-

تعريف العقيدة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

العقيدة

يَنقسِم النّظام الإسلاميّ إلى قسمين رئيسيين هما: العقيدة والشريعة، والشريعة تعني التكاليف العمليّة التي جاءَ بها الإسلام في العبادات والمُعاملات، أمّا العَقيدة فهي الأمور العلميّة التي يَجب على المُسلم أن يَعتقدها بقلبه.

تمتازُ العقيدةُ الإسلاميّة بعدّة خصائص تُميّزها عن العَقائد الأخرى منها أنّها: عقيدةٌ ربّانية المصدر؛ حيث أوحيَ بها من عند الله تعالى بواسطة جبريل إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي متّفقةٌ مع فطرة الإنسان السليمة؛ حيث تتّفق عمليّاً مع ما يدور في خلج الإنسان من الأفكار من وجود خالقٍ مدبّرٍ لهذا الكون العظيم الواسع حتى قبل أن يَعرف الإيمان أو يتعلّمه، كما أنّها تتميّز بالوضوح واليُسر والبساطة، وهي شاملة لجميع مناحي الحياة؛ الكون والإنسان وأطوار حياته، وهي عقيدةٌ ثابتةٌ لا تتغيّر بتَغيُّر الأزمنة والأمكنة؛ فهي لَيست نظريّات صاغها البشر، كما أنّها تتماشى مع واقع الإنسان ومُتطلّبات وجوده، وهي عقيدة مبرهنة تعتمد على الحجّة الدامغة والبَراهين الواضحة.[١]

تعريف العقيدة

العقيدة لغة

أصل اشتقاق كلمة العقيدة من (عقد)، وهي في اللغة مَدارها على ثلاثة معانٍ؛ اللزوم، والتأكد، والاستيثاق، نحو قول الله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ)[٢] فتعقيد الإيمان يكون بعزم القلب عليه، والعقود هي أوثق العهود، ومنها قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)[٢][٣]

العقيدة اصطلاحاً

العقيدة في الاصطلاح هي اعتقادٌ جازمٌ مُطابقٌ للواقع لا يقبل الشك أو الظن، فالعلم الذي لم يَصل بالشيء إلى درجة اليقين الجازم لا يُسمّى عقيدة، وإذا كان الاعتقاد غير مُطابق للواقع والحق الثابت ولا يقوم على دليل فهو ليس عقيدةٌ صحيحة سليمة، وإنّما هو عقيدة فاسدة كاعتقاد النصارى بألوهيّة عيسى وبالتثليث.[٤]

تُعرّف العقيدة أيضاً بأنها التصديق الجازم فيما يجب لله عزّ وجل من الوحدانية، والربوبية، والإفراد بالعبادة، والإيمان بأسمائه الحسنى، وصفاته العليا.[٥]

أركان العقيدة

أركان العقيدة في الإسلام هي كلٌ لا يتجزّأ، وكلّ من كفر بواحدة منها أو بجزئيّة منها ممّا ثَبت في القرآن الكريم أو في السنة النبوية لا يُقبل إيمانه بالأركان الأخرى، وقد وَرد ذكرهذه الأركان في كتاب الله عزّ وجلّ، وسُنّة نبيه -صلّى الله عليه وسلّم- في مواضع كثيرة، منها: قوله سبحانه وتعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)،[٦] وقوله سبحانه وتعالى: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)،[٧] وقوله سبحانه وتعالى: (وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا)،[٨] وبيان هذه الأركان كما هي معروفة بأركان الإيمان كالآتي:

  • الإيمان بالله ويُقصَد به الإيمانُ الجازمَ بوجودِ الله سُبحانه وتعالى، والإيمان بربوبيَّته وألوهيَّته، والإيمان بأسمائه وصفاته جميعها، وأنَّه وَحده المُتَّصِفٌ بجميع صفات الكمال، وأنّه وحده المُنَزَّهُ عن كلِّ نقصٍ.
  • الإيمان بالمَلائكة جميعاً بأنّهم خلقٌ من خلقِ الله سبحانه وتعالى، وأنّهم عبادٌ مُكرَمون، منهم من أُوكِل بحمل عرش الرّحمن، ومنهم من أُوكِل بالجنّة والنّار، ومنهم من أُوكل بكتابة أعمال العباد، ومن الإيمان بهم الإيمان أيضاً بما وَرد من أسمائهم عن الله سبحانه وتعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام، مثل: جبريل أمين الوحي، وميكائيل، ومالك خازن النَّار، وإسرافيل صاحب الصور، وغيرهم ممّا جاء فيه نصٌّ صحيح. [٩]
  • الإيمان بالكتب السماويّة أي الإيمان الجازم بوجودها جميعها على أصلها الذي نزلت فيه، وما جاء فيها من تشريعات وتكاليف.[١٠]
  • الإيمان بالرُّسُل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعاً: يعني الإيمان بالرّسل التّصديقَ الجازمَ بأنّ الله سبحانه وتعالى قد بعث في كلّ أمةٍ رسولاً؛ ليدعوهم ويهديهم إلى عبادة الله وحده، لا شريك له، ويأمرهم بالكفر بما يعبدون من دون الله من أصنام وأوثان ، وأنّ الرُّسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام جميعهم صادقون أُمناء، أيّدهم الله بالمعجزات، وأنّهم عليهم الصلاة السلام أدّوا وبَلَّغوا ما أرسلهم الله به وأنهم لم يكتموا ما أُرسلوا به ولم يغيروا فيه شيء ولم يزيدوا فيه شيئاً من عند أنفسهم، وأنّ الله سبحانه وتعالى فضّل بعض النبيين على بعض، ورفع بعضهم على بعضٍ درجاتٍ.[١١]
  • الإيمان بالإيمان باليوم الآخر أي: الإيمان بكلّ ما أخبرعنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وثبتت صحّته من حياة بعد الموت؛ ومن عذاب القبر ومن بعث وحساب، وجنة ونار.[١٢]
  • الإيمان بالقدر أي: الإيمان بأنّ كلّ ما قضاه الله سبحانه وتعالى وقدّره كان بحُكمِه، وكلّ ما أصاب العبدَ فإنّما هو بتقديرٍ من الله سبحانه وتعالى.[١٣]

