-

كيف تصلي الاستخارة للزواج

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الزواج

يُعدّ الزواج حياةً كاملةً وليست ساعاتٍ قليلة ليتسرّع المرء فيها باتّخاذ قراره ويخضع لهواه ثم يمضي متخيّلاً أنّ السعادة كلها ستكون بين يديه حتى إذا انقشع الغمام واتّضح الطريق بانت المساوئ، لذلك فإنّ قرار الزواج هو من أخطر القرارات التي يُمكن أن يتّخذها المرء، وأي خطأ فيه تكون النتيجة مُؤلمةً وصعبةً ليس فقط للشريكين بل للأسرة بأكملها وللأولاد أيضاً، وحتّى لو خرج الطرفان من أتون الزواج البائس وتمّ الطلاق بينهما، إلا أن هذا الجرح يبقى نازفاً في حياة الأسرة ما نبض القلب.

لتفادي الفشل والبؤس في الزواج، قدمت الشريعة الإسلامية عدداً من الحلول التي على الخاطب أن يتّبعها ومن ضمنها القيام بصلاة الاستخارة التي هي لجوء إلى الله عزَّ وجلّ وإقرارٍ بعجز العبد وقصوره عن معرفة الخير والإحاطة بكل جوانب الأمور، وتوجّه إلى القادر العالم بالغيب المحيط بكل شيء ليهديه إلى ما فيه خيره وييسّره له ثمّ يرضيه به حتى تسكن نفسه ولا يبقى فيها تعلّق بما رغب به من غير ما أراد الله، وإن كانت الاستخارة سنّة لنا في أمورنا التي أهمّتنا فأيّ أمر أهمّ من اختيار الشريك، وأيّ قرار أعظم من الزواج؛ فهو إمّا سعادةٌ وسَكَن وإمّا مأتمٌ وحزَن.

معنى صلاة الاستخارة

الصلاة في اللغة: الدعاء، وقيل: التعظيم [1]

الاستخارة لُغَةً: من استخارَ يستخير استخارةً، فهو مُستَخير، واستخار اللهُ تعالى: سأله أن يوفِّقه إلى اختيار ما فيه مصلحته، وأن يُعجِّله له، وصلاة الاستخارة هي صلاةٌ تؤدّى لطلب الخِيرَةِ في الشّيء، واستخار الشَّيءَ: انتقاه واصطفاه.[2]

الاستخارة اصطلاحاً: هي طلب الخِيَرة من الله تعالى في أَمرٍ من الأمور المَشروعَةِ أو المُباحَة.[3]

صلاة الاستخارة في السنة النبوية

  • ذُكرت صلاة الاستخارة في السنة النبوية؛ فقد جاء في صحيح الإمام البخاريّ عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُ أصحابَه الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها، كما يُعَلِّمُ السورةَ من القرآنِ، يقولُ: (إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركَعْ ركعتينِ من غيرِ الفريضةِ، ثم لْيقُلْ : اللهم إني أَستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقُدرتِك، وأسألُك من فضلِك، فإنك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ، اللهم فإن كنتَُ تَعلَمُ هذا الأمرَ - ثم تُسمِّيه بعينِه - خيرًا لي في عاجلِ أمري وآجلِه - قال : أو في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري - فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي، ثم بارِكْ لي فيه، اللهم وإن كنتَُ تَعلَمُ أنه شرٌّ لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري - أو قال : في عاجلِ أمري وآجلِه - فاصرِفْني عنه، واقدُرْ ليَ الخيرَ حيثُ كان ثم رَضِّني به)،[4] في هذا الحديث النبويّ ذكر النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه من أراد الاستخارة فعليه أن يبدأ بصلاة ركعتين من غير الفريضة، أمّا الحديث الثّاني فقد خلا من ذلك؛ بل جاء فيه: فليقل: (كذا وكذا)
  • ذَكر ابنُ حبان في صحيحه من حديث أبي سعيدٍ الخدري - رضي الله عنه - قوله صلّى الله عليه وسلم: (إذا أراد أحَدُكم أمرًا فلْيقُلِ: اللَّهمَّ إنِّي أستخيرُكَ بعِلْمِكَ وأستقدِرُكَ بقدرتِكَ وأسأَلُكَ مِن فضلِكَ العظيمِ فإنَّكَ تقدِرُ ولا أقدِرُ وتعلَمُ ولا أعلَمُ وأنتَ علَّامُ الغُيوبِ اللَّهمَّ إنْ كان كذا وكذا - للأمرِ الَّذي يُريدُ - خيرًا لي في دِيني ومعيشتي وعاقبةِ أمري فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي وأعِنِّي عليه وإنْ كان كذا وكذا - للأمرِ الَّذي يُريدُ - شرًّا لي في دِيني ومعيشتي وعاقبةِ أمري فاصرِفْه عنِّي ثمَّ اقدُرْ لي الخيرَ أينما كان لا حَوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ).[5] في هذا الحديث النبويّ ذكر النبي ّ صلى الله عليه وسلم ما على المسلم قوله في الاستخارة.

