-

الحث على الصدقة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

الصدقة

حثّ الله -تعالى- عباده على الإنفاق والبذل، كما أنّ الله -تعالى- ضمن لعباده أرزاقهم، فالمال من الأسباب التي توصل العبد إمّا إلى الجنة، وإمّا إلى النار، وذلك بحسب السبيل الذي سلكه العبد في إنفاق المال، فإن كان السبيل سبيل البرّ والخير، والمعروف، فيكون المال من أسباب دخول الجنة، وإن كان السبيل سبيل المعصية والفسق والفجور، فإنّه موصلٌ إلى النار، كما أنّ إنفاق المال في سبيل الصدّ عن دين الإسلام وعن الله تعالى، من الأسباب التي توصل العبد إلى نار جهنم، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذينَ كَفَروا يُنفِقونَ أَموالَهُم لِيَصُدّوا عَن سَبيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقونَها ثُمَّ تَكونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمَّ يُغلَبونَ)،[1] وفي المقابل فإنّ الله -تعالى- قال عن الذين أنفقوا أموالهم في طاعة الله تعالى، وفي طرق البرّ والخير والمعروف: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)،[2] ومن صور الإنفاق بالمال؛ أداء الزكاة الواجبة، والتصدّق تطوعاً وتنفّلاً، ومواساة الناس، إلّا أنّ الواجب على المنفق أن تكون نيته صالحةً، بقصد الله -تعالى- فقط بعمله، فإن كان القصد من الصدقة الرياء، أو السمعة، فلا تُقبل من صاحبها، كما أنّ الإنفاق يجب أن يكون من المال الحلال، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا يقبَلُ اللهُ صلاةً بغيرِ طُهورٍ ولا صدَقةً مِن غُلولٍ)،[3] ويقدّم المنفق أقرباءه المحتاجين على غيرهم، مع السعي من المتصدّق على البحث عن أهل الدين؛ لإعطائهم الأموال، الذين يستعينون بها على طاعة الله عزّ وجلّ، فلا يقبل أن يكون المتصدّق عوناً لأهل المعاصي على معصيهم، إن تصدّق عليهم، كما أنّ على المتصدّق أن يحرص على الإسرار بالصدق، إلّا إن تحققت مصلحةٌ من الإجهار بها، حيث قال الله تعالى: (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ)،[4] كما أنّ إخراج القليل من الأموال، وعدم ردّ السائل بأبسط الأشياء، من الآداب التي يتحلّى بها المتصدق، دون المنّ على الفقير والمحتاج، مع الحرص على اللطف، واللين معهم.[5]

فضل الصدقة

شرع الله -تعالى- الصدقة سداً وتحقيقاً لحاجات الفقراء والمساكين، ومن أجل رفعة وعلو منزلة دين الإسلام، كما أنّ للصدقة العديد من الفضائل التي تدفع المسلم إلى البذل والتصدّق، وفيما يأتي بيان بعضها:[6]

  • علو منزلة وقدر الصدقة والمتصدّق في الدنيا والآخرة، حيث إنّ الصدقة من أحبّ الأعمال إلى الله تعالى، التي يقوم بها العبد المسلم، ومن الأقوال التي دلت على ذلك، ما ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث قال: (إنّ الأعمال تتباهى فتقول الصدقة: أنا أفضلكم)، ومما يدل على ذلك أيضاً في فضل المتصّدق ما رواه الصحابي أبو هريرة عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (اليدُ العُلْيا خيرٌ منَ اليدِ السُّفْلَى، واليدُ العُلْيا هِيَ المنفِقَةُ، واليدُ السُّفْلَى هِيَ السائِلَةُ)،[7] كما أنّ فضل الصدقة يصيب المتصدّق في الحياة الدنيا.
  • حماية المتصدّق من الوقوع في الابتلاءات والمحن، فإنّ الصدقة من الأعمال التي تدفع عن صاحبها البلاء والشرّ، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (فعلُ المعروفِ يقِي مصارِعَ السُّوءِ)،[8] كما أنّ الصدقة من الأسباب التي تحمي الإنسان وبدنه من الأمراض و الآفات، ومما يدل على ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ)،[9] وفي المقابل فإنّ عدم بذل الصدقة من الأسباب التي تؤدي بالممتنع عن الصدقة إلى حلول المصائب والمحن عليه.
  • نيل المتصدّق الثواب العظيم، والأجر الجزيل من الله تعالى، والعمل على تكفير الذنوب والمعاصي، والخطايا، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكرى لِلذّاكِرينَ)،[10] فالآية الكريمة تشمل جميع أنواع الخير والبرّ والمعروف، والصدقة من تلك الأفعال وأولاها.
  • نيل البركة في الأموال، والزيادة في الأرزاق، فالصدقة من الوسائل التي تحفظ الأموال من الهلاك، والضياع، والفساد، حيث قال الله تعالى: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)،[11] ومن الجدير بالذّكر أنّ الصدقة لا تسبب الفقر، أو لا تنقص المال.

مراتب الصدقة

تتفاوت الأجور التي ينالها العبد من الصدقة التي قام بها، بناءً على اختلاف الصدقات التي أدّاها، وفيما يأتي بيان مراتب الصدقة التي يمكن من العبد التقرّب إلى الله -تعالى- بها:[12]

  • المرتبة الأولى: الصدقة الخفية، حيث إنّها أقرب إلى إخلاص العبد من الصدقة المعلنة، كما أنّ الله -تعالى- قيّد إخفاء الصدقة بالفقراء؛ للدلالة على عدم إمكان إخفاء تلك الصدقات، مثل: تجهيز الجيش، وإجراء الأنهار، وغير ذلك من الصدقات المعلنة، فإخفاء الصدقة أفضل؛ لأنّ في ذلك عدم إحراجٍ للفقراء، والستر عليهم.
  • المرتبة الثانية: الصدقة حال القوة والصحة، حيث إنّ ذلك أفضل من كتابة وصيةٍ، أو أداء الصدقة حال المرض أو الاحتضار.
  • المرتبة الثالثة: الصدقة بعد الواجبات.
  • المرتبة الرابعة: الصدقة والبذل من العبد، مع حاجته والقلة التي لديه.
  • المرتبة الخامسة: الإنفاق على الأهل والأولاد، ودليل ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إذا أنفق الرجلُ على أهلِه نفقةً وهو يحتَسِبُها كانت له صدقةً).[13]
  • المرتبة السادسة: النفقة على الأقارب، ويخصّ من الأقارب اليتيم، والقريب الذي يخفي العداوة والشرور.
  • المرتبة السابعة: الصدقة على الجار.
  • المرتبة الثامنة: الصدقة على الصاحب، والصديق، في سبيل الله تعالى.

المراجع

  1. ↑ سورة الأنفال، آية: 36.
  2. ↑ سورة البقرة، آية: 274.
  3. ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن أسامة بن عمير ، الصفحة أو الرقم: 1705، صحيح.
  4. ↑ سورة البقرة، آية: 271.
  5. ↑ "أنفقوا يا عباد الله"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018. بتصرّف.
  6. ↑ "سنابل الخير"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018. بتصرّف.
  7. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 8197، صحيح.
  8. ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 5875، صحيح.
  9. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم: 3358، حسن.
  10. ↑ سورة هود، آية: 114.
  11. ↑ سورة سبأ، آية: 39.
  12. ↑ "الصدقة فضائلها وأنواعها"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 10-10-2018. بتصرّف.
  13. ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عقبة بن عمرو بن ثعلبة أبي مسعود، الصفحة أو الرقم: 402، صحيح.