بما عذب الله قوم عاد طب 21 الشاملة

بما عذب الله قوم عاد طب 21 الشاملة

قوم عاد

يُعدّ قوم عاد من العرب العاربة، وقد كانوا في زمانهم أقوى الأُمَم وأعظمها، ممّا دفع بهم نحو الطغيان والتجبّر وعبادة الأصنام، قال الله في بيان ذلك: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً)،[1] ويُنسَبون إلى عاد بن إرَم بن عوص بن سام بن نوح عليه السلام، وعاد هو أول من عبد الأصنام بعد دعوة نوح عليه السلام، ولما كانوا على هذا الحال من عبادة الأصنام أرسل الله إليهم أخاهم هوداً يدعوهم ويحذّرهم من فعلهم، وكانوا يسكنون مدينةً تُسمّى إرم،[2][3] وقد قال الله تعالى فيها: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ*إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ*الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ).[4]

كان قوم عاد على درجة عالية من الرقيّ في العمران والبناء، وكانت بيوتهم ومساكنهم في غاية الروعة والإبداع والجمال، وكانت أراضيهم جناتٍ خضراء ترعى فيها المواشي وتزيد، وبذلك تفيض الأموال ويكثر الأبناء، قال تعالى: (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ*وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)،[5] ومع اجتماع هذا النعيم كلّه لهم، عاشوا حياةً من الترف والانشغال بالدنيا، وكانوا يرفعون بنيانهم ويتباهون به دون الحاجة إليه، وإنما من أجل التفاخر والتطاول، وأكثروا من بناء البروج شديدة العلوّ بُغية تخليد اسمهم في العالمين، وعلى الرغم من كل ما أنعم الله به عليهم إلا أنهم أصروا أن يستكبروا على الله عز وجل، فأشركوا به عبادة الأصنام، كما انتشر فيهم الظلم والبطش، فأرسل الله إليهم هوداً عليه السلام ليدعوهم إلى إفراده بالعبادة، وترك ما كانوا عليه من عبادة الأصنام، وحتّى يذكّرهم بنِعَم الله تعالى وإحسانه إليهم، ويأمرهم بالاستغفار والتوبة عن أفعالهم، إلا أنهم كذّبوه وسخروا منه، واختاروا طريق الهوى والعناد والتكذيب برسل الله وآياته.[3]

عذاب قوم عاد

لمّا كذّب قوم عاد رسولهم وسخروا منه ورفضوا الإذعان لدعوة الله تعالى والخضوع له كما أخبر سبحانه في القرآن الكريم: (وتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)،[6] شاء الله أن ينزّل عليهم العذاب، فكان عذابهم كما أخبر القرآن بالرّيح التي أرسلها الله عز وجل عليهم، حيث أمسك الله تعالى المطر عنهم فترة من الزمن حتّى أجدبت أرضهم وصاروا ينتظرون المطر ويترقّبونه، حينها ساق الله إليهم سحابةً أخذت بالاقتراب منهم، فلما رأوها ظنّوا أنّ المطر قد أقبل، وفرحوا واستبشروا بذلك حتّى إنّهم قالوا: (هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا)،[7] إلا أن الله تعالى وضّح أن تلك السحابة لم تكن مطراً كما ظنوا وإنما عذاباً من عنده، وذلك في قوله تعالى: (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ).[8][9]

ونزلت بهم تلك الريح فعلاً، فسلّطها الله عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ حسوماً، فلم تنقطع عنهم لحظةً أبداً، وكانت كلها ريحاً عقيماً ليس فيها شيء من الخير أو البركة، فلم تلقّح الشجر ولم تحمل أيّ مطر، بل كانت شديدة البرودة، وكان صوتها مفزعاً مرعباً، قد وصفها الله تعالى قائلاً: ( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا)،[10] ووصفها أيضاً بقوله: (مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيم)،[11] فكانت نتائج هذه الريح وذلك العذاب شديدةً وخيمةً على قوم عاد؛ حيث أهلكت كلّ شيء، وكانت تحمل الرجل منهم عالياً ثم تُنكِّسه على رأسه فينقطع عن جسده، حتّى أصبحوا كما وصفم الله تعالى: (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ)،[12] وهكذا بادوا وقُتِلوا جميعاً، فلم يبقَ منهم أحد، وأصبحت مساكنهم خاويةً، لا يُرى من أثرهم غيرها، قال تعالى: (فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ)،[13] ثمّ أُتبِعوا في الدنيا لعنةً وفي الآخرة لعنةً، وكانوا عبرةً لمن يعتبر بعدهم.[9]

دروس وعِبَر من قصّة قوم عاد

في قصّة قوم عاد ورسولهم هود عليه السلام عبر ودروس عظيمة، منها ما يأتي:[9]

المراجع

  1. ↑ سورة فصلت، آية: 15.
  2. ↑ " خبر قوم عاد وثمود"، www.fatwa.islamweb.net، 2005-3-23، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  3. ^ أ ب فهد بن عبد الله الصالح (2017-12-20)، "قصة هود عليه السلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  4. ↑ سورة الفجر، آية: 6-8.
  5. ↑ سورة الشعراء ، آية: 133-134.
  6. ↑ سورة هود، آية: 59.
  7. ↑ سورة الأحقاف، آية: 24.
  8. ↑ سورة الأحقاف، آية: 24.
  9. ^ أ ب ت أ. عبد العزيز بن أحمد الغامدي (2017-5-27)، "قصة عاد في القرآن"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-4-29. بتصرّف.
  10. ↑ سورة الأحقاف، آية: 25.
  11. ↑ سورة الذاريات، آية: 42.
  12. ↑ سورة الحاقة، آية: 7.
  13. ↑ سورة الأحقاف، آية: 25.
  14. ↑ سورة المؤمنون، آية: 26.
  15. ↑ سورة هود، آية: 52.