-

مفهوم الخلافة والشورى

(اخر تعديل 2024-09-09 11:28:33 )

مبدأ الشورى

لقد جاء الإسلام بتشريعاتٍ شاملةٍ لجميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فلا يمكن إقامة دولة عظيمة بإهمال أيّ جزءٍ فيها أو عدم وجود الانسجام بين هذه الأجزاء والجوانب، وقد راعى الجانب السياسي لأن قوة الدولة تعتمد عليه، فجاء بمبدأ الشورى، وهو مبدأ إنسانيّ عظيم يحترم إنسانية الإنسان ويقدرها، ويعطي الشخص حرية اختيار القائد، وبناءً على الشورى ظهر مفهوم الخلافة.

وقد اختلفت آراء الفقهاء حول آلية تطبيق مبدأ الشورى في الدولة ولكن يبقى أفراد المجتمع هم المسؤولون عن الخروج بمن ينوب عنهم.

تعريف الشورى والخلافة

الشورى هي طلب الرأي من أهل الاختصاص، أو ممن هم أهلٌ له، أو استطلاع رأي الأمة في من ينوب عنهم لتحقيق مصالحهم الخاصة والعامة، وقد كان النبيّ من أكثر الذين طبقوا مبدأ الشورى في حياة المسلمين، ومثال ذلك عندما شاور النبي أصحابه في معركة أحد حول البقاء في المدينة أو الخروح لملاقاة الكفار وقتلهم، فكان رأي النبي البقاء في المدينة ولكن رأي الأغلبية من المسلمين الخروج لقتالهم، فاتبّع النبي رأي الأغلبية وخالف رأيه، قال تعالى واصفاً المعركة: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)[آل عمران:159].

بينما جاء مفهوم الخلافة من المصدر خلف يخلف، ويقال خلفه خليفته وبقي بعده، بينما جاء تعريفها اصطلاحاً إلى تولّي أحد من المسلمين شؤونهم السياسية وحراسة الدين والشؤون الدنيوية بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلّم، وقد سُمّي خليفةً لأنه خلف النبي صلى الله عليه وسلم.

ظهور الخلافة

قد ظهرت الخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث إنَّ المسلمين تفاجؤوا بخبر وفاته عليه السلام فتفرّقت صفوفهم بين من هو مصدّق ومكذّب، ولكن ثبّت الله تعالى قلب أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه وكان قادماً من خارج المدينة؛ حيث إنّه استأذن من النبي في الليلة التي تسبق وفاته عليه الصلاة والسلام بأن يخرج إلى إحدى زوجاته خارج المدينة، وعندما وصل المدينة في اليوم التالي وسمع بخبر الوفاة دخل على النبي وتأكّد من الخبر، ثم خطب بالناس وهدأ من روعهم ولمَّ شملهم وعادوا صفاً واحداً.

بعد الانتهاء من دفن النبي -صلى الله عليه وسلم- اجتمع المسلمون من أجل اختيار قائد لهم ليتابع أمور الدولة الإسلاميّة ويُراعي شؤونها، فكان المبدأ الذي اعتمدوا عليه مبدأ الشورى ليقع الاختيار على أبي بكرٍ الصديق وبداية خلافة الراشدين، وبعده تشاور المسلمون اختاروا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهكذا.