تعبير عن أهمية الوقت
الوقت
يعُرَّف الوقت في اللغة بأنَّه: مقدار من الزمن، ومقدار مُحدَّد من الدَّهر، والوقت مُرادف لكلمة الزمن، وهو بذلك جزء مُعرَّف منه، والمُؤقَّت هو: كلّ ما قدَّرت له حيناً، أو قَدَّرت غايته. وقد تعدَّدت تعاريف الوقت اصطلاحاً، إلّا أنّه من الصعب وَضْع مفهوم مُحدَّد، ودقيق للوقت؛ بسبب طبيعته، ونظرة الأفراد إليه، علماً بأنّ من التعريفات التي تُوضِّح مفهوم الوقت أنَّه: وحدة قياس لدوران الأرض حول محورها، وحول الشمس، بحيث يُمثِّل اليوم الواحد 24 ساعة، والشهر 30 يوماً، والسنة الواحدة 12 شهراً، كما أنَّ الوقت: هو المادّة التي صُنِعت منها الحياة، وهو مَورد لا يفنى، كما أنّه مُتاح للجميع بالتساوي، بغضّ النظر عن أيِّ صفة أخرى. وهذا يدلُّ على أنَّ مفهوم الوقت مُرتبط ارتباطاً وثيقاً بالزمن، وأيّ نشاط، أو عمل يُراد إنجازه خلال هذا الزمن، ومن هنا فإنّ الوقت هو أثمن شيء يمتلكه الإنسان.[1]
أهمّية الوقت
يُعتبَر الوقت من أهمّ المُتغيِّرات التي تُحيط بالإنسان، ومن الموارد الثمينة والقيِّمة لأيِّ فرد، وفي أيّ مجتمع، وقد احتلَّ مكانة مُهمَّة في مختلف الديانات، وخاصّة الديانات السماويّة، وأكَّد الإسلام على ضرورة الاهتمام، والعناية به، كما أنَّ الوقت مُمنهَج بطريقة ربّانية، ممَّا يدلُّ على مدى أهمّيته في الحياة. ومن الجدير بالذكر أنَّ هناك العديد من الحِكَم في التراث العربيّ، والتي تُمجِّد الوقت، وتُشيد بمدى أهمّيته، ومن هذه الأقوال: "الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك"، و"أيّام الدهر ثلاثة: يوم مضى لا يعود، ويوم أنت فيه لا يدوم لك، ويوم مُستقبل لا تدري من لأهله"، ولا يزال الوقت يحظى بأهمّية كبيرة على الرغم من الاختلافات المُرتبطة بمدى وَعْي الأفراد من حيث المحافظة عليه، واستغلاله على النحو الأمثل، من مُجتمع إلى آخر، ومن شعب إلى آخر،[2] فعلى سبيل المثال، نجد أنَّ الشعوب في الدُّول المُتقدِّمة، والمُتطوِّرة، تهتمُّ بالوقت، وتُقدِّره بشكل كبير، فكلّ دقيقة تُعَدُّ مُهمَّة، ولها دورها، أمَّا الشعوب في الدُّول النامية، فنجد أنَّهم لا يمنحون الوقت مكانته الحقيقيّة، وقد يُهدرونه دون فائدة، أو نفع؛ لذلك تُعَدُّ إدارة الوقت، وتنظيمه من أهمّ مُقوِّمات التفوُّق، والنجاح للشعوب، والأُمَم، وهو بذلك ثروة لا يمكن اختراعها، أو تخزينها، أو تجديدها،[3] وتتمثَّل أهمّية إدارة الوقت في إنجاز الأعمال، والأهداف، في الوقت المُحدَّد، إضافة إلى تحقيق التوازن بين المُتطلَّبات الاجتماعيّة، والوظيفيّة، مع تجنُّب الضغوط التي تنتُج عن ضيق الوقت؛ بسبب سوء إدارته.[2]
أهمّية الوقت في القرآن الكريم والسنة
