ذهب جمهور العلماء إلى عدم وجوب صلاة الوتر، وإنّما هي سنة مؤكدة، وقد استدل الجمهور على أنّها سنة بحديث النبي عليه الصلاة والسلام حينما سأله الأعرابي عن الصلوات المفروضة عليه حيث أجابه بأنّها خمس صلوات في اليوم والليلة إلا أن يتطوع، وكما احتج أصحاب هذا الرأي بما روي عن سيدنا علي رضي الله عنه حينما قال بسنية صلاة الوتر وعدم وجوبها، أما دليل أن هذه الصلاة هي سنة أكد عليها النبي الكريم فقد جاء عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه قوله: (إنَّ الوترَ ليسَ بحتمٍ، ولاَ كصلاتِكمُ المَكتوبةِ، ولَكنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليْهِ وسلَّمَ أوترَ، ثمَّ قالَ: يا أَهلَ القرآنِ، أوتروا؛ فإنَّ اللَّهَ وترٌ يحبُّ الوتر)،[1] بينما رأى أبو حنفية أن صلاة الوتر واجبة واحتج على ذلك بحديث: (الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا)،[2] والرأي الراجح في المسألة أنّها سنة مؤكدة لقوة الأدلة التي استند إليها أصحاب هذا الحكم.[3]
تؤدى صلاة الوتر على عدة صور، منها أن تصلى ركعة واحدة بعد أن يفرغ المسلم من قيام الليل، فقد يصلي ركعتان مثنى ثمّ يوتر بركعة واحدة، أو يصلي أربع ركعات وركعة واحد، وأما الصورة الثانية لها فهي أن تصلى ركعة واحدة بعد صلاة العشاء بدون أن يسبقها صلاة الليل، والصورة الثالثة كما يصليها الأحناف حيث تصلى على هيئة صلاة المغرب ثلاث ركعات، وأما الصورة الرابعة لها فهي أن تصلى ثلاث ركعات متصلات أو خمس أو سبع لا يتشهد المصلي إلا في الركعة الأخيرة منها تشهدا واحداً،[4]، وقد سئلت السيدة عائشة عن صفة صلاة والوتر،[5] فقالت: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان َيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لا يَجْلِسُ فِيهَا إِلا فِي الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا).[6]
أما حكم الصلاة بعد الوتر فقد أجاز العلماء أن يصلي المسلم مع الإمام صلاة الوتر، ثمّ يصلي بعدها صلاة التهجد أو الليل ولا يعيد الوتر، كما يجوز له أن لا يصلي مع الإمام الوتر إذا كان في نيته تأخير أداءه إلى آخر الليل.[7]