الوتر لغةً يعني العدد الفردي، ويجوز لفظه بكسر الواو وفتحها، ومعنى قولنا فلان أوتر أي أنّه صلى صلاة الوتر.[1]وأما اصطلاحاً فتعني: صلاة يبدأ وقتها بعد صلاة العشاء، ويمتد حتى يطلع الفجر، وهي الصلاة التي تختتم بها الصلوات، سُمّيت بذلك لأن عدد ركعاتها فرديّ، فتكون واحدة أو ثلاثة أو أكثر، ولا يجوز أن تكون شفعاً، ومعنى الشفع العدد الزوجيّ.[2]
صلاة الوتر صلاة فردية اختلف الفقهاء في عدد ركعاتها واختلفوا في كيفيتها من حيث الفصل والوصل، وجلوس التشهد، والجهر والإسرار، ودعاء القنوت فيها، وفيما يلي بيان ذلك:
لصلاة الوتر عدة هيئات تختلف باختلاف عدد الركعات، وهناك أيضاً أكثر من هيئة جائزة لعدد الركعات نفسها؛ وتفصيلها كالآتي:[4]
قال صلى الله عليه وسلم فيما يُروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (سَنَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقالَ إنَّ اللهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الوِتْرَ، فأَوْتِرُوا يا أهلَ القُرآنِ).[6]
وأما ترك صلاة الوتر فقد ذهب الحنابلة إلى أنّ من فعل ذلك فهو مسيء، يُكره له فعله هذا، ومردودة شهادته عند الإمام أحمد، والوتر عند الشافعيّة والمالكيّة من أكثر السنن تأكيداً وأفضلها.[7]
من السنّة أن يقرأ المصلي في صلاة الوتر سورة الأعلى في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية سورة الكافرون، أمّا في الركعة الثالثة فمن المستحب قراءة سورة الإخلاص أو قراءة الإخلاص والمعوّذتين، وإن صلّى الوتر أكثر من ثلاث ركعات فيُسنّ قراءة هذه السور بالترتيب نفسه في الركعات الثلاث الأخيرة، وأما قراءة الإخلاص والمعوّذتين فقد قال بذلك الإمام مالك وأحمد وهو مذهب الشافعيّة، وقد رُوي هذا عن أم المؤمنين عائشة وعن أبي بن كعب، وعن غير واحد من الصحابة، روى أبيّ بن كعب (إنَّ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وصحبِهِ وسلَّمَ كان يوترُ بسبحِ اسمَ ربكَ الأعلَى، وقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ).[8][9]
معاني مفردة القنوت في اللغة متعددة، منها الصلاة، ومنها أيضا الطاعة، أما المقصود بالقنوت اصطلاحاً: فهو اسْمٌ لِلدُّعَاءِ فِي الصَّلاَةِ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ مِنَ الْقِيَامِ، ورد جوازه في ثلاثة مواضع، منها صلاة الوتر، وصلاة الفجر.[10]
وهو الدعاء الذي يكون في الركعة الأخيرة من صلاة الوتر، ونصه مرويٌّ عن الحسن بن علي بن أبي طالب ونصه: (اللهمَّ اهدِني فيمن هديتَ وعافِني فيمن عافيتَ وتولَّني فيمن تولَّيتَ وبارِكْ لي فيما أعطيتَ وقِني شرَّ ما قضيتَ إنك تَقضي ولا يُقضى عليك وإنه لا يَذِلُّ من واليتَ ولا يعِزُّ من عاديتَ تباركتَ ربَّنا وتعاليتَ)[11][12]
وقد ورد في مسألة حكم القنوت في صلاة الوتر عدة أقوال أولها الوجوب طيلة العام وهو قول أبي حنيفة، وعنده يكون القنوت قبل الركوع، أما صاحباه أَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد فيقولان بسنيّة القنوت، وفي وجه عند الشافعيّة يكون القنوت طيلة شهر رمضان، ولكنّ الشافعية في الأصح استحبوا القنوت في النصف الثاني من الشهر، وذهب الحنابلة إلى سنيّة القنوت طيلة العام، والمشهور عند المالكية أنّ القنوت في الوتر مكروه.[13]
وأما من فاتته صلاة الوتر فقضاؤه لها واجب عند الحنفيّة، ولا يقضيها عند المالكيّة إن فات وقتها وصلى صلاة الفجر، ويندب قضاؤها عند الحنابلة، وكذلك في الصحيح عند الشافعيّة أنه من المستحبّ قضاؤها.[14]وفي كيفية القضاء خلافٌ واسعٌ، فيجوز قضاء الوتر على صفته، وهذا ما ذهب إليه كلٌّ من الشافعيّة والحنابلة، وهناك من خالف بقوله يُقضى مشفوعاً، أي ركعتين ركعتين، فمن كان يصلي الوتر ركعة واحدة فإنه يصليها ركعتين، ومن كان يصلي الوتر ثلاث صلاها أربعة، وقد اختلف الحنابلة في حكم قضاء الشفع معه، والراجح أن الصحيح قضاء الشفع عندهم أيضاً.[15]