-

إنشاء عن التعاون

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

التعاون فضيلةٌ عظيمةٌ وهي إحدى أهم مكارم الأخلاق التي يتحلى بها الإنسان، فهي صفة محمودة عند الله وقد جاءت الآيات والأحاديث تحث عليها لما لها من أثرٍ كبيرٍ على أفراد المجتمع حيث قال تعالى:" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " فأعمال البر كثيرة لا حصر لها، فقيم جميع الشعوب تحض على التعاون وتدعو إليه لما يحقق من التكافل الجتماعي وتقوية نسيج المجتمع فيجعله أوثق، وتشيع الألفة والمودة بين أفراد المجتمع، فالتعاون هو ميزةٌ من ميزات الأمة الإسلامية أكثر من غيرها وأكثر ما نلمس أثرها بشكل أكبر في شهر الرحمة شهر رمضان حين نجد الجميع كأنّهم يد واحدة لا فرق بين غني وفقير، وكبير، وصغير.

التعاون يشمل جميع جوانب حياتنا ابتداء من الأسرة، حيث يساعد الأبناء الوالدين، ويساعد الوالدان الأبناء، والصغير عونٌ للكبير والصغير عونٌ لمن يكبره جميعهم قلب واحد، وكذلك في العمل فالرئيس والمرؤوس من أصغر موظف لأكبره كلهم يتعاونون مع بعضهم البعض في إنجاز العمل على أكمله وجه.

من صور التعاون مساعدة الجار لجاره والغني للفقير، والصديق لصديقه، ومساعدة الناس بعضهم في الأعمال الكبيرة، كما كانت في المجتمع الفلسطيني عادة "العونة" في مواسم قطف الزيتون والحصاد حيث يتعاون الجميع في القطاف حتى ينتهي الموسم، لكن هذه العادة تراجعت بعد حرب 67 وما خلفته الحرب من نزوح وضياع الأراضي والاستيطان.

من صور التعاون تعاون الدول بينها البعض في سد حاجتهم، ومنه أيضاً مساعدة الطبيب للمريض ومساعدة التاجر للناس فيبتعد عن الاحتكار، ومنه أيضاً أن تساعد الدولة مواطنيها في تسهيل أمورهم مراعية بذلك أوضاعهم وحاجاتهم، ومساعدة المعلم لتلاميذه وخاصة من هم بحاجة إلى المساعدة، وهكذا نرى أثرالتعاون على كل فرد من أفراد المجتمع، فيسد عوز المحتاجين ويشيع جو من الطمأنينة بينهم حتى تتسامى النفس الإنسانية عن الأنانية وحبّ الذات إلى الشعور بشعور المجتمع، ولنتذكر دائماً أنّ الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه.

التعاون قيمة كبرى عظيمة، نحتاجها اليوم في ظل أزماتنا المتلاحقة نحتاج أن يساعد بعضنا البعض، نحتاج لهذا العربي الأصيل الذي يحمل همّ أخيه في كل قطر حلّ فيه، فالمؤامرات الكبيرة تستوجب منا أن نكون يداً واحدةً فيما نتعرض له، فالتعاون يذيب بيننا الفوارق الكبيرة كما في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار التي قام بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فأصبحوا كالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لذلك واجبنا أن نعود يداً واحدةً فالعصا الواحدة تكسر بسهولة بينما الحزمة من العصي يستعصى على الشديد كسرها.