-

علامات اكتئاب ما بعد الولادة

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

اكتئاب ما بعد الولادة

يُعرّف اكتئاب ما بعد الولادة (بالإنجليزية: Postpartum depression) على أنه اضطراب نفسي يحدث في فترة بعد الولادة ويؤثر في السلوك والصحة الجسدية للمرأة، حيث تشعر المُصابة باكتئاب ما بعد الولادة باليأس، والفراغ، والحزن، ويؤثر هذا الشعور في حياتها الشخصية ويلازمها طوال اليوم، فلا يكون هناك تواصل بين الأم المُصابة ورضيعها، فقد لا تشعر بالحب اتجاهه، وقد لا تعيره الاهتمام اللازم، وقد تشعر بأنه ليس طفلها، بالإضافة إلى الشعور بالقلق، والتهيج، وحدوث اضطرابات في الأكل والنوم، وتجدر الإشارة إلى أنّ تشخيص الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة يتطلب مراجعة الطبيب المختص؛ إذ إنّ ظهور هذه الأعراض لا يعني بالضرورة المعاناة من هذه المشكلة الصحية، فمن شروط تشخيص الإصابة بهذا الاضطراب النفسي استمرار ظهور الأعراض لأكثر من أسبوعين وبصورة تؤثر في حياة المرأة ورعايتها لمولدها بصورة واضحة، ومن الجدير بالعلم أنّ أعراض اكتئاب ما بعد الولادة تظهر في الفترة التي تتراوح ما بين 4 إلى 6 أسابيع من الولادة، ولكنها في بعض الحالات قد تظهر بعد عدة شهور، ومن الجدير بالذكر أن شدة الإصابة بهذا النوع من الاكتئاب تترواح ما بين البسيطة إلى الشديدة،[1][2] وتُعدّ هذه الحالة من الحالات الشائعة؛ حيث تصاب بها سيدة واحدة من بين كل تسع نساء، وذلك بالاستناد إلى نتائج مراكز مكافحة الأمراض واتقائها (بالإنجليزية: Centers for Disease Control and Prevention)،[3] ومن الأخبار الجيدة أنّ اكتئاب ما بعد الولادة يُعدّ اضطرابًا نفسيًا يمكن علاجة بالاستشارات الطبية، ومجموعات الدعم، والعلاجات الدوائية، وما يتوجب ذكره أن اكتئاب ما بعد الولادة لا يُعدّ ضعفًا في شخصية الأم أو عيبًا فيها، وكما ذُكر سابقاً يُمكن للعلاج الفوري أن يُساعد على التحكم بأعراض الاكتئاب لدى الأم ومساعدتها على الارتباط بطفلها.[1][2][4]

ويجدر التنبيه إلى أنّه توجد حالة أخرى قد تصيب الأمهات الجدد في فترة ما بعد الولادة يطلق عليها مصطلح كآبة الأمومة أو الكآبة النفاسية (بالإنجليزية: Baby Blues)، وتحدث هذه الحالة بسبب التغير المفاجئ في الهرمونات بعد الولادة إلى جانب التوتر، وقلة النوم، والارهاق الذي تتعرض له غالبية الأمهات الجدد، حيث تظهر على الأم بعض أعراض الاكتئاب في أول يومين من الولادة، وتصل هذه الأعراض ذروتها بعد حوالي سبعة أيام، ثم تبدأ بالتلاشي في نهاية الأسبوع الثاني من الولادة، ومن الجدير بالذكر أنّ هذه الحالة لا تؤثر في حياة الأم ووظيفتها، وتعد أمراً طبيعياً، حيث إنّ الأم لا تحتاج خلالها إلى تلقي أي نوعٍ من أنواع العلاجات، لكنها تشعر خلال هذه الفترة بالحزن، والقلق، والتهيج، وتزداد رغبتها بالبكاء، ويجب التنبيه إلى أنه في حال استمرار ظهور هذه الأعراض لأكثر من أسبوعين، أو ازدادت سوءًا، فيتوجب مراجعة الطبيب المختص لاستبعاد الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.[5][6]