لقد أكَّد الدين الإسلاميّ على مدى أهمّية الوقت، وكيفيّة استغلاله على النحو الأمثل؛ بحيث يعود على الفرد، والمجتمع بالنفع، وقد أشارت العديد من الآيات القرآنيّة في كتاب الله إلى أهمّية الوقت، وقيمته؛ فقال تعالى: (يَسأَلونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرساها قُل إِنَّما عِلمُها عِندَ رَبّي لا يُجَلّيها لِوَقتِها إِلّا هُوَ)،[4] وقال تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ)،[5] وأقسم الله تعالى بالوقت؛ لبيان أهمّيته، حيث قال في كتابه الكريم: (وَالضُّحَى*وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى*مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى*وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى)،[6] وقد أعطى القرآن الكريم أهمّية بالغة لقيمة الوقت، والدليل على ذلك ارتباط مُعظَم العبادات التي فرضها الله تعالى على الأُمَّة الإسلاميّة بأوقات مُحدَّدة، وثابثة، كالصيام في شهر رمضان من كلِّ عام، وارتباط وقته برؤية الهلال، والصلوات الخمس، حيث إنّ لكلّ صلاة وقت مُحدَّد، وفريضة الحج التي لها وقت مُحدَّد، ومعلوم من كلّ عام، كما ظهرت أهمّية الوقت في أفعال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، إذ كان من أشدِّ الناس حفاظاً على وقته، وكان يستغلُّه في طاعة الله، وعبادته، بالإضافة إلى أنّه حذَّر من إضاعة الوقت في اللَّهو، وفي ما لا يُرضي الله.[1]
أهمّية الوقت للأفراد والمجتمعات
يُعتبَر الوقت ذا أهمّية كبيرة للأفراد في المجتمع؛ حيث يُعتبَر المُنظِّم لحياة الأفراد، والمُيسِّر لها، كما أنَّه يُنظِّم سلوكهم، ويدير ذواتهم؛ فهو بمثابة البارومتر للسلوك الإنسانيّ، وهو يُساهم أيضاً في مَنْح الأفراد مجالاً واسعاً للتأمُّل، والتفكير، والتخطيط قبل الدخول في أيّ عمل، بالإضافة إلى أنَّه عامل مُهمّ من عوامل نجاح التخطيط؛ فهو لا يُعبِّر عن الأحداث في الماضي، أو الحاضر فقط، بل يُمكِّن الأفراد من التنبُّؤ بما قد يحصل في المستقبل، أو التأمُّل به، ومن الجدير بالذكر أنَّه يُحقِّق للإنسان قَدراً من السرور، والسعادة إذا تمَّ استغلاله بالشكل الصحيح، وباستطاعة المُنظَّمات، والمجتمعات على اختلافها، تحقيق ما ترجوه من أهداف، وتنمية جوانبها، وذلك من خلال الاستغلال الصحيح للوقت المُتاح.[7]
أهمّية الوقت في العمل
إنَّ الاستغلال السليم، والصحيح للوقت في العمل، هو ما يُبيِّن الفرق بين الإنجاز، والإخفاق؛ فمن بين أربع وعشرين ساعة في اليوم، هناك وقت مُحدَّد لمُمارسة الأعمال، ومن الجدير بالذكر أنَّ الاختلاف لا يظهر في الوقت نفسه، بل في ما يتمّ إنجازه خلال هذا الوقت. وتعود أهمّية الوقت في مجالات، ومُؤسَّسات العمل إلى مدى الاستغلال الأمثل له من قِبَل العاملين؛ فالوقت يُمثِّل مورداً فريداً لا يمكن ادِّخاره، كما أنَّه يُعتبَر معياراً حاسماً للدخول في أيّ مشروعات، أو أعمال جديدة، حيث إنّه مورد مُهمّ للمُدراء، ولا يقلُّ أهمّية عن الموارد الأخرى، كرأس المال، والآلات، والقُوى العاملة، والموارد الطبيعيّة.[8]
أهمّية الوقت في المدرسة والإدارة التربويّة
