-

شروط التوبة إلى الله

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

التوبة

التوبة في اللغة تعني الرجوع والإنابة، أما التعريف الشرعي لها فهو الرجوع إلى طاعة الله عزّ وجل، والابتعاد عن المعاصي والآثام التي تغضبه، وقد وعد الله عباده بمغفرة الذنوب مهما عظمت وكثرت إذا تابوا إليه توبةً صادقةً، قال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53]، والتوبة محببة إلى الله، وواجبة على كل مؤمن، وهي من أسباب الفلاح، والرزق في الدنيا، والفوز بمغفرة الله وجنته في الآخرة.

شروط التوبة إلى الله

الإخلاص لله في نية التوبة

يجب أن يكون قصد المسلم من التوبة نيل رضى الله، والطمع في مغفرة الله له، والتجاوز عمّا فعله من معصية، ولا تجوز التوبة التي يقصد منها رياء الناس، كما لا تجوز التوبة التي تكون بقصد الإفلات من عقاب السلطات أو ولي الأمر.

ترك المعصية والإقلاع عنها

يجب على المسلم ترك المعاصي، والعزم على عدم الرجوع إليها، ومعاهدة الله على ذلك، حيث يشترط في قبول توبة العبد أن يترك فعل المعاصي والآثام التي تغضب الله عزّ وجل، فلا تصح توبة العاصي المستمر في معصيته، فمثلاً العاصي الذي يشرب الخمر، ثمّ يتوب يجب عليه ترك شرب الخمر لتكون توبته صادقة ونصوحه، فإذا استمر في شربه مع قوله: (أستغفر الله العظيم) فلا تجوز توبته، بحيث لا يقبلها الله منه، وكذلك الزاني، والسارق، والنمّام، وآكل أموال اليتامى، والعاق لوالديه، وقاطع الرحم، فإن عزم على التوبة بنية صادقة بعدم الرجوع وغلبه الشيطان، وأغوته نفسه على ارتكاب هذه المعصية مرة أخرى فإنّها تُكتب عليه معصية جديدة، في حين أنّ المعصية القديمة التي تاب عنها توبةً صادقةً، لا تُكتب عليه ولا يحاسب عليها يوم القيامة.

الندم على اقتراف المعصية

يجب على المسلم الشعور بكره هذه المعاصي بعد فعلها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (الندمُ توبةٌ) [صحيح].

رد حقوق الناس إليهم

إذا كانت المعصية بحق إنسان فلا بدّ من التحلل منها واسترضاء المظلوم، فإذا كانت أموالاً وجب على الشخص ردها إليهم إلى أن يسامحوه فيها، وإذا كانت المعصية غيبة أو حديث في الأعرض وجب عليه طلب العفو منهم، وإن كان ذلك سيؤدي إلى الشر بينهما يجوز تركه، ولكن يجب عليه أن يذكرهم بالخير في الأماكن التي ذكرهم فيها بالسوء من قبل، وأن يستغفر لهم ويكثر من الدعاء لهم، وإذا كانت المعصية شهادة زور عليه أن يغيرها، وإذا كانت المعصية تستوجب القصاص فلا بدّ من القصاص منه إلى أن يسمحوا له بالدّية، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن كانت لِأَخِيه عنده مَظْلِمَةٌ من عِرْضٍ أو مالٍ، فَلْيَتَحَلَّلْه اليومَ، قبل أن يُؤْخَذَ منه يومَ لا دينارَ ولا دِرْهَمَ، فإن كان له عملٌ صالحٌ ، أُخِذَ منه بقَدْرِ مَظْلِمَتِه، وإن لم يكن له عملٌ، أُخِذَ من سيئاتِ صاحبِه فجُعِلَتْ عليه) [رواه البخاري].

التوبة قبل الغرغرة

يقصد بالغرغرة بلوغ الروح إلى الحلقوم؛ فلا بدّ أن تكون التوبة قبل وقوع الموت، فإذا حشرج أحدهم، وعاين ملائكة الله الذين أقبلوا إليه لقبض روحه، فلا تجوز توبته، وذلك لقوله تعالى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) [النساء: 18]