بالإضافة إلى ما سبق قد تُصاب بعض النساء بحالة نادرة يطلق عليها مصطلح ذهان ما بعد الولادة (بالإنجليزية: Postpartum Psychosis)؛ حيث تصيب هذه الحالة واحدة أو اثنتين من النساء من كل ألف امرأة، وتُعدّ النساء المصابات باضطرابات نفسية أخرى كاضطراب ثنائي القطب (*) (بالإنجليزية: Bipolar Disorder) أو الاضطراب الفصامي العاطفي (*) (بالإنجليزية: Schizoaffective disorder) هنّ أكثر عرضة للإصابة بذهان ما بعد الولادة، وتبدأ الأعراض المصاحبة لهذه الحالة بالظهور خلال أول 48 إلى 72 ساعة من الولادة، وتتمثل الأعراض المرافقة لهذه الحالة برؤية أو سماع أشياء غير موجودة، والشعور بالارتباك، وتقلبات المزاج السريعة فقد تبكي السيدة بكاءً شديداً ثم تضحك بشكل هستيري مباشرةً، بالإضافة إلى ذلك قد تحاول السيدة المصابة بهذه الحالة إيذاء نفسها أو طفلها، وتتصرف بطريقة متهورة وانفعالية، ومثل هذه الحالات تتطلب مراجعة الطبيب بشكل فوريّ.[6][1]

علامات اكتئاب ما بعد الولادة

تختلف أعراض اكتئاب ما بعد الولادة من سيدة لأخرى وتتراوح في شدتها، لذلك لا يمكن تشخيص الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة إلا من قِبل الطبيب، كما يكمن دور الطبيب المختص في التفريق فيما إن كانت الأعراض تُعزى للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة أو غيره،[7] وفيما يأتي بيان لأعراض اكتئاب ما بعد الولادة:[8][9]

