أسباب سجود السهو
سجود السهو
يطللق السهو على الغفلة والذهول، وهو بذلك يختلف عن النسيان، فسهو الشخص عن شيءٍ ما يعني عدم تذكّره إذا ذكّره به أحداً ما، أمّا النسيان فيتذكّر الشخص ما نسيه إذا ذكّره أحداً، إلّا أن السهو في الشيء هو ذات النسيان، وتجدر الإشارة إلى أنّ السهو في الشيء يختلف عن السهو عن الشيء، فالسهو عن الشيء فعلٌ مذمومٌ، أمّا السهو في الشيء فليس بمذمومٍ، ومثال ذلك قول الله تعالى عن الساهين عن أداء الصلاة: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)،[1] حيث إنّ السهو عن الشيء يكون بالقصد والعمد والإرادة، أمّا السهو في الشيء فهو من غير قصدٍ أو إرادةٍ.[2]
ومن المحاسن التي شرعها الإسلام سجود السهو، فالسهو لا يمكن التحرّز منه، كما يُمكن أن يحدث في الصلاة المطلوب من العبد المسلم تأديتها على وجهٍ مخصوصٍ ومشروعٍ، ممّا قد يُوقع المسلم إلى الزيادة أو النقص أو الشك فيها، ممّا يعني أداؤها على غير الوجه المشروع والمطلوب، وبالتالي النقص من ثوابها وأجرها، ولتفادي نقصان الأجر والثواب ونيله كاملاً وأداء الصلاة صحيحةً وعدم بطلانها أو فسادها؛ فقد أجمع العلماء على مشروعية سجود السهو.[2]
أسباب سجود السهو
يشرع سجود السهو في الصلاة بثلاثة أسباب، تتمثّل بالزياة أو النقص أو الشك في الصلاة، فقد يزيد المصلّي في الصلاة ركوعاً أو سجوداً أو جلوساً أو قياماً، وقد ينقص منها ركنٌ أو واجبٌ من أركانها وواجباتها، وإمّا أن يشكّ ولا يثبت لديه عدد الركعات التي أدّاها بشكلٍ قاطعٍ، وفيما يأتي بيان لأسباب سجود السهو بشكلٍ مفصّلٍ.[3]
الزيادة في الصلاة
أجمع أهل العلم على أنّ زيادة واجبٍ من واجبات الصلاة أو أركانها عمداً يُبطل الصلاة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الزيادة في الصلاة قد تكون زيادةً في الأقوال أو زيادةً في الأفعال، فيشرع سجود السهو إن كانت زيادة الأفعال زيادةً من جنس الصلاة، ومثال ذلك: الجلوس محل القيام، أو القيام محل الجلوس، أو زيادة ركوعٍ، أو زيادة سجودٍ، والدليل في ذلك قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ممّا رواه عنه الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، حيث قال: (إذا زادَ الرجلُ أو نَقَصَ فليَسْجُدْ سجدتين)،[4] والزيادة في الصلاة نقصٌ في الهيئة المخصّصة لها، كما يُشرع سجود السهو إن زاد المصلّي ركعةً ولم يعلم بذلك إلّا بعد انتهائه من الصلاة، ولكن إن علم أنّه زاد ركعةً أثناء أداؤه لها فيجب عليه أن يجلس فوراً، ويتشهّد ويسجد سجود السهو ثمّ يسلّم، وإن كان الساهي الإمام فعلى المصلّين تنبيهه على ما سها عنه، حيث قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (إنما أنا بشرٌ مثلُكم، أنسى كما تنسوْن، فإذا نَسِيتُ فذكروني)،[5] ويكون تنبيه الإمام الرجل بالتسبيح، أمّا النساء بالتصفيق.[6]