آثار العقيدة الإسلامية

للعقيدة الإسلامية آثارٌ واضحةٌ في حياة المسلمين ومن هذه الآثار:[١٤]

  • تحرير الإنسان من العبودية للبشر؛ فيتوجب على الإنسان المسلم التحرّر من كل ولاءٍ لغير الله، قال تعالى: (وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ ۘ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )[١٥]
  • تحرير العقل من الخرافات والأوهام وحثه وتحفيزه على التفكير؛ فقد اتجهت العقيدة الإسلامية إلى تحرير العقل من الخضوع للأساطير والخرافات وحثته على التفكر في الكون.
  • غرس الاستقامة؛ فعندما يلتزم المسلم بالعقيدة الإسلامية الصحيحة ويراقب الله تعالى في أقواله وأفعاله تُصبح نفسه مُستقيمةً تبتعد عن المُنكرات والمعاصي.
  • تبعث الطمأنينة والسعادة والأمن في نفس الإنسان.
  • الشعور بالعزّة والكرامة والحرية، فالإنسان المسلم يَكتسب هذا الشعور من عزّة الله سبحانه وتعالى حيث قال: ( يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ)[١٦]

المراجع

  1. ↑ د محمد عوض الهزايمة، د محمد أحمد الخطيب (2005)، دراسات في العقيدة الإسلامية (الطبعة العاشرة)، الأردن: الأكاديميون للنشر والتوزيع ، صفحة 17-20. بتصرّف.
  2. ^ أ ب سورة المائدة، آية: 89.
  3. ↑ عطية محمد عطية، وفا أحمد سوافطة، محمود حمودة، نصر علي نصر (1990)، العقيدة الإسلامية (الطبعة الأولى)، الأردن: دار الفكر، صفحة 11. بتصرّف.
  4. ↑ د عثمان جمعة ضميرية (1996م)، مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية (الطبعة الثانية)، السعودية: مكتبة السوادي للنشر والتوزيع، صفحة 122. بتصرّف.
  5. ↑ الدكتور عبد القادر بن محمد عطا صوفي (1423)، المفيد في مهمات التوحيد (الطبعة الأولى)، الأردن: دار الإعلام، صفحة 9. بتصرّف.
  6. ↑ سورة البقرة، آية: 285.
  7. ↑ سورة البقرة، آية: 177.
  8. ↑ سورة النساء، آية: 136.
  9. ↑ أصول الإيمان (1420)، محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي (الطبعة الخامسة)، السعودية: وزارة الشؤون الإسلاميّة والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 88. بتصرّف.
  10. ↑ عمر بن سليمان بن عبد الله الأشقر العتيبي (1989)، الرسل والرسالات (الطبعة الرابعة)، الكويت: مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع، صفحة 231.
  11. ↑ حافظ بن أحمد بن علي الحكمي (1990)، معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول (الطبعة الأولى)، الدمام: دار ابن القيم، صفحة 677، جزء 2.
  12. ↑ حامد بن محمد بن حسين بن محسن (1996)، فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد (الطبعة الأولى)، عمان - الأردن: دار المؤيد، صفحة 90.
  13. ↑ المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة، مصر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، صفحة 530. بتصرّف.
  14. ↑ د محمد عوض الهزايمة، د محمد أحمد الخطيب (2005)، دراسات في العقيدة الإسلامية (الطبعة العاشرة)، الأردن: الأكاديميون للنشر والتوزيع، صفحة 14-16. بتصرّف.
  15. ↑ سورة القصص، آية: 88.
  16. ↑ سورة المنافقون، آية: 8.