أثنى الله تعالى في كتابه الحكيم على العديد من الفئات، ولعلَّ أبرز الفئات التي نالت شرفاً عظيماً، ومنزلة كريمة؛ فئة عباد الرحمن، الذين يمتازون بتفكيرهم السامي، وهمتهم العالية، وصفاتهم الحسنة؛ التي تدفعهم للوصول إلى أعلى المراتب عند الله تعالى في الآخرة، ولقد ذكر القرآن الكريم العديد من صفات هؤلاء العباد المُخلَصين، وفيما يلي شرح لهذه الصفات.
إنّ هذه الصفة هي من أكثر الصفات التي يمكن من خلالها تمييز عباد الرحمن، فعباد الرحمن لا يرون أنفسهم دائماً إلا أقلَّ من غيرهم، مع أنّهم في حقيقة الأمر يفوقون غيرهم بفروقات شاسعة، ومن هنا فإنّ كلّ من يتعامل معهم يُحبِّهم، ويأنس بالتواجد إلى جانبهم، وهذا القبول بين الناس، هو عاجل ثوابهم العظيم الذي ينتظرهم في الآخرة بإذن الله تعالى.
من أعظم صفات عباد الرحمن أنّهم يكثرون من العبادة، كما تتسم عبادتهم بالإخلاص، فقلوب هؤلاء مرتبطة بالله تعالى أيَّما ارتباط، ومن هنا فإنّ أسعد لحظات حياتهم هي تلك التي يقضونها في العبادة، وقد ذكر القرآن الكريم نوعاً معيّناً من العبادة يُكثر منه هؤلاء المُخلَصون، وهو الصلاة في الليل، والتذلل بين يديه تعالى، في الوقت الذي يكون الناس فيه نيام.
عباد الرحمن لا يلتفتون إلى من يسيئون إليهم، ولا يُقابلون الإساءة إلا بالأخلاق الرفيعة السامية، وقد يساعدون من يحتاج إليهم حتى لو كان من أعدائهم، فليس الانتقام، أو الحقد من طبعهم، ومن هنا فقد استحقت هذه الفئة تلك المنزلة الرفيعة التي وصلت إليها.
دائماً ما يُكثر عباد الرحمن من الاستغفار، وطلب العفو، والنجاة من الله تعالى، وهذا نابع أساساً من خوفهم من غضب الله تعالى عليهم، ومن العذاب الشديد يوم القيامة، ومن هنا، فإنّ عباد الرحمن يتجنّبون أي طريق قد يؤدّي إلى معصية، أو فعل مُحرَّم بكل ما أتاهم الله تعالى إياه من قوّة.
يهاب عباد الرحمن بشكل رئيسي من سفك الدم الحرام، ومن هنا فإنّ هذه الفئة من الناس ترفض دائماً الاقتتالات بين الناس، والتحريض على القتل.
يبتعد عباد الرحمن عن قول كل ما هو حرام، ومخالف لأوامر الله تعالى، فألسنتهم لا تنطق إلا بما هو خير.
عباد الرحمن هم أطهر الناس، وأبعدهم عن الزنا، وعن كل ما من شأنه أن يقرّبهم من هذا الفعل الشنيع: من قول، أو فعل، أو نظر، أو غير ذلك.
لطالما كانت قلوب عباد الرحمن كبيرة، فهم يخشون على غيرهم من الانحراف كما يخشون على أنفسهم، ومن هنا فإنّهم على الدوام يدعون لغيرهم بصلاح الأحوال، تماماً كما يدعون لأنفسهم.
يتسم عباد الرحمن بأنّهم معتدلون في إنفاقهم، فهم ليسوا بالمبذرين، وليسوا بالبخلاء، والعدل في الإنفاق هو من علامات شكر الله تعالى على نعمه.