أمّا الزيادة في الأقوال، فإن كانت من الأقوال المشروعة في الصلاة لكنّها كانت في غير موضعها، مثل: القراءة في الركوع، أو في السجود، أو التشهّد في القيام، فإن حصل ذلك فيستحبّ سجود السهو، ولكن سجود السهو يجب إن كان السهو في الأقوال الواجبة في الصلاة، مثل: التسبيح في الركوع والسجود، ولكن إن سبّح المصلّي إضافةً إلى السهو في الأقوال فيستحّب له السجود، والسهو في الأقوال قد يحدث بأن يسلّم المصلي قبل إتمام الصلاة، فتبطل الصلاة إن كان السلام عمداً، وإن كان سهواً وكانت المدة طويلة بين الصلاة وبين التذكّر أو أن الوضوء انتقض فيجب على المصلّي إعادة الصلاة كاملةً، ولكن إن ذكر ذلك مباشرةً فسيجد للسهو، وتجدر الإشارة إلى أنّ العلماء أجمعوا على أنّ الصلاة تبطل إن تكلّم المصلّي عمداً كلاماً من غير جنس الصلاة، ولكن وردت روايتان في الكلام الذي من غير جنس الصلاة إن لم يكن عمداً وقصداً، أولهما أنّها تبطل، والثانية أنّها لا تبطل، وهو ما رجّحته اللجنة الدائمة للإفتاء.[6]
النقص من الصلاة
تبطل الصلاة إن ترك المصلّي ركناً من أركان الصلاة عمداً، مثل: ترك الركوع والسجود، ولا تنعقد الصلاة بترك تكبيرة الإحرام سهواً، وسجود السهو لا يصحّح ذلك أبداً، ولكن ترك ركنٍ من الأركان سهواً له عدّة أحوالٍ، فإما أن يذكره المصلّي قبل الوصول إلى محلّه؛ وحينها يجب على المصلّي الرجوع والإتيان بالنقص الذي حصل، ثمّ إتمام الصلاة، ولكن إن ذكره بعد أن وصل إلى محلّه فعليه عدم احتساب الركعة التي حصل بها النقص، فتقوم الركعة التي يؤديها مقام الركعة التي حصل فيها النقص، وإن تذكّر ما فاته بعد السلام من الصلاة فعليه أن يأتي بما تم تركه وما بعد من الصلاة، وتجدر الإشارة إلى أن ترك واجبٍ من واجبات الصلاة عمداً يبطل الصلاة، ولكن إن كان الترك سهواً وذكره قبل أن يصل للركن الذي يليه فعليه أن يرجع ويأتي به، وإن ذكره بعد الإتيان بالركن الذي يليه فعليه أن يسجد للسهو، أمّا ترك فعلٍ مسنونٍ من أفعال الصلاة فلا يبطلها، سواءً كان الترك سهواً أو عمداً، ولا يسجد للسهو.[6]
وتجدر الإشارة إلى أنّ العلماء فصّلوا في ترك التشهّد الأول من الصلاة، فإن ذكره المصلّي قبل أن تفارق فخذاه ساقيه أو قبل أن تفارق ركبتيه الأرض فيجلس ويأتي به، وليس عليه سجود السهو، وإن ذكره أثناء قيامه فيجلس ويؤدي التشهّد، ولكن عليه سجود السهو، ويكره الرجوع للتشهّد إن انتقل للركن الذي يليه ونهض، ولكن لا تبطل صلاته إن رجع، ولكن عليه السجود للسهو، وإن شرع في القراءة بعد القيام فيأثم إن كان عالماً بحُرمة الرجوع، وتبطل صلاته.[6]
الشك في الصلاة
لا عبرة بالشك أو التردد إن كان بعد السلام من الصلاة، ولكن يعتبر الشكّ إن كان شكاً في الزيادة وقت فعلها فعليه السجود للسهو، وإن تبادر الشك إلى ذهن المصلي فعيله أن يبني على اليقين وهو الأقل، أو على غلبة الظن، فيبني على اليقين أو على غلبة الظن، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ فلم يَدرِ كَم صلَّى؟ ثلاثاً أمْ أربعاًَ؟ فليطرَحِ الشَّكَّ وليبنِ على ما استيقنَ، ثمَّ يسجُدُ سجدتينِ قبلَ أن يسلِّمَ، فإن كانَ صلَّى خَمساً، شفَعنَ لَه صلاتَه، وإن كانَ صلَّى إتماماً لأربعٍ، كانتَا تَرغيماً للشَّيطانِ).[7][6]
المراجع
- ↑ سورة الماعون، آية: 4-5.
- ^ أ ب "فوائد عن سجود السهو"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرف.
- ↑ "أسباب سجود السهو"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 572، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 401، صحيح.
- ^ أ ب ت ث ج "سجود السهو: تعريفه وأسبابه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 14-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 571، صحيح.