وقت صلاة الاستخارة

ليس لصلاة الاستخارةِ وقتٌ مخصوص؛ فللمسلم متى أهمَّهُ أمرٌ كالزواج وهو من أهم ما تصلى الاستخارة لأجله فإذا أراد أن يطلب المسلم من الله أن يظهر له إن كان في زواجه مصلحة أو ضرر سيلحق به فعليه أن يتوجَّه إليه ويُصلّي ركعتي الاستخارة ثم يسأله ما يريد، والجديد ذكره أن صلاة الاستخارة من النوافل التي تكون في أوقات مباحة، وتكون في بعض الأوقات مكروهةً فيجب عليه أن يبتعد عن الأوقات التي تُكره فيها الصَّلاة، وهي ما بعد أداء صلاة الفجر إلى طلوع الشّمس بقدرِ رُمح (من وقت الانتهاء من الفجر إلى وقت الضّحى)، ووقت توسُّط الشّمس في السّماء (فترة الزّوال إلى الظّهر)، وما بعد الانتهاء من صلاة العصر إلى ما بعد الغروب (من صلاة العصر إلى صلاة المغرب)؛ فإن ابتعد عن تلك الأوقات جاز لها أن يُصلِّيها متى أراد،[6]

طريقة صلاة الاستخارة للزواج

صلاة الاستخارة بشكل عام لها هيئتان، والشّخص الذي يُريد الزّواج ويريد القيام بصلاة الاستخارة عليه أن يؤدّي إحدى هاتين الهيئتين على أحسن قيام.

الهيئة الأولى

  • بدايةً من السنّة لطالب الاستخارة (في الزواج) أن يتوضأ فيُحسن الوضوء.[7]
  • أن يُصلي ركعتين نافلة؛ يقرأ في الركعة الأولى سورة الكافرون، وفي الرّكعة الثّانية سورة الإخلاص.[8]
  • عندما ينتهي من أداء الصلاة عليه أن يستقبل القبلة لكي يقول دعاء الاستخارة. [7]
  • عليه أن يفتتح دعاءه بحمد الله والصّلاة على رسوله، ويختتم بهما.[8]
  • أن يقول دعاء الاستخارة.
  • يُسن له أن ينام على طهارةٍ.[7]
  • إذا رأى في منامه بياضاً أو خُضرَةً فذلك الأمر خير، وإن رأى فيه سواداً أو حُمرَةً فهو شَرٌ ينبغي أن يجتنبه وعلى طالب الاستخارة أن يُسلِّم أمره لله عزَّ وجل؛ فيتوكّل عليه حقَّ التوكّل، وأنّ ما من خيرٍ أو شرٍ يأتيه إلا بعلم الله وإرادته [7]

يجب التنبيه إلى أنّه لا يقتصِر ظُهور أَثَرِ الاستخارة على الرُّؤية أو المنامات فقط، إنّما يأتي دور التّوفيق الرَّباني؛ فإنَّ الله إن لجأ عبده لاستخارته ثم توكَّل عليه حقَّ التوكُّل فإنه يُيسِّر له ذلك الأمر إن كان خيراً، فيجد طريقه سهلاً سلساً مُيسّراً بتوفيق الله عزّ وجلّ، وإن كان الأمر غير ذلك وجد طريقه صَعباً شائِكاً حتّى يصرفه الله عنه.

الهيئة الثانية

في هذه الهيئة يدعو الشّخص الذي يُريد الزّواج بدعاء الاستخارة دون صلاة:

  • من السنّة أن يتوضأ فيُحسن الوضوء.[7]
  • أن يستقبل القبلة كي يقول دعاء الاستخارة[7]
  • عليه أن يفتتح دعاءه بحمد الله والصّلاة على رسوله، ويختتم بهما.[8]
  • أن يقول دعاء الاستخارة: (إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركَعْ ركعتينِ من غيرِ الفريضةِ، ثم لْيقُلْ : اللهم إني أَستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقُدرتِك، وأسألُك من فضلِك، فإنك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ، اللهم فإن كنتَُ تَعلَمُ هذا الأمرَ -زواجي من فلانة بنت فلان أو زواجي من فلان بن فلان - خيرًا لي في عاجلِ أمري وآجلِه - قال : أو في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري - فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي، ثم بارِكْ لي فيه، اللهم وإن كنتَُ تَعلَمُ أنه شرٌّ لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري - أو قال : في عاجلِ أمري وآجلِه - فاصرِفْني عنه، واقدُرْ ليَ الخيرَ حيثُ كان ثم رَضِّني به).[4]

المراجع

  1. ↑ جمال الدين، محمد طاهر بن علي الصديقي الهندي الفَتَّنِي الكجراتي (1968)، مجمع بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار (الطبعة الثالثة)، الهند: مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية، صفحة 344، جزء 3.
  2. ↑ أحمد مختار عبد الحميد عمر (2008)، معجم اللغة العربية المعاصرة (الطبعة الأولى)، بيروت: عالم الكتب، صفحة 711، جزء 1.
  3. ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري (2009)، مختصر الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، بيروت: بيت الأفكار الدولية ، صفحة 698، جزء 2.
  4. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبدالله السلمي، الصفحة أو الرقم: 7390.
  5. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 885، صحيح.
  6. ↑ سليمان بن محمد بن عمر البُجَيْرَمِيّ (1995)، حاشية البجيرمي على الخطيب، بيروت: دار الفكر، صفحة 428، جزء 1. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت ث ج ح زين الدين بن إبراهيم بن محمد، المعروف بابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتاب الإسلامي، صفحة 56، جزء 2.
  8. ^ أ ب ت وهبة مصطفى الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 1064-1065، جزء 2. بتصرّف.