسليمان القانونيّ
يُعتبَر عهد السُّلطان سليمان القانونيّ عهداً ذهبيّاً للدولة الإسلاميّة؛ حيث ضمَّت دولته مجموعة كبيرة من المُدُن، والعواصم في أفريقيا، وآسيا، وأوروبا، كما أصبحت دولته تسيطرُ على كلٍّ من البحر الأحمر، والبحر الأسود، والبحر الأبيض المُتوسِّط، ومن الجدير بالذكر أنّه كان لسُليمان القانونيّ إنجازات مختلفة في كلٍّ من أوروبا، والدُّول العربيّة، حيث نوردها في النقاط الآتية:[7]
- إنجازاته في البلاد العربيّة:
- إنجازاته في أوروبا:
- ضمَّ كُلّاً من عَدن صنعاء، ومضيق باب المندب إلى دولته.
- استطاع حماية أفريقيا من الخطر المُحيط بهم (خطر الإسبان، والبرتغاليّين)، وبقيادة خير الدين بربروس تمّ ضمّ تونس إلى دولته.
- تمكَّن من التصدِّي لتدخُّلات الصفويّين في العراق، وغزا عاصمتهم تبريز في عام 942 هجريّة.
- سيطرَ على بلاد القرم الواقعة شمال البحر الأسود، كما استطاع دخول عاصمة صربيا (بلغراد)، وحاصر عاصمة النمسا (فيينا).
- تمكَّن من السيطرة على جُزُر مُتعدِّدة من البحر الأحمر، كجزيرة رودس.
- عقدَ اتِّفاقية مع فرنسا؛ حتى يضمن وقوفها إلى جانبه في حَربه ضِدّ كُلٍّ من إسبانيا، والبرتغال، والنمسا.
التطوُّر الحضاريّ في عهد سليمان القانونيّ
عُرِف عن سليمان القانونيّ حبُّه، وتذوُّقه للشعر، ومعرفته بلغات الشرق، كاللغة العربيّة، ومقدرته على الكتابة بخطٍّ جميل، كما أنّه كان مُحِبّاً للبناء، والإعمار؛ وهذا ما جعله يُنفق بسخاء على الأبنية الكبيرة، فبنى الحصون، والمعاقل في بلغراد، ورودس، وكذلك بودا، وأنشأ الصهاريج، والقناطر، والمساجد في مختلف أنحاء دولته، وخصوصاً بغداد، ودمشق، ومكّة المُكرَّمة، بالإضافة إلى ما شيَّده من عمائر رائعة في عاصمة دولته، ومن أهمّ مَعالِم التطوُّر الحضاريّ في عَهده، يُذكَر ما يلي:[1]
- بناء مسجد السليمانيّة (مسجد سليمان القانونيّ) في إسطنبول، والذي يُعتبَر من أبرز الأعمال المعماريّة التاريخيّة في العالَم الإسلاميّ.
- ظهور مُهندسين معماريّين بارزين في عهده، وأهمّهم سنان باشا الذي كان له أسلوب خاصّ في البناء، كما انّه شارك في كثير من الحملات العُثمانيّة.
- ازدهار المُنمنَمات العُثمانيّة (الرسوم) في عهده، حيث قُدِّمت الحوادث الاجتماعيّة، والسياسيّة في عهد سليمان القانونيّ من خلال مُنمنَمات ذات ألوان زاهية.
- الاهتمام بالخطّ؛ حيث برزت في عهده مجموعة من الخطّاطين العِظام، وعلى رأسهم حسن أفندي الذي كتبَ الخطوط الموجودة على جامع السليمانيّة، كما أنّ من الخطّاطين المشهورين أيضاً أحمد بن قره حصاري الذي كتبَ القرآن الكريم بخطّه، علماً بأنّ هذا المصحف يُعتبَر من روائع الخطّ العربيّ، وهو يُوجَد حاليّاً في متحف طوب قابي.
- بروز مجموعة كبيرة من العلماء في عهده، ومن أهمّهم أبو السعود أفندي، صاحب كتاب التفسير (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم).
- إنشاء أكبر مشروع حضاريّ مُهمّ، ألا وهو ترميم المسجد الأقصى، وقبّة الصخرة، والحَرَم المكّي، بالإضافة إلى ترميمه للمسجد النبويّ، وإنشاء الحمّامات العامّة، والملاجئ للحُجّاج، وتحصينه للمدينة المُنوَّرة من خلال بناء سورٍ حولها.[3]
وفاة سليمان القانونيّ
كان سليمان القانونيّ قد تجاوز عَقده السابع عندما اشتدَّ مرضه، وأصبح غير قادر على ركوب الخيل، إلّا أنّ هذا لم يمنعه من مواصلة الجهاد؛ حيث قادَ جيشاً؛ للثأر من ملك هابسبورغ الذي أغار على ثغور المسلمين، على الرغم من أنّ طبيبه لم ينصحه بالخروج؛ فقد كان مرضه شديداً، إلّا أنّه قال: "أُحبُّ أن أموت غازياً في سبيل الله"، وهذا ما كان له؛ حيث استطاع الوصول إلى مدينة سيكتوار المجريّة غازياً لها، ومُظهِراً قوّته المعهودة أمام أعدائه، ومن الجدير بالذكر أنّه تُوفِّي في أثناء غزوته لها في عام 1566م.[3]
المراجع
- ^ أ ب ت ث تامر بدر (11-3-2014)، "السلطان سليمان القانوني"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "سليمان القانوني"، www.alukah.net، 5-12-2009، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب ت نهى عودة (29-9-2015)، "سليمان القانوني .. سلطان العالم"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 12-12-2018. بتصرّف.
- ↑ V.J. Parry (23-11-2018), "Süleyman the Magnificent"، www.britannica.com, Retrieved 11-12-2018. Edited.
- ↑ فَرِيدُون أَمَجان، السلطان سليمان القانوني سلطان البرين والبحرين، مصر: burujbooks، صفحة 14-16. بتصرّف.
- ↑ سورة النمل، آية: 30.
- ↑ "الدولة العثمانية"، www.imamu.edu.sa، اطّلع عليه بتاريخ 11-12-2018. بتصرّف.