  • زيادة شدة كآبة الأمومة: كما بيّنّا سابقًا فإنّ كآبة الأمومة مشكلة مؤقتة تُعاني منها الكثير من السيدات، ولكن عادة ما تشعر السيدات بالتحسن بعد مرور الأسبوع الثاني من الولادة كما أسلفنا، ولكن في حال استمرار ظهور الأعراض لأكثر من ذلك أو زيادة حالتها سوءًا مع مرور الوقت فإنّ ذلك قد يكون عرضًا مبكّرًا للإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
  • الإحساس بالدونية والكأبة: تختلف الطريقة التي تصف بها السيدات هذا الشعور، فتصفها بعض النساء على أنها شعور بالألم ولا تستطيع تحديد مكانه، وبعض النساء يصفنه على أنه شعور بالفراغ أو الحزن، هذا بالإضافة إلى عدم الشعور بالسعادة حيال إنجاب المولود الجديد، وأحياناً تبكي السيدة لسبب غير محدد أو معروف، وقد يستمر هذا الشعور لدى السيدات طوال الوقت، وقد يكون متقّطعاً ولكن لا تدوم فترات الراحة لأكثر من يومٍ أو يومين.
  • فقدان اهتمام الأم لما تحبه من الأنشطة المعتادة: فتجد الأم نفسها لا تستمتع بالأمور التي كانت مفضلة لديها بالسابق، كأنواع معينة من الطعام أو برامج مفضلة.
  • الشعور بالاضطراب والغضب دون سبب: قد يكون الشعور بالغضب هو العرض الرئيسي المرتبط بالمزاج لدى السيدات اللاتي يُعانين من اكتئاب ما بعد الولادة، وقد يؤدي استمرار الشعور به إلى اضطراب علاقاتها الاجتماعية، كما يُصعّب تعامل الأمّ مع المشاكل التي قد تواجهها أثناء رعاية طفلها.
  • حدوث تغيرات في نمط النوم: قد يبدو هذا العرض طبيعياً عند ولادة طفل جديد، وغالباً ما يكون هناك نقصانٌ في ساعات نوم الأم، ولكن عند اصابتها باكتئاب ما بعد الولادة فإنها لا تتمكن من النوم حتى خلال ساعات نوم الطفل، وبشكل عام تُقسم مشاكل النوم التي تُعاني منها النساء المصابات باكتئاب ما بعد الولادة إلى ثلاثة أنواع؛ إمّا مواجهة صعوبة في الخلود إلى النوم، وإمّا مواجهة صعوبة في البقاء نائمة خلال ساعات الليل، أو الاستيقاظ مبكرًا قبل أخذ الجسم حاجته التامة من الراحة.
  • حدوث اضطراب في الشهية: فبعض الأمهات تفقد بعض الوزن لعدم رغبتها في تناول الطعام، وأخريات تزداد شهيتهن؛ ولكن دون الشعور بأي متعة في الأكل.
  • الشعور بالذنب والإحساس بعدم القيمة: حيث تفقد الأم ثقتها بنفسها، وتشعر بأنها أمٌ سيئة، وهذا بدوره قد يؤدي إلى تجنبها التواصل مع الآخرين والقيام ببعض المهام، ولكن في سياق هذا الكلام يُشار إلى أنّ الأمهات اللاتي يلدن ولادة مبكرة أو يلدن أطفالًا يُعانون من مشاكل معينة يكون في الغالب شعورهنّ بالتقصير أو عدم القدرة على تحمل المسؤولية أمر طبيعيّ.
  • البطء المفرط أو التهيج: ففي بعض الحالات الشديدة من الاكتئاب من الممكن أن تكون حركات المرأة واستجابتها وحتى حديثها بطيء للغاية، أو على العكس قد تكون غير قادرة على الجلوس في مكان معين من فرط النشاط.
  • مواجهة صعوبة في اتخاذ القرارات والتفكير بوضوح: فتجد الأم صعوبة في التركيز وصُنع القرارات البسيطة؛ فمثلاً لا تستطيع أن تُقرر بحاجتها أو رغبتها بالاستحمام، أو تغيير حفاضات الطفل، أو الذهاب في نزهة.
  • التفكير بإلحاق الأذى سواء بنفسها أو طفلها: كالتفكير بالانتحار أو إيذاء الطفل، ويُعتبر التفكير بايذاء النفس أو الرضيع من الأعراض المتقدمة والخطيرة لاكتئاب ما بعد الولادة.

مراجعة الطبيب

في سياق الحديث عن علامات اكتئاب ما بعد الولادة، يجدر التنبيه إلى ضرورة مراجعة الطبيب المختص في حال ظهور أي أعراض ترتبط بالمعاناة منه، ونخص بالذكر ضرورة مراجعة الطبيب في الحالات التالية:[10][4]

  • الإحساس بكآبة وحزن شديد، أو زيادة الشعور بالاكتئاب سوءاً مع الوقت.
  • مواجهة صعوبة بالغة في العناية والاهتمام بالرضيع.
  • وجود صعوبة ملحوظة في إتمام المهام اليومية.
  • الشعور بالاستسلام، أو أنّ الحياة لا تستحق العيش.
  • استمرار أعراض الاكتئاب طوال اليوم ولعدة أيام متتالية.
  • استمرار ظهور أعراض الاكتئاب لفترة تمتد لأكثر من أسبوع أو أسبوعين.
  • التفكير بالانتحار وإيذاء النفس أو إيذاء الرضيع.