يُعتبَر الوقت ذا أهمّية بالغة للإدارة التربويّة المدرسيّة، والتعليميّة، وتتمثَّل هذه الأهمّية في مقدرة الكادر التعليميّ على تحقيق الاستغلال الأمثل للوقت المُتاح في العمل المدرسيّ، بالإضافة إلى استغلال الوقت في تحضير المَنهج المدرسيّ، وتنفيذه بكافّة أنشطته، وفي أوقاته المُحدَّدة، بالإضافة إلى استغلال الطلّاب، والمُعلِّمين، والإدارة المدرسيّة للوقت المُتاح؛ في سبيل تحقيق الاستفادة للجميع، وتحقيق كافَّة الأهداف المدرسيّة التي وُجِدت المدرسة من أجل تحقيقها، ولا يُعتبَر الوقت ذا أهمّية خلال وقت الدوام المدرسيّ فحسب، بل تمتدُّ أهمّيته إلى خارج أوقات الدوام الرسميّة؛ حيث يُمكن للإدارة المدرسيّة أن تستغلّ أوقات الفراغ لدى الطلبة، من خلال مُمارسة الأنشطة المجتمعيّة، والأنشطة الترفيهيّة التي تعود على الطالب، والمجتمع بالنَّفع، والفائدة، كما تتمثَّل أهمّية استغلال الوقت للإدارة المدرسيّة، باعتباره نَمَطاً تعليمياً تُقدِّمه للأطفال الناشئين؛ لتعليمهم مدى أهمّية الاستفادة من الوقت في مجالات الحياة الشخصيّة.[9]
وهناك العديد من الأساليب التي تُظهِر تطبيق مفهوم أهمّية الوقت في الإدارة التربويّة، والمدرسيّة، وأهمّ هذه الأساليب هي:[9]
- احترام قيمة الوقت، والمقدرة على تثمينه.
- الحضور إلى المدرسة في وقت مُبكِّر، وعدم التأخُّر عن الطابور الصباحيّ، وغيرها من الأمور.
- وضع جدول زمنيّ يتضمَّن أعمال المدرسة اليوميّة، والأسبوعيّة، والشهريّة، والفصليّة، بالإضافة إلى تنظيم خطَّة العمل على شكل جدول؛ لتنفيذها بالشكل المطلوب، وعلى النحو الأمثل.
- تنفيذ الأعمال، وإنجازها، وِفق أهمّيتها؛ فالأعمال الأكثر أهمّية يتمّ إنجازها أوّلاً.
- تقسيم المُعلِّم للمنهج المدرسيّ، والأنشطة التي تتعلَّق بمحتوياته، وِفق برنامج زمنيّ خلال الفصل الدراسيّ، وتوزيع أنشطة الدرس خلال الحصَّة المدرسيّة.
- تحديد أوقات زمنيّة لمُختلَف الاجتماعات المدرسيّة.
- وضع جدول بالأعمال المدرسيّة، وعَرضه على الكادر التعليميّ، والأعضاء قَبل الاجتماع بمُدَّة زمنيّة مناسبة.
- تقسيم الأنشطة اليوميّة للإدارة المدرسيّة بشكل يضمن توزيعاً صحيحاً للوقت، وعدم تداخُل واجبات الإدارة المدرسيّة.
- تنظيم جدول زمنيّ للمواعيد، وأوقات المُقابلات الخاصّة خلال فترة الدوام المدرسيّ.
المراجع
- ^ أ ب إيناس أكرم أحمد الحناوي، دور تكنولوجيا المعلومات في إدارة الوقت لدى مديري مدارس وكالة الغوث بمحافظة غزة وسبل تفعيله ، صفحة 31-33. بتصرّف.
- ^ أ ب د. خديجة شناف، الوقت في العمل المؤسسي : قيمته وأساليب إدارته، صفحة 52. بتصرّف.
- ↑ د.محمد السيد البدوي، الدليل المبسط للسكرتارية التنفيذية والعلاقات العامة: القواعد الأساسية ...، صفحة 47. بتصرّف.
- ↑ سورة الأعراف، آية: 187.
- ↑ سورة ق، آية: 38.
- ↑ سورة الضحى، آية: 1-4.
- ↑ بشير العلاق، أساسيات إدارة الوقت، صفحة 12. بتصرّف.
- ↑ هيفاء عبدلله الوليدي، مدى كفاءة الإدارة لدى العاملين في المنظمات، صفحة 8. بتصرّف.
- ^ أ ب علي بن نايف الشحود، الوقت وأهميته في حياة المسلم، صفحة 283،284. بتصرّف.