علامات اكتئاب ما بعد الولادة عند الرجال

حقيقةً من الممكن أن يُصيب اكتئاب ما بعد الولادة أو حتى اكتئاب الحمل الآباء أيضاً، وتزداد نسبة الإصابة بهذا النوع من الاضطرابات بعد ثلاثة إلى ستة أشهر من الولادة، وعلى الرغم من عدم معرفة السبب الرئيس الذي يكمن وراء معاناة الآباء من هذا النوع من الاكتئاب إلا أنّه يُعتقد أنّ للتاريخ العائلي دورًا في ظهوره، وعلى أية حال فإنّ من أعراض وعلامات اكتئاب ما بعد الولادة عند الرجال: الشعور بالحزن، والعصبية المفرطة، والقلق الشديد، فضلًا عن احتمالية حدوث تغيرات على مستوى الشهية وطبيعة النوم، ويمكن القول باختصار إنّ أعراض وعلامات اكتئاب ما بعد الولادة التي تظهر على الآباء تتشابه كثيرًا مع تلك التي تظهر على النساء المصابات بهذا النوع من الاضطراب النفسي، ومن عوامل الخطر التي تزيد فرصة ظهور هذا الاضطراب لدى الرجال: وجود تاريخ للإصابة بالاكتئاب، أو مواجهة مشاكل على مستوى العلاقة الزوجية، أو مواجهة تحدّيات وصعوبات ماديّة، وعلى أية حال فإنّه يجدر بالآباء الذين يُعانون من أيّ أعراض ترتبط بالاكتئاب مراجعة الطبيب المختص لاتخاذ الإجراء المناسب.[11][4]

الهوامش:

(*) الاضطراب ثنائي القطب: يتمثل هذا النوع من الاضطرابات النفسية بحدوث نوبات من الاكتئاب وأخرى من الهوس، ويُعاني فيها المصاب من تغيرات في مستوى الطاقة والقدرة على ممارسة الأنشطة بما في ذلك الأنشطة والمهامّ اليومية.[12]

(*) الاضطراب الفصامي العاطفي: وهو اضطراب نفسي يجمع بين حالتين من المشاكل النفسية، وهي المشاكل التي تُرافق المصاب بفُصام الشخصية والمشاكل المرتبطة بالمزاج، بمعنى أنّ الشخص قد يُعاني من الفصام إلى جانب الاكتئاب أو الهوس الشديد، ومن أعراض الفصام الهلوسة والوهام.[13]

فيديو اكتئاب ما بعد الولادة

شاهد الفيديو لتعرف أكثر عن اكتئاب ما بعد الولادة:

المراجع

  1. ^ أ ب ت "Postpartum depression", www.womenshealth.gov, Retrieved 5-12-2019. Edited.
  2. ^ أ ب Adam Felman, "What to know about postpartum depression"، www.medicalnewstoday.com, Retrieved 5-12-2019. Edited.
  3. ↑ "Trends in Postpartum Depressive Symptoms", www.cdc.gov, Retrieved 5-12-2019. Edited.
  4. ^ أ ب ت "Postpartum depression", www.mayoclinic.org, Retrieved 8-12-2019. Edited.
  5. ↑ Melinda Smith, M.A. and Jeanne Segal, Ph.D. Reviewed by Anna Glezer, M.D, "Postpartum Depression and the Baby Blues"، www.helpguide.org, Retrieved 6-12-2019. Edited.
  6. ^ أ ب "postpartum psychiatric disorders", womensmentalhealth.org, Retrieved 6-12-2019. Edited.
  7. ↑ "Postpartum Depression Facts", www.nimh.nih.gov, Retrieved 9-12-2-19. Edited.
  8. ↑ Janet Peters, "Postnatal depression"، www.mentalhealth.org.nz, Retrieved 10-12-2019. Edited.
  9. ↑ "8 Warning Signs of Postpartum Depression", www.webmd.com, Retrieved 10-12-2019. Edited.
  10. ↑ "Postpartum Depression", kidshealth.org, Retrieved 10-12-2019. Edited.
  11. ↑ "Dads Get Postpartum Depression, Too", www.webmd.com, Retrieved 18-12-2019. Edited.
  12. ↑ "Bipolar Disorder", www.nimh.nih.gov, Retrieved 18-12-2019. Edited.
  13. ↑ "Schizoaffective disorder", www.mayoclinic.org, Retrieved 18-12-2019